17 يوليو 2012
دينا جوني (دبي) - قال الدكتور عبد اللطيف الشامسي مدير عام معهد التكنولوجيا التطبيقية أن المناهج المتطورة في ثانويات التكنولوجيا التطبيقية بمختلف إمارات الدولة، تتسم بتطبيقها لمنظومة تعليم تكنولوجي قادرة على صناعة الموهبة المتخصصة في عالم الهندسة والتكنولوجيا. وأكد على أن الإمارات زاخرة بالكثير من المواهب الشابة الواعدة والقادرة على لعب الدور الابرز ضمن الكوادر الإماراتية العاملة في مختلف القطاعات الهندسية والبترولية والكهربائية وغيرها من قطاعات الطاقة والصحة والطيران،لافتاً الى أن المعهد يتعامل من خلال المناهج المشار اليها مع جميع طلبته كموهوبين لديهم الكثير من القدرات والإمكانات التي يتم إكتشافها من خلال منظومة التعليم التكنولوجي.
جاء ذلك في الكلمة التي قدمها الدكتور عبد اللطيف الشامسي أمس خلال الندوة التي أقيمت ضمن فعاليات المؤتمر الآسيوي الثاني عشر للموهوبين، وأدارتها الدكتورة مناهل عبدالرحمن ثابت رئيسة اللجنة العلمية بالمؤتمر، بمشاركة الدكتورة هيا عبد العزيز العواد وكيلة وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية ، والدكتور مانابو سوميدا من جامعة ايمي اليابانية.
وقال خلال الندوة إن المنظومة التعليمية في كثير من الدول ما زالت تعاني من مشاكل كثيرة من بينها عزوف الشباب عن التعليم العلمي ووجود فجوة بين الدراسة النظرية من علوم ومعارف وبين الجانب التطبيقي في الحياة العملية، إضافة إلى جمود العملية التعليمية التي تعتمد على الأساليب التقليدية في التدريس من دون مراعاة لشخصية الجيل الجديد الذي عاصر الثورة المعلوماتية وتطور الانترنت. وأشار الى أنه من أهم الأسباب الطاردة للبيئة التعليمية عدم توفر المسارات الدراسية التي تتفق مع ميول الطالب و قدراته الأكاديمية والعملية، وانعدام منظومة الارشاد الأكاديمي والتوعية المهنية التي تساعد الطالب على اختيار المسار المناسب لميوله وقدراته، والذي غالبا ما يؤدي إلى الاعتقاد النمطي لدى كثير من الطلبة أن غاية الاستمرار في التعليم هو الحصول على الشهادة الأكاديمية كهدف أوحد من دون أي اعتبار للتعلم كطريق للنجاح في الحياة العملية.
إلى ذلك، واصل مؤتمر دول آسيا والمحيط الهادي الثاني عشر للموهبة أعماله أمس ولليوم الثالث على التوالي، وسط حضور مكثف وتفاعل غير مسبوق من جانب آلاف المسؤولين ونخب التربويين والمتخصصين والمهتمين بالشأن التعليمي وقضايا الموهوبين.
وتحدث معالي الدكتور علي بن عبد الخالق القرني مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج في جلسة العمل الرئيسة للمؤتمر عن قضية الموهبة والموهوبين، وفي بداية الجلسة أثار الدكتور القرني مجموعة من علامات الاستفهام التي دارت حول علاقة الموهبة بالتفوق والإبداع والذكاء، فيما دعا إلى إنشاء كيان خليجي لتنسيق جهود رعاية الموهوبين في الدول الخليجية وإعداد السياسات وتبادل الخبرات، منوهاً إلى أن مكتب التربية العربي سيعمل على إنشاء هذا الكيان، وسيبادر بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات المعنية لتكوينه.
ودعا معالي الدكتور علي بن عبد الخالق القرني مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج المختصين في دول الخليج إلى تنظيم الجهود المبذولة الموجهة للموهوبين والعمل على توظيف الاستثمار المعرفي “ استثمار العقول “ من أجل النهوض بالبلاد على الصعد كافة، كما طالب بمراجعة شاملة للسياسات والتشريعات الحالية، وجعلها أكثر مرونة وسرعة في التعامل مع قضايا الموهوبين.
وقال : “ علينا استثمار الثورة التقنية وتوظيفها باحتراف في رعاية الموهوبين ووضع برامج طموحة لتدريب المعلمين كونهم البوابة الرئيسة لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم مطالبا بضرورة تنسيق الجهود وتكامل الأدوار ولاسيما في جانب وضع الاستراتيجيات والبرامج والخطط المشتركة بين التعليم العام والتعليم العالي وتفعيل البرامج النوعية كبرامج التسريع حتى تتاح للطالب الموهوب دراسة بعض المقررات الجامعية، من بينها الرياضيات والعلوم والحاسب الآلي وغيرها، وذلك قبل التحاقه بالجامعة على غرار ما هو موجود في كثير من دول العالم “.
وشدد معالي الدكتور علي بن عبد الخالق القرني على قضية الاختراعات وأهمية تسجيلها والإشادة بمبدعيها وتبني الاختراعات والابتكارات، وتحويلها إلى منتج في سياق تحفيز وتشجيع المبدعين والمبتكرين.
وفي تشخيصه لوضع الموهوبين في دول الخليج، أكد معالي الدكتور علي بن عبدالخالق القرني مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج أن الدول الخليجية تعي جيدا أن كل ثرواتها الطبيعية ناضبة لا محالة وأن الثروة الحقيقية إنما هي في عقول أبنائها وعلى رأسهم موهوبوها، فيما تساءل ماذا سيحدث بعد خمسين عاماً.
وذكر أنه في الوقت الذي تتطلع فيه دول الخليج العربية إلى أن تصبح رائدة في المشروعات ذات التقنية العالية لمواجهة تحديات الاقتصاد العالمي الجديد، فإن مواطنيها الشباب الذين يمثلون النسبة الكبرى في المجتمعات الخليجية والذين يمتلكون قدرات عظيمة كامنة تمكنهم من أن يصبحوا قادة المستقبل ولبنات فاعلة في مجتمع المعرفة.
وقال إنه يتوجب على المؤسسات التعليمية العناية بذوي القدرات وأصحاب المواهب الخاصة، مشيراً الى ضرورة إيجاد المدارس التي تحتاجها طلبتنا كي يتبوأوا مكانتهم في عالم المستقبل.
وتوقف معالي الدكتور علي بن عبد الخالق القرني عند الحلول الممكنة لعلاج قضايا الموهوبين ووصفها في تشخيصه بالمبادئ العامة التي اتفق عليها الخبراء والنخب المتخصصة عالميا وهي “ السياسة التعليمية “ التي ينبغي أن يتم تعزيزها على مستوى كل دولة لإتاحة الفرص الكاملة أمام الأطفال الموهوبين على أن تتضمن السياسات التي ترسمها الدولة في هذا الشأن ما يتعلق بالخدمات الواجب توافرها، وكذلك تدريب المعلمين مع إلغاء السياسات التي تتضمن أية معوقات للنمو الأكاديمي، إضافة إلى “ المساءلة “ وهي المبدأ الثاني الذي يرى الدكتور القرني أن وجودها يتطلب تنظيم دقيق للعمليات التعليمية على أن يكون نظام المساءلة نفسه في المدارس.
أما المبدأ الثالث “ الكشف والخدمات “ فهو يتعلق بشرط مهم إذ يقول الدكتور القرني إن من المهم قبل تنفيذ إجراءات الكشف عن الموهوبين التحقق من إمكانية تقديم الخدمات الملائمة لمن يتم اكتشافه منهم وإلا فإن إجراءات الكشف عنهم تصبح جهدا ضائعا وإنجازا غير مجد، بل ربما تصيب الأطفال الموهوبين بالإحباط.
من جانبها، شددت الدكتورة مناهل ثابت رئيسة اللجنة العلمية ورئيس لجنة التوصيات في مؤتمر دول آسيا والمحيط الهادي الثاني عشر للموهبة 2012، على أن من أهم التوصيات التي يفترض أن يخرج بها المؤتمر هي توحيد تعريف مصطلح “الموهبة” في مختلف دول العالم.
وأوضحت أن بعض الدول تعرف الموهبة على أنها فطرية فقط، وأخرى تعرفها بأنها مكتسبة، فيما يقول البعض بأنها قدرات عقلية معينة سواء كانت علمية أو غير علمية، لافتة إلى ضرورة، وهذا توضيح ذلك، حتى يتمكن الوالدان من المساعدة في اكتشاف موهبة أبنائهم، وتبليغ المعنيين لانطلاق مرحلة التبني.
واستعرض الأستاذ الدكتور سيد أحمد كاسب من جامعة القاهرة مشروع “الطرق المؤدية إلى رعاية الطلبة الموهوبين والمتفوقين في المرحلة الجامعية” من خلال دراسة قدمها خلال إحدى جلسات المؤتمر.
وأوضح أن المشروع يراعي جوانب عدة، تتمثل في تنمية المهارات من خلال البرامج التدريبية والمناهج العلمية المعرفية والسلوكية والإدارية وريادة الأعمال.
وشرح تجربة جمهورية مصر العربية في انتخاب، واختيار منسقي الفصول التدريبية، وتشجيع التنافس عبر اختيار الطالب المثالي، واختيار أفضل فصل تدريبي، واختيار أفضل منسق للتشجيع على العمل الإبداعي بين الطلبة.
وينمي المشروع إبداعات الطلاب من خلال ملتقى سنوي تطوعي ينظمه الطلبة، يطلق عليه ملتقى “ريادة المستقبل” لدعم وتشجيع وربط الجامعة بسوق العمل.
ويطلق المشروع العنان لإبداعات ومشاركات الطلاب عبر دراسة، وتنفيذ كل مقتر ح من شأنه أن يحقق فائدة نوعية مثل إصدار مجلة إلكترونية للمشروع من الطلاب أنفسهم ولهم، ومسابقة شجرة المشروع الابداعية للمتميزين، وزيارات دور الأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة وزيارات المصانع والورش، واستضافة بعض أعمالهم في المعرض.
نموذج إماراتي للكشف المبكر عن الأطفال الموهوبين
في ورشة العمل المتخصصة التي قدمتها، وتناولت فيها موضوع “ تحديد ورعاية الموهبة عند الأطفال الإماراتيين” لفتت الدكتورة ليندا أندروز من جامعة جورجيا إلى وجود نموذج إماراتي للكشف المبكر عن الأطفال الموهوبين متمثل في إحدى رياض الأطفال الموجودة في أبوظبي. وذكرت أن المعلمات في هذه الروضة لديهم القدرات العالية التي تمكنهم من وضع الخطط التعليمية المناسبة للموهوبين في إطار مشروع متكامل يعتمد على معايير علمية تساعد في عملية اكتشاف الموهبة عند الأطفال ومن ثم تنميتها. وأشارت إلى أن المعلمات استطعن إجراء تعديلات على المناهج المقررة في الروضة بما يلبي احتياجات الأطفال، مؤكدة أن هذه الخطوة مكنت من توفير رعاية أفضل للموهوبين وأشعرت المعلمات في الوقت نفسه بالرضا.