بسام عبد السميع (أبوظبي)
شكّل توقيع اتفاقية الشراكة بين شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» وشركة بيكر هيوز الأميركية، بوابة لبناء تحالف استراتيجي ذي قدرات تنافسية استثنائية في المنطقة والعالم، حيث يوفر فرصاً ذهبية للحصول على تعاقدات عالمية في مجال الحفر النفطي، بحسب خبراء ومختصين أكدوا أن الشراكة جاءت في توقيت تحتاج فيه أنشطة المنبع إلى ضخ استثمارات كبيرة لكي تتمكن من تلبية الطلب المتزايد على النفط.
وأضافوا أن هذا الاتفاق يسهم في ارتفاع قيمة الشركات الخدمية في «أدنوك» وهي «أدنوك للحفر»، و«أدنوك للخدمات والإمداد».
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد» أمس: «تدعم هذه الشراكة النوعية النمو والتوسع في كل من «أدنوك للحفر» و«بيكر هيوز جي إي» من خلال خطط عمل مدروسة وهيكلية تجارية تضمن المنافع المتبادلة والأرباح المستقبلية، إضافة إلى تحقيق برنامج خلق القيمة لشركات أدنوك ضمن برنامج الشركة الذي اعتمدته مؤخراً، لتوسعة نطاق الشراكات الاستراتيجية والاستثمارات المشتركة، واعتماد الإدارة الاستباقية لمحفظة الأصول ورأس المال».
ووقعت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، مؤخراً، اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة «بيكر هيوز التابعة لجنرال إلكتريك»، تهدف لدعم نمو وتطور «أدنوك للحفر»، إحدى الشركات التابعة لأدنوك. وبموجب الاتفاقية، تستحوذ «بيكر هيوز جي إي» على حصة 5% في شركة «أدنوك للحفر» مقابل ملياري درهم (550 مليون دولار)، علماً بأن أدنوك ستبقى مالكة لحصة الأغلبية (95%) في «أدنوك للحفر».
بوابة مزدوجة
وقال علي صلاح، رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة-أبوظبي: «يعد اتفاق الشراكة بين شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة بيكر هيوز الأميركية، أحد أهم اتفاقات الشراكة التي حدثت في قطاع النفط والطاقة في المنطقة على مدار سنوات، فبحصول بيكر هيوز على خمسة بالمئة في وحدة الحفر المعروفة باسم «أدنوك للحفر»، التابعة لأدنوك، بمقتضى الاتفاق، تصبح بيكر هيوز أول شركة أجنبية تستحوذ على حصة في إحدى شركات الخدمات التابعة لأدنوك».
وتابع: يمكن القول إن هذا الاتفاق يعد بوابة مزدوجة في اتجاهين، تعبر من خلالها كل شركة من الشركتين إلى المناطق التي تعمل فيها الأخرى، وكذلك إلى الخبرة التي تمتلكها كل منهما في مجال عملها، بما يعزز القدرات التنافسية لكل منهما.
وأشار صلاح إلى أنه إذا كانت شركة «أدنوك» سوف تتمكن من خلال الاتفاق من تعزيز قدراتها المالية عبر حصولها على 550 مليون دولار من بيكر هيوز، فإن ذلك يمثل زيادة صافية في رأسمال «أدنوك»، تساعدها على تحسين جدارتها الائتمانية وقدراتها الاستثمارية.
وبمقتضى الاتفاق كذلك ستتمكن «أدنوك» من الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة في مجال حفر آبار النفط والغاز التي تمتلكها بيكر هيوز، وهي أحد أهم ملاك المعرفة في صناعة النفط والطاقة، إذ إنها تكاد تكون الشركة الوحيدة في العالم التي لديها عمليات متكاملة، تجمع بين المعدات والخدمات والحلول الرقمية في قطاع النفط والغاز.
ولفت صلاح إلى أن الاتفاق يعزز الوصول إلى هذه المعرفة والتكنولوجيا من كفاءة وجودة أداء «أدنوك»، وقدرتها على تنفيذ استراتيجيتها المتكاملة للنمو الذكي لعام 2030، بخلاف أنه يعزز تنافسيتها محلياً وإقليمياً وعالمياً، لتسهم بفاعلية في تنفيذ الرؤية الاقتصادية لأبوظبي 2030.
