17 أكتوبر 2010 20:53
بدأت البنوك القطرية اتخاذ إجراءات جديدة لتحصيل الديون المتعثرة والمعدومة من العملاء قبل نهاية العام الحالي بهدف إدخالها ضمن بنود الميزانية المجمعة للبنوك. وقال مصدر مسؤول إن كل بنك وضع استراتيجية خاصة به لتحصيل هذه الديون بناء على تعليمات من مصرف قطر المركزي، مشيراً إلى أن عملية التفاوض مع العملاء المتعثرين تبدأ بشكل ودي داخل أفرع البنوك المختلفة. وقال إذا لم تنجح هذه الجهود فإن الأفرع تقوم بعد ذلك بتحويل ملف العملاء إلى الشؤون القانونية لمفاوضتهم على جدولة الديون وتقديم تسهيلات كبيرة في الدفع مع تخفيض معدلات الفائدة إلى أقصى حد ممكن. وقال المصدر إن هذه الخطوات تأتي قبل اللجوء إلى الحل الأخير وهي إقامة دعاوى قضائية لاسترداد هذه الديون.
وكانت الديون المعدومة والمتعثرة قد ارتفعت بشكل كبير خلال العام الماضي بسبب التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية على عدد من الشركات المحلية. الأمر الذي أدى إلى تعثرها في سداد الديون المستحقة عليها وقدمت طلبات إلى المصارف لتأجيل السداد حتى تتوافر السيولة لديها. من جهتها، قامت البنوك القطرية بتعليمات من مصرف قطر المركزي بتكوين مخصصات قدرت بنحو 6,55 مليار ريال حتى أغسطس الماضي لمواجهة الديون المتعثرة والمعدومة والتي من المنتظر عدم تحصيلها خلال الفترة المقبلة، وكانت ثلاثة من البنوك الكبرى قد أفصحت عن حجم القروض المتعثرة لديها حيث بلغت ديون الأول 800 مليون ريال أما الثاني فبلغت ديونه المتعثرة نحو 782 مليون ريال في حين كانت ديون البنك الثالث غير العاملة نحو 674 مليون ريال لتشكل حوالي 2,1% من حجم القروض الذي منحها البنك لعملائه خلال 2009. وتؤكد التقارير المصرفية أن نسبة القروض غير العاملة لأحد البنوك الأخرى بلغت نحو 3,1% من إجمالي القروض الممنوحة للعملاء وهي تعد نسب مرتفعة للغاية مقارنة بالأعوام السابقة.
ورغم أن الديون المتعثرة التي تم الإعلان عنها حتى الآن لا تتجاوز 2,4 مليار ريال, إلا أن المصدر الذي تحدث إلى “الاتحاد” أكد أنها تتجاوز حاجز الـ 3 مليارات ريال خصوصاً إذا أضفنا القروض الشخصية التي حصل عليها عشرات القطريين لاستثمارها في القطاع العقاري ولم يتمكنوا من سدادها حتى الآن. وأشار المصدر إلى ان الديون المتعثرة لأحد أفرع البنوك الكبرى بلغ نحو 60 مليون ريال ويتساءل ماذا عن إجمالي الديون إذا كان البنك يمتلك نحو ثلاثين فرعاً في الداخل والخارج.
وأكد أن جميع البنوك وضعت خططاً عاجلة لتحصيل هذه الديون تشمل تشكيل لجان لبحث حالات التعثر وعقد لقاءات مع أصحابها لمعرفة كيفية تسوية هذه الديون واتخاذ الحلول المناسبة التي تحقق صالح الطرفين بما يمنع إهدار هذه الأموال، مشيراً إلى أن هذه الحلول تشمل منح العميل قرضاً جديداً يمكن من خلاله استكمال مشاريعه وسداد القرض المتعثر إلى جانب بحث إعادة جدولة بعض الديون بعد أن يتقدم العملاء والشركات بطلبات رسمية لإسقاط الفوائد المترتبة على التأخير. وقال إن بعض البنوك رفضت هذه الطلبات من حيث المبدأ على اعتبار أن هناك عقودا موثقة بين الطرفين يجب الالتزام بها في حين أن هناك بنوكا أخرى وافقت على هذه الطلبات وبدأت بالفعل في عملية الجدولة على اعتبار أنها لن تستفيد شيئاً إذا ما قررت المحكمة حبس العميل.
