هالة الخياط (أبوظبي)
حذرت هيئة البيئة في أبوظبي من تأثير الرعي الجائر على الغطاء النباتي ووفرة الثدييات والزواحف واللافقاريات وبما ينعكس سلبا على الأنظمة البيئية الطبيعية وفي جميع مستويات السلسلة الغذائية.
وكشفت دراسة أعلنت نتائجها هيئة البيئة مؤخرا أن الرعي الجائر في إمارة أبوظبي تسبب خلال عامي 2017 و2018 في انخفاض الغطاء النباتي بنسبة 85% في منطقة الظفرة و65% في منطقة أبوظبي عند مقارنة الموائل المرعية بالموائل المحمية. كما وجد التقييم تباينات كبيرة في وفرة الثدييات والزواحف واللافقاريات مع انخفاض الزواحف بنسبة 54% والثدييات بنسبة 51% في مواقع الرعي التي خضعت للتقييم في منطقتي أبوظبي والظفرة، مقارنة بالموائل المحمية.
وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري بالهيئة لـ«الاتحاد» إن «النتائج الأولية تشير إلى أنّ الانخفاض الشديد في مستوى النباتات نتيجة الرعي الجائر يؤثّر تدريجيًا في الأنظمة البيئية الطبيعية، وبالتالي في جميع مستويات السلسلة الغذائية وفي تدهور التنوع البيولوجي لدى الثدييات والزواحف واللافقاريات ووفرتها. بالإضافة إلى ذلك، قد تتأثر خصائص الأنظمة البيئية، بما يشمل احتباس المياه واستقرار التربة والنفاذية والانجراف وامتصاص الكربون، نتيجة انخفاض الكتلة الحيوية النباتية».
وأوضح أن النباتات الصحراوية وموائلها في أبوظبي تعتبر ثروة طبيعية وطنية ذات قيمة منذ عدة قرون. فالنباتات المحلية تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز التنوع البيولوجي في بيئتنا المحلية وتوفير الغذاء والمأوى للحياة البرية بالإضافة إلى حماية التربة من عوامل التعرية واستخداماتها في الطب التقليدي والتي تشكل جميعها تراثنا وهويتنا الثقافية والبيئية.
ولمواجهة هذا التحدي، قال الهاشمي إن هيئة البيئة تعمل بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين في 9 جهات حكومية، لدراسة وضع المراعي وإعداد سياسة ولوائح ونظم مبنية على نتائج الدراسة من شأنها الحفاظ على استدامة الغطاء النباتي في إمارة أبوظبي. كما تعمل على تحديث قانون الرعي ولائحته التنفيذية، وتطوير سياسة للرعي المستدام بالإمارة، وإعداد دليل ارشادي لاستدامة المراعي، كما تم العمل بشكل حثيث مع باقي الجهات المعنية بهذا الصدد (دائرة التخطيط العمراني والبلديات، وهيئة الزراعة والسلامة الغذائية) على إدراج الاشتراطات البيئية ضمن اشتراطات استحقاق العزب. بالإضافة إلى التواصل مع المجتمع المحلي بهدف توثيق الممارسات التراثية التقليدية في هذا المجال من أجل الحفاظ على الرعي كموروث ثقافي وطبيعي.
كما بدأت الهيئة سلسلة من ندوات المجالس المجتمعية لرفع مستوى وعي المجتمع بأهمية البيئة البرية والمهددات التي تساهم في الإضرار بها. وأكد الهاشمي أن الرعي غير المنظم يعد أحد أكبر المخاطر التي تهدد النظم البيئية الصحراوية في دولة الإمارات بالإضافة إلى ضغوط التنمية وتغير المناخ، إلى جانب عمليات «تقشيع» (إزالتها من الجذور) النباتات البرية والتحطيب والسماح للحيوانات بالرعي في قطعة معينة من الأرض لفترة طويلة تفوق قدرة تحمّل هذه الأرض، مما يؤثر في التنوع البيولوجي عبر الحدّ من التنوع النباتي في المنطقة، والقضاء كلياً على بعض أصناف النباتات وتحويل الأراضي إلى أراضٍ جرداء والسماح لأصناف أخرى من النباتات غير المستساغة بأن تنمو وتطغى على غيرها وتغير التوازن الطبيعي في النظام البيئي. وأكد الهاشمي أن الرعي الجائر وغير المنظم بطريقة مباشرة وغير مباشرة يؤثر على الموارد الطبيعية للبيئة بحيث يستنزف الغطاء النباتي ويؤدي إلى تدهوره وبالتالي يؤدي للتصحر.
وتأتي أهمية الغطاء النباتي الصحراوي في وظائفه اللامحدودة من حيث تثبيت التربة ووقف زحف الرمال، كما يساهم في حماية منسوب وتركيز المياه الجوفية، بالإضافة إلى كونه يوفر بيئة مثالية وملاذاً للعديد من الكائنات الحية بدأً بالحشرات حتى الزواحف والثدييات. وبالتالي فإن غياب هذا الموئل الصحراوي المهم يتسبب في غياب سلسلة طويلة من الكائنات الحية والتنوع البيولوجي والتي بدورها تلعب دوراً مهماً في المحافظة على توازن البيئة. ومن أكثر المناطق المتضررة من الرعي الجائر هي تلك التي تقع بالقرب من مواقع العزب. ومن أهم الموائل الصحراوية الرئيسية في إمارة أبوظبي التي يكثر فيها نشاط الرعي والمصنفة حسب دليل إمارة أبوظبي لتصنيف وحماية الموائل الـ«حرجة أو حساسة» هي السيوح (السهول الرسوبية) والكثبان الرملية ذات غطاء من الشجيرات والنباتات المعمرة والكثبان الرملية مع شجر الغاف.