وقال: على الجانب الآخر، فإن دخول بيكر هيوز في هذا الاتفاق الاستراتيجي مع «أدنوك» يمثل محطة مهمة بالنسبة لها، لاسيما أنه يمكنها من توسيع تواجدها في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً أنها بدت أكثر حرصاً على ذلك خلال الفترة الماضية، من خلال حصولها خلال الأسابيع الماضية على عقد بنحو 267 مليون دولار لتطور حقل مرجان النفطي في السعودية، والذي يضاف إلى استثماراتها المتواجدة بالمملكة منذ عام 1938، كما حصلت الشركة منذ شهور قليلة على عقد بقيمة 56 مليون دولار من شركة بتروجيت المصرية، لتصنيع معدات التنقيب عن النفط والغاز في مصر، ويتضمن التعاقد تنمية صادرات الشركة، مع إمكانية التصدير إلى أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا، وبذلك فإن الاتفاق مع «أدنوك»، يعزز تواجد بيكر هيوز في المنطقة وبقوة.
وأضاف أن الاتفاق يعتبر أحد أهم الاتفاقات التي يمكن أن تبرمها أي شركة نفطية مع أخرى في العالم، لاسيما أن الاتفاق ينصب على شراء بيكر هيوز لحصة من شركة «أدنوك» للحفر، ذات المكانة الرائدة في خدمات الحفر المتكاملة في المنطقة بأسرها، ومع الأخذ في الاعتبار أهمية منطقة الشرق الأوسط باعتبارها أبرز المناطق على خريطة الطاقة العالمية، سواءً منذ اكتشاف النفط، وحتى الآن، وستبقى كذلك في المستقبل المنظور أيضاً، فإن هذا سيمنح «أدنوك» وبيكر هيوز فرصة ذهبية لبناء تحالف استراتيجي ذي قدرات تنافسية استثنائية في المنطقة والعالم.
شراكات مبتكرة
من جانبه، قال الدكتور فيصل مَرزا مدير دراسات الطاقة بمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، سابقاً إن تحقيق هذه الشراكة يحقق النمو والتطور لكلتا الشركتين، وجاء في وقت تحتاج أنشطة المنبع إلى ضخ استثمارات كبيرة لكي تتمكن من تلبية الطلب المتزايد على النفط. كما تحقق هذه الشراكة فرصاً لتطوير «أدنوك للحفر» وتنمية قدراتها التكنولوجية، وتمكينها من الوصول إلى أسواق جديدة، فيما تحقق بيكر هيوز الاستفادة المثلى من موارد أدنوك، كما سيكون لهذه الشراكة دور في زيادة أنشطة بيكر هيوز في منطقة الخليج وقدرتها على تحقيق قيمة أفضل للعملاء والمساهمين من خلال بناء شراكات تجارية مبتكرة، وتوفير حلول تقنية رائدة.
وأضاف مرزا: تسهم هذه الشراكة في مواكبة نمو وتطور أعمال «أدنوك» في مجال الاستكشاف والتطوير والإنتاج، كما تدعم تعزيز القيمة والعائد الاقتصادي،وتمثل خطوة مهمة ضمن جهود تنفيذ استراتيجية أدنوك المتكاملة 2030 للنمو الذكي والذي يستهدف رفع الكفاءة التشغيلية والارتقاء بالأداء وزيادة القيمة من كل برميل نفط يتم إنتاجه.
ونوه إلى أن الشراكة تحقق لبيكر هيوز الاستفادة من أسطول الحفارات الذي تمتلكه «أدنوك للحفر» مع الحد من الاستثمارات الرأسمالية الإضافية، وتسهم في فرص تجارية جديدة لأدنوك للحفر وإمكانية التوسع من خلال تقديم خدمات الحفر المتكاملة خارج دولة الإمارات.
ولفت إلى أن إنشاء مجلس استشاري يضم ممثلين من الشركتين للإشراف على تنفيذ التعاون، وتمثيل «بيكر هيوز جي إي» في مجلس إدارة «أدنوك للحفر»، يشكل نقلة نوعية في التحالفات الاستراتيجية.
إبراهيم الكراسنة: مزيد من القوة والتنافسية ودخول مستثