بيروت (وكالات)
احتشد المتظاهرون، أمس، في أنحاء لبنان، تحت شعار «أحد التكليف»، في استمرار للحراك الشعبي، وسط غضب من توقيف 5 شباب، بينهم 3 قاصرين قبل إطلاق سراحهم من جانب قوات الأمن، واحتجاجات أمام سفارة الولايات المتحدة رفضاً للتدخل الأميركي في شؤون البلاد.
وسعى المتظاهرون في «أحد التكليف» إلى إيصال رسالة تطالب فيها الجماهير الطبقة السياسية الحاكمة بالتعجيل في تشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة سعد الحريري الذي قدم استقالته في أواخر أكتوبر الماضي.
ويطالب الحراك الشعبي اللبناني، الذي دخل يومه الـ40، بتشكيل حكومة تكنوقراط ترتكز مهمتها الأساسية في إجراء إصلاحات والتحضير لانتخابات مبكرة، وتستعيد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.
وبالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية، ظهرت دعوات من أجل القيام بإضراب عام اليوم.
وأوقفت القوى الأمنية اللبنانية الشباب الخمسة لإزالتهم لافتة للحزب الذي يتزعمه رئيس الجمهورية شرق بيروت، قبل أن تعود وتفرج عنهم لاحقاً وفق محامين، إثر موجة انتقادات غاضبة.
وأفادت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان، على صفحتها على فيسبوك، بأنه جرى «توقيف 5 شباب من ضمنهم 3 قاصرين في بلدة حمانا من قبل النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، على خلفية إزالة لافتة لمركز للتيار الوطني الحر». وقالت اللجنة: «جرى توقيف هؤلاء الفتية، من قبل مخابرات الجيش قبل أن يطلق سراحهم فجراً بعد أخذ إفاداتهم» وهو ما نفاه الجيش.
وأوضح الجيش أنه تسلم الموقوفين الخمسة، وبينهم اثنان في الـ15 من العمر وآخر في الـ12 من العمر، من شرطة بلدية حمانا، قبل تسليمهم إلى قوى الأمن الداخلي.
وأثارت القضية غضب الناشطين الذين انتقدوا على وسائل التواصل الاجتماعي توقيف أطفال، وكتب أحدهم «يسقط نظام يعتقل الأطفال»، وعلّق آخر «حين يهز طفل في الـ12 من العمر عرش الدولة، اعلم أن الدولة فاسدة».
وتداول ناشطون دعوات للمشاركة في تظاهرة أمس، تحت عنوان: «أحد التمزيق».
وخلال أسابيع من الحراك الشعبي، أوقفت القوى الأمنية عشرات المتظاهرين قبل أن تطلق سراحهم، وقد بدت آثار ضرب على عدد منهم. ووثقت لجنة المحامين خلال الشهر الأول من التظاهرات توقيف 300 شخص بينهم 12 قاصراً قبل أن يتم إطلاق سراحهم خلال 24 أو 48 ساعة من توقيفهم.
لكن لا تزال مجموعة من 11 شخصاً، بينهم قاصران، موقوفين في قضية اقتحام فندق في مدينة صور، جنوب البلاد، خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات.
بيان الجيش
وقال الجيش اللبناني في بيان «إن مديرية المخابرات لم توقف هؤلاء، بل تسلّمتهم من بلدية حمانا بعدما أوقفتهم شرطتها التي كانت تقوم بدوريات مكثّفة بعد سلسلة حوادث شهدتها المنطقة وقيام مجهولين بإحراق مبنى أوجيرو، ومحاولة إحراق مركز التيار الوطني الحر».
وأضاف البيان: «التزاماً بالتعليمات فإن مديرية المخابرات قامت بتسليم هؤلاء الفتية، إلى الشرطة العسكرية التي سلّمتهم بدورها إلى قوى الأمن الداخلي استناداً لإشارة القضاء المختص».
ويقول ناشطون إن الأجهزة الأمنية تلقي القبض على من يتظاهر ويعبر بشكل سلمي، لكنها لم تلق القبض حتى الآن على من أطلق النار واعتدى على الناس في الساحات وأحرق خيامهم.
ويؤكد الناشطون أن صور الزعماء ليست مقدسة، ويضيفون أن هذا الأمر يسري أيضاً على لافتاتهم الحزبية والفئوية.
وقال المحامي نزار صاغية: «نداء لجميع الزعماء والأحزاب، بادروا إلى نزع صوركم ولافتاتكم لأن بقاءها هو بمثابة احتلال غير قانوني للفضاء العام، وجنبوا أنفسكم المهانة فغداً أطفال (حمانا) سيصبحون آلاف الأطفال في كل مكان».
مظاهرة أمام السفارة
إلى ذلك، تظاهر محتجون، أمس، أمام السفارة الأميركية في «عوكر» شمالي العاصمة بيروت، وسط إجراءات أمنية مشددة. ويأتي التحرك احتجاجاً على ما وصفه بـ«تدخل السفارات في الشأن اللبناني». ويعترض المتظاهرون على تصريحات للسفير الأميركي الأسبق جيفري فيلتمان، تناول فيها التطورات السياسية والأمنية في البلاد مؤخراً. ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية. ويبدو الحراك عابراً للطوائف والمناطق، ويتمسك المحتجون بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء، لاتهامها بالفساد وبنهب الأموال العامة. ومنذ بدء الحراك الشعبي، تشهد أيام الأسبوع تحركات احتجاجية عدة، تشمل اعتصامات أمام مؤسسات رسمية ومصارف، ولكن عادة ما تحصل التظاهرات الأكبر والتي تملأ الساحات يوم الأحد.
مطالب بيئية على لائحة الحراك الشعبي
شقّ مئات المواطنين اللبنانيين طريقهم، بين الأشجار في منطقة مرج بسري، وهم يهتفون بصوت واحد ضد مشروع إقامة سد على أراض زراعية غنية، مدعومين من حراك شعبي عارم يجتاح لبنان منذ أكثر من شهر، احتجاجاً على الطبقة السياسية الحاكمة. ونفخ الحراك الشعبي الذي يعمّ جميع المناطق اللبنانية، روحاً جديدةً في كثير من الحملات الوطنية الحقوقية والاجتماعية والبيئية في البلاد، وبينها الحملة ضد مشروع يموله البنك الدولي لبناء سد هدفه توفير مياه الشفة لبيروت في منطقة مرج بسري جنوب شرق العاصمة.
ومنذ التاسع من نوفمبر، باشر ناشطون بيئيون وأهالي المنطقة سلسلة تحركات ضد المشروع، الذي يعود عمره لسنوات، رافعين احتجاجات اقتصادية وبيئية عليه. وجرى خلال العام الجاري، إغلاق المنطقة أمام المواطنين قبل أن تبدأ عمليات قطع الأشجار، وفق ناشطين.وبعد سلسلة اعتصامات وتظاهرات فتح الأمن مدخل المنطقة المزمع بناء السد فيها، حيث تم نصب خيمتين للمعتصمين. ونظم الناشطون مسيرة ضخمة في مرج بسري، سار خلالها مئات المواطنين 20 كيلومتراً.
وعلى هامش مشاركته في المسيرة، يقول رولاند نصور، المنسق العام لـ«الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري»: «نعتبر حملتنا جزءاً أساسياً لا يتجزأ من الثورة في لبنان»، مشيراً إلى أن فتح المرج للمرة الأولى منذ أشهر إنجاز للثورة».