السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«خير» ذو مقاصد سامية في الدنيا والآخرة

«خير» ذو مقاصد سامية في الدنيا والآخرة
21 يوليو 2011 19:33
قال الحكماء: من اعطي العلم والقرآن ينبغي ان يعرف نفسه ولا يتواضع لاهل الدنيا لاجل دنياهم فإنما اعطي افضل مما اعطي اصحاب الدنيا لان الله تعالى سمى الدنيا متاعا قليلا وسمى العلم والقرآن خيرا كثيرا، وقال القرطبي: القرآن خير لانه هو جوامع الكلم. وقال ابوالسعود والزمخشري ان “الخير” هو احد اسماء القرآن الكريم، وقال بذلك كثير من العلماء والمفسرين استنادا لقول الله تعالى :”ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين ان ينزل عليكم خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم” سورة البقرة- الآية 105، وقوله تعالى:” يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا اولو الالباب” سورة البقرة- الاية 269. (القاهرة) - جاء في التفسير حول معاني الايتين الكريمتين: ولتعلموا ان هؤلاء الكافرين من اليهود والمشركين من عبدة الاصنام لا يرجون الا ضرركم، ولا يودون ان ينزل عليكم خير من ربكم، والله لا يقيم وزنا لما يرجون وما يكرهون، فالله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، والله واسع المغفرة لا يخفى عليه شيء من اموركم، يعطي صفة الحكمة واصابة الحق في القول والعمل من يشاء من عباده، ومن اعطي ذلك فقد نال خيرا كثيرا لان به انتظام امر الدنيا والاخرة، وما ينتفع بالعظة والاعتبار الا اصحاب العقول السليمة التي تدرك الحقائق. وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ينبه الله تعالى على ما أنعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل، الذي شرعه لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم. والقرآن خير لانه هو الهدى والنور، وفيه الهدى إلى كل خير، والنهي عن كل شر، فيه الحلال والحرام، وتفاصيل التشريع وأحكام الدنيا والآخرة، من تمسك به هداه الله لأرشد الأمور، ومن نبذه فهو المحروم. إنه كلام الله الذي ليس ككلام البشر، معجز في بيانه للسنن الانسانية، وفي شمول تعليماته، وفي صدق أخباره، فيما كان وما يكون، وفي سمو مقاصده وغاياته، وفي تربيته المتكاملة للإنسان من جميع الجوانب، فقد أخرج أمة الإسلام للناس، فكانت بالقرآن خير الأمم. الفوز بالجنة القرآن هدى للمسلمين ومنهاج لحياتهم ونور لمن أراد الله عز وجل له الفوز بالجنة والنجاة من النار، إنه خير كلام أنزل على خير نبي ليهدي به خير أمة ، كلام الله العظيم وصراطه المستقيم، وهو أساس رسالة التوحيد، وحجة الرسول الدامغة وآيته الكبرى، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، وهو الرحمة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :”خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، رواه البخاري. ‏ وورد لفظ الخير في القرآن الكريم اكثر من 170 مرة، ولفظ الخير في اللغة يدل على العطف والميل، وعليه قالوا: الخير ضد الشر، لأن كل أحد يميل إليه، ويعطف على صاحبه، وهو كل ما يرغب فيه كل الناس. الدعوة إلى الخير ولفظ الخير في القرآن على وجهين: أحدهما أن يكون اسما، كقوله تعالى في سورة آل عمران: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير”. وثانيهما أن يكون وصفا، كقوله تعالى في سورة البقرة: “وأن تصوموا خيرا لكم” ، أي الصيام للمسافر أفضل من الفطر، ونحو ذلك قوله تعالى: “وتزودوا فإن خير الزاد التقوى” أي أفضل ما يتزود به قاصد البيت الحرام تقوى الله عز وجل. وورد لفظ الخير مقابلا للشر تارة، وورد مقابلا لـلضر تارة أخرى، فمن أمثلة مقابلته لـلشر، قوله سبحان في سورة الزلزلة: “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره”، ومن أمثلة مقابلته لـلضر قوله تعالى في سورة الأنعام: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير”. أما من حيث المعنى، فإن لفظ الخير في القرآن أطلق على معان كثيرة، منها المال، كقوله تعالى في سورة البقرة: “إن ترك خيرا”، وكقوله تعالى في العاديات: “وانه لحب الخير لشديد” والطعام، كقوله تعالى على لسان موسى عليه السلام في سورة القصص: “رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير”، والقوة، كقوله سبحانه في حق مشركي العرب في سورة الدخان:”أهم خير أم قوم تبع” والعبادة والطاعة، كقوله سبحانه في سورة الانبياء: “وأوحينا إليهم فعل الخيرات” وقال القرطبي أي أن يفعلوا الطاعات، وحسن الحالة، كقوله تعالى في قصة شعيب عليه السلام مع قومه في سورة هود:”إني أراكم بخير” والتفضيل، من ذلك قوله تعالى في سورة البينة:”أولئك هم خير البرية” والقرآن، وذلك كما في قوله تعالى في سورة النحل: “وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا”، قال القرطبي المراد القرآن. الأوامر والنواهي والقرآن الكريم خير لانه شامل لجميع متطلبات النفس الإنسانية فيما تحتاج اليه من الأوامر والنواهي، وما يصلحها وما يصلح لها، وما يسعدها وما يشقيها وما يهديها، ومن هنا فالقرآن الكريم هو المنهج الكفيل ببناء الفرد بناء شاملا كاملا، كما أنه يربي الأسرة والمجتمع الفاضل، لذلك كله فهو المصدر الأول للتشريع، يستمد منه المسلمون عقيدتهم، ويجدون فيه معالجة لجميع جوانب حياتهم. منهج للحياة البشرية القرآن كله خير، ويكفي كما يقول سيد قطب في تفسيره “في ظلال القرآن” ان سورة العصر الصغيرة ذات الآيات الثلاث:”والعصر إن الإنسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” تمثل منهجا كاملا للحياة البشرية كما يريدها الإسلام، وتبرز معالم التصور الإيماني بحقيقته الكبيرة الشاملة في أوضح وأدق صورة، إنها تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار، وتصف الأمة المسلمة - حقيقتها ووظيفتها- في آية واحدة هي الآية الثالثة من السورة، وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلا الله. والحقيقة التي تقررها هذه السورة بمجموعها، انه على امتداد الزمان في جميع العصور، وامتداد الإنسان في جميع الدهور، ليس هناك إلا منهج واحد رابح، وطريق واحد ناج، هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده، وتصف معالمه، وكل ما وراء ذلك ضياع وخسران.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©