23 يوليو 2011 21:31
عندما أعلنت الصين برنامجها الرائد لجعل عملتها أكثر عالمية في صيف 2009، وضعت في اعتبارها مناداة الشركاء التجاريين لها باستخدام اليوان في الصفقات التجارية عبر الحدود. وبالنظر إلى الزيادة في حجم التجارة في العملة أشار البنك وبعد مرور أكثر من عام، للبرنامج كواحد من الإنجازات. لكن لم يسر كل شيء حسبما هو مخطط له، حيث أحاطت هذا البرنامج بعض الآثار الجانبية المهمة غير المقصودة، مثل توفير الفرصة للمستثمرين والشركات للحصول على الأرباح من خلال الفرق في أسعار الفائدة بين الصين والدول الأخرى، وفتح الطريق للتدفقات النقدية لداخل البلاد.
كما أنه زاد بدلاً من أن يقلل، حجم الاحتياطات النقدية الأجنبية في الخزائن الصينية على عكس قصد بكين، عندما قامت بفتح اليوان للتجارة الخارجية. وفي المقابل، ربما يضيف ذلك لحرب الصين القاسية التي تخوضها للحد من معدل التضخم الذي بلغ 6%، في الوقت الذي يحتاج فيه “البنك المركزي” لطباعة المزيد من عملة اليوان لشراء الدولارات المتدفقة إلى الداخل.
ويعكس تعثر الصين وهي تحاول جعل عملتها أكثر قبولاً خارج حدودها، تناقض حاد في خططها الرئيسية، حيث تحاول السلطات الصينية إحكام قبضتها على قيمة اليوان من أجل إنعاش الصادرات، بينما في ذات الوقت تعمل على تشجيع المزيد من الشركات الأجنبية والمستثمرين لاستخدامه.
وتسعى الصين للحد من ارتفاع اليوان، وذلك من خلال التحكم لحد كبير في رفع قيمته، لكن خلّف برنامج عالميته الكثير من الضغوط عليه. ويقول العالم الصيني إسوار براساد استاذ السياسة التجارية في “جامعة كورنيل” “هناك نوع من الشد والجذب على المدى القريب بين التحكم في رفع قيمة اليوان، وبين زيادة حضوره في ساحة التجارة العالمية والصفقات التجارية”.
وأعلن “البنك المركزي” الصيني مؤخراً عن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي من 153 مليار دولار في الربع الثاني، إلى 3,2 تريليون دولار. وتُعزى 48 مليار دولار من هذه الزيادة أو ما يقارب الثلث، إلى قرار الصين بالسماح باستخدام اليوان في صفقات التجارة الخارجية. وأضاف البرنامج التجاري في الربعين الماضيين ما مجموعه 83,5 مليار دولار للاحتياطي النقدي الصيني. وهدفت الصين بالسماح باستخدام اليوان بحرية أكثر في الخارج، لزيادة الطلب عليه وتقليل كمية الدولارات المتدفقة للبلاد.
وتخطط الصين على المدى البعيد، إلى تحويل اليوان إلى عملة احتياطي عالمية يتم استخدامها في الاستثمارات والتجارة والقروض أُسوة باليورو والدولار. ويساعد قبول اليوان على نطاق واسع، الشركات الصينية على تخفيف مخاطر صرفه بالعملات الأجنبية. وتتخوف شركات التصدير على وجه خاص من أن يعرضها استمرار ارتفاع قيمة اليوان مقابل الدولار للخسارة، إذا تحتم عليها الدفع بالدولار الذي دائماً ما تتعرض قيمته للانخفاض.
وتم حسم ما يقارب 90% من تجارة الحدود في الربع الأول باليوان بإجمالي بلغ نحو 360,3 مليار يوان، أو ما يعادل 7% من تجارة الصين الكلية، حيث يتضمن ذلك الواردات، وذلك في إشارة واضحة إلى أن الطلب الخارجي على اليوان لم يحرز التقدم المطلوب. وشركة “شنجهاي فلاينج هورس للاستيراد والتصدير” المملوكة من قبل الحكومة والعاملة في مجال تصدير الملابس والمنسوجات، واحدة من ضمن أول مجموعة شركات مُصرح لها استخدام اليوان لحسم صفقاتها التجارية. لكن لا تزال معظم صادرات الشركة يتم حسمها بالدولار. ويقول مدير الشركة ماو شايهوا “من المؤكد أن حسم الصفقات باليوان في مصلحة الشركة مما يقلل تعرضها لمخاطر الصرف بالعملات الأجنبية. لكن لا يرغب عملاؤنا في أوروبا وأميركا في الدفع باليوان الفكرة التي يستبعدونها تماماً”. وتعني حقيقة استخدام الموردين لليوان، زيادة حجم الدولار في خزينة البنك المركزي الصيني. ويقول الاقتصادي الصيني يو يونج دينج والاستشاري السابق لـ “بنك الشعب الصيني” “لم يساعد حسم الصفقات التجارية باليوان الشركات الصينية حتى الآن على خفض مخاطر الصرف بالعملات الأجنبية، لكنه ساعد الشركات الأجنبية على خفضها”.
ووفقاً لبعض المصرفيين والمحللين، استخدمت عدد من الشركات أيضاً برنامج الحسم التجاري للحصول على الأرباح من خلال الفرق بين أسعار فائدة اليوان المرتفعة في الصين، وبين أسعار الدولار الأميركي المنخفضة في هونج كونج. ويمكن استخدام مثل هذه الصفقات من قبل المضاربين الذين يراهنون على ارتفاع اليوان، وإمكانية تأثيرها على الإضافة لاحتياطي الصين من الدولار.
نقلاً عن: وول ستريت جورنال
ترجمة: حسونة الطيب