عدد اليوم
هناء الحمادي (أبوظبي)
صفاء النقبي، ابنة وحيدة كان الطب حلم طفولتها، لتصبح «طبيبة نساء وولادة»، ومع مرور الوقت كبر حلمها، إلا أنه فجأة استحال إلى كابوس، عندما علمت أنها مصابة بـ«سرطان الدماغ»، حيث نزل عليها الخبر كالصاعقة، لتبدأ رحلة العلاج بإرادة وتحد، دون أن تتنازل عن حلمها بدراسة الطب، وارتداء «البالطو الأبيض»، وقد أخبرت طبيبها أن دراستها للطب سوف تسعدها وتبهج روحها وتساعدها على مواجهة المرض، رغم آلام العلاج الكيماوي بإحدى مستشفيات المملكة المتحدة على مدار عام ونصف.
صفاء تحدت الألم، إلا أنها اضطرت إلى تأجيل دراستها لمدة عام، وتخلفت عن الانضمام مع صديقات الدراسة، فحزنت وتألمت، لكنها لم تفقد الأمل في الشفاء، وتقول «استكملت مسيرة العلاج في المملكة المتحدة، ثم عدت للوطن، لكن حالتي انتكست واضطررت لإجراء عملية طارئة، حتى تجاوزت الخطر بعد شهر قضيته في العناية المركزة».
تحقيق الحلم
تسترجع النقبي رحلة العلاج، وأحلامها وآلامها، موضحة: «السرطان صفحة من الألم والأمل في حياتي، فالصدفة من كشفت لي المرض، حين كنت أشكو من أمرٍ ما وأجريت بعض التحاليل التي أكدت إصابتي، فتألمت وحزنت وشعرت بحرقة الألم، لكني قررت البدء في رحلة العلاج وبدأت جلسات الكيماوي والخضوع لبعض العمليات الجراحية إلى أن وصلت لجلسة الكيماوي الأخيرة، حينها تيقنت أن الحياة رحلة، إما أن تخط طريقك بتعثر وثقل وألم، وإما أن تحلق سريعاً فوق عثرات الحياة، بجناحي الصبر والإرادة، والثقة في الوصول إلى بر الأمان. وتضيف بفخر «حاربت مرض السرطان وانتصرت».
إرادة حديدية
عاشت صفاء أياماً غير صافية حافلة بمواعيد المستشفى ومتطلبات الدراسة التي لم تجعلها تفكر في مرضها ومصيرها، ولم تهتم بنظرات الشفقة التي تحاصرها واتجهت إلى التفكير في الغد مهما كان، حتى تحقق حلمها بدراسة الطب وتخرجت بتفوق وارتدت «المعطف الأبيض» وذهبت به إلى طبيبها المعالج وهي في السنة الثالثة، وعن ذلك تقول «قلت له لقد فعلتها.. أنا اليوم أسير نحو تحقيق حلمي كطبيبة، فرأيت نظرات الفخر في عينيه، وقال لي: أنت تمتلكين إرادة من حديد، وذات يوم ستكونين من زملاء المهنة».
وتضيف «بالفعل تخرجت وأصبحت طبيبة في وزارة الصحة، وحصلت على دبلومة في زراعة وتجميل الأسنان، ثم ماجستير في الاستراتيجية وتطوير البنية التحتية، واختتمت مسيرتي بالدبلوم المهني في العمل البرلماني من جامعة الشارقة، مؤكدة بكل ثقة «مادام هناك حياة.. هناك أمل».
عالم التطوع
ولا تخفي صفاء النقبي شغفها بعالم التطوع والعطاء، وقناعاتها بأن كل إنسان بداخله بذرة خير قد تزيد وتتأجج بدعم من البيئة التي يعيش فيها، لذا اقتحمت عالم التطوع منذ عام 2014 كمتطوعة في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي فرع الشارقة، وعن ذلك تقول «شاركت في العديد من العمليات التطوعية التي ينظمها الهلال الأحمر الإماراتي، واكتسبت العديد من المهارات العلمية والطبية والاجتماعية، لما في ذلك من قيم يجب أن تغرس في نفوس الأطفال منذ نعومة أظفارهم، لتعود على المجتمع وعلى الشخص نفسه بالنفع وإسعاد الآخرين، وقد اكتسبت الكثير من الخبرات عبر اللجان التطوعية، وأفكر حاليا في الانتقال إلى إلقاء المحاضرات والدورات في هذا المجال، لأقدم فيها عصارة تجاربي.
رسالة أمل
عبر حسابها في «إنستغرام»، تبث د. صفاء النقبي رسالة أمل لأصدقاء محاربي السرطان، قائلة «أنتم أفضل بكثير مما تتصورون، أنتم محاربون ولستم مرضى، هذه معركتكم، حاربوا وانتصروا ما دمتم تُكافحون وتسعون إلى ما تريدون فأنتم أشخاص عظماء، وما الابتلاء إلا حب من الله، ستُشفون وستُسعدون، وتنسون أن المرض قد طرق جسدكم يوماً.