وكان مصرف قطر المركزي قد ألزم البنوك بزيادة الاحتياطيات الإلزامية والمخصصات لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها والديون المعدومة وقد بلغت هذه المخصصات وفقاً لأحدث تقرير للمركزي القطري نحو 13,75 مليار ريال بزيادة قدرها 0,8 مليار عن يوليو الماضي. وتمثل هذه المخصصات ما نسبته 4,75% من جملة ودائع العملاء في جميع البنوك العاملة في قطر. يذكر أن هذه المخصصات كانت قد بلغت نحو 10 مليارات ريال في أبريل من العام الماضي مقابل 9 مليارات ريال في نفس الشهر من عام 2008. ولا تقف المخصصات التي رصدتها البنوك القطرية لمواجهة الديون المعدومة عند هذا الحد بل يضاف إليها الاحتياطيات التي يكونها كل بنك في حساباته والتي وصل مجموعها إلى حوالي 5,2 مليار ريال العام الماضي.
وقال المصدر إن مصرف قطر المركزي ألزم البنوك التجارية أيضاً بتشكيل لجان لتقييم القروض المقدمة للعملاء وتصنيفها مرة واحدة كل سنة، تمشياً مع المعايير الدولية. وأكد المصدر أن تعليمات المركزي تؤكد أن التعثر عن سداد 3 أقساط من القرض يعتبر تعثراً يجب تطبيق الإجراءات المقررة عليه ومنها رصد المخصصات لاحتمالية استمرار عدم السداد واعتبار القرض من الديون المتعثرة. أما القروض التي يتأخر سدادها عن 180 يوماً عن موعد الاستحقاق ـ فكما يؤكد المصدر، أنها تعتبر من الديون المشكوك فيها، مشيراً إلى أن الديون الرديئة فهي القروض غير القابلة للتحصيل، ومضى على تاريخ استحقاقها سنة على الأقل.
وأوضح المصدر أن مهمة اللجان المشكلة في كل بنك هي مراقبة الديون بكافة تصنيفاتها خاصة للعملاء الذين تتراجع أنشطتهم المالية خشية توقفهم عن السداد وبحث كيفية دعم هؤلاء العملاء في إطار العلاقة والثقة المتبادلة بين البنك وعملائه، مؤكداً أن البنوك تلجأ إلى الحل الأخير وهو بيع الضمانات والأصول الثابتة للعميل كحل أخير في حالة استنفاد كافة الوسائل حتى يمكن المحافظة على أموال البنك باعتبارها أموال العملاء والمساهمين.
وأشار المصدر إلى أن المخصصات الموجهة إلى القروض المشكوك فيها والقروض الرديئة تتراوح بين 25 إلى 100% وفقاً لكل قرض واحتمالات السداد من عدمه. وأكد المصدر أن المخصصات التي تحتفظ بها البنوك قادرة على مواجهة هذه النوعية من الديون ولكن المشكلة في ارتفاع قيمة الاحتياطيات والمخصصات واستقطاعها من أرباح البنك والمساهمين وبالتالي التأثير على الوضع المالي لقطاع المصارف القطري.
يذكر أن إجمالي القروض المقدمة من البنوك القطرية كان قد ارتفع بنحو 4,3 مليار ريال وبنسبة 1,4% لتصل في نهاية أغسطس إلى 306,2 مليار ريال مقارنة بالشهر السابق عليه، وبلغت قيمة القروض المحلية داخل قطر نحو 287 مليار ريال بارتفاع مقداره 4,5 مليار ونسبته 1,6% عن يوليو، وانخفضت القروض الخارجية بمقدار 0,3 مليار لتصل إلى 19,1مليار ريال.
المصدر: الدوحة