عمرو عبيد (القاهرة)
عندما يقرر لاعب كرة القدم الانتقال من فريق إلى آخر، فإنه عادةً ما يبحث عن الفوز بالألقاب أو المال، أو الشعور بالراحة النفسية والاستقرار، لكن البعض يهوى التنقل والترحال بين عشرات الأندية خلال مسيرته الكروية القصيرة في أغلب الأحوال، ولا يحقق هؤلاء الرحالة الكثير من الإنجازات بسبب عدم الاستقرار واتخاذ قرار الانتقال بعشوائية، والدليل الأكبر على ذلك، هو أن أفضل لاعبي العالم في الحقبة الحالية فضلوا الاستقرار والتركيز مع فريق واحد، فحققوا إنجازات أسطورية، مثل ليو ميسي الذي يدافع عن ألوان البارسا منذ ما يقارب 15 عاماً، وكذلك كريستيانو رونالدو الذي ارتدى قمصان 4 فرق فقط خلال الفترة ذاتها، فكل التجارب أثبتت أن كثرة الانتقال بين الأندية، لا تحقق نجاحاً لصاحبها، خصوصاً على صعيد أنه لا يجد انتماءً لنادٍ بعينه، وبالتالي يصعب عليه أن يجد عملاً في مجال الكرة، لكونه غير محسوب على نادٍ، فضلاً عن كون كثرة الترحال تجعل بصمات صاحبها غير واضحة، ولذا يعاني في الغالب من تجاهل إعلامي، باعتباره قد فضل البحث عن المال في مرحلة مهمة من رحلته الكروية.
والأمر لم يقتصر على العدد الكبير من الأندية التي لعب لها بعض الرحالة، بل تجاوز ذلك إلى قطع آلاف الأميال من أجل التنقل بين دول ومدن القارات المختلفة، ويأتي الحارس الألماني لوتز بفاننشتيل في صدارة هذه القائمة، بعدما قطع ما يزيد على 145 ألف ميل من أجل ارتداء قمصان 25 فريقاً، خلال 20 عاماً قضاها في الملاعب، ولم يلعب المدير الرياضي الحالي لفريق هوفنهايم الألماني لأي من الفرق العالمية الكبرى، رغم أن بايرن ميونيخ أراد ضمه إلى صفوفه في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، بعد تألقه مع الماكينات تحت 17 عاماً، إلا أن لوتز رفض ذلك بحجة أنه لن يكون الحارس الأول وسيبقى احتياطياً، والحقيقة أنه لم يحقق أي إنجاز يذكر في مسيرته التي جاب خلالها خمس قارات، ولعب في 13 دولة مختلفة وتنقل بين 22 مدينة، وربما لو التحق بفاننشتيل بصفوف البافاري، لوضع اسمه في مكان لائق مع الكبار!
الأسطورة الآيرلندية، جورج بيست جاء في المركز الثاني بعد لوتز، بعدما تنقل عبر 95 ألف ميل للدفاع عن ألوان 18 نادياً خلال 19 عاماً، لكن بيست يعتبر حالة غريبة جداً، لأنه صنف ضمن أساطير مانشستر يونايتد الذين فازوا بلقب الدوري مرتين، بجانب دوري الأبطال في منتصف ستينيات القرن العشرين، والأكثر غرابة أنه لعب للشياطين 9 سنوات، بينما سافر عبر 16 مدينة مختلفة في 10 سنوات فقط مع أندية كثيرة لم يحقق معها أي لقب، وتراجعت معدلاته التهديفية كثيراً في ذلك الوقت، رغم أنه رحل عن صفوف المان وهو في الثامنة والعشرين من عمره فقط.
قد يقول البعض إن تلك الحقبة القديمة خضعت لمقاييس كروية وزمنية مختلفة تماماً عن العصر الحالي، لكن الأوروجواياني سيباستيان أبريو أكد أن عامل الزمن، وتغيير الأفكار، وسيطرة الاحتراف على الكرة لا تعني شيئاً، إذ تنقل المهاجم اللاتيني بين 27 نادياً محترفاً منذ عام 1995 حتى الآن، حيث يلعب حالياً في صفوف ديبورتي ماجالانيس التشيلي، محطماً الرقم القياسي المسجل باسم الألماني بفاننشتيل من حيث عدد الأندية التي لعب لها، وقطع أبريو ما يزيد على 88 ألف ميل للعب في صفوف هذه الفرق خلال الحقبة الحالية، ورغم أنه التحق بفريقي ديبورتيفو لاكورونيا وريال سوسييداد الإسبانيين، إلا أنه يمتلك 7 ألقاب للدوري في الأرجنتين وأوروجواي والسلفادور، ويعتبر أكبر إنجازاته الكروية هو حصد لقب كوبا أميركا عام 2011 مع السيليستي، ويبلغ أبريو من العمر حالياً 41 عاماً، إلا أنه لا يزال يواصل رحلته الطويلة التي زار خلالها 20 مدينة حتى الآن!
ومن الأسماء الشهيرة التي دخلت قائمة الرحالة، النجم البرازيلي الكبير ريفالدو، بطل مونديال 2002 مع السليساو، ولعب صاحب القدم اليسرى الخارقة لـ14 نادياً، أهمها برشلونة بين عامي 1997 و2002، ثم انتقل بعدها إلى ميلان حتى عام 2004، أما في الفترات السابقة أو اللاحقة لهاتين الفترتين، فقد لعب للعديد من الأندية البرازيلية واليونانية وكذلك في أوزبكستان وأنجولا، وإذا كان ريفالدو سافر عبر 38 ألف ميل للعب كرة القدم، إلا أن ميلاً واحداً كان كافياً لتحقيق شهرته مع البارسا، والفوز بالدوري، والكأس في إسبانيا، إلى جانب السوبر الأوروبي، قبل أن يرحل من أجل حصد لقب دوري الأبطال مع ميلان.
وهناك العديد من النجوم الكبار الذين قطعوا ملايين الكيلومترات أيضاً للانتقال بين صفوف العديد من الأندية، منهم البرازيليان روبرتو كارلوس الذي لعب لـ9 أندية، ورونالدينيو الذي ارتدى قمصان 8 فرق، وكذلك الفرنسي تريزيجيه صاحب رحلة الـ32 ألف ميل، والإيفواري دروجبا الذي سافر عبر 3 قارات، وأيضاً الكاميروني إيتو الذي حقق العديد من الإنجازات العالمية بعد الرحيل عن القارة الأفريقية، مقارنة بالمصري ميدو الذي غادر القارة السمراء في عام 2000 ليلعب في صفوف 10 فرق أوروبية مختلفة، لكن حصاده اقتصر على 3 بطولات هولندية فقط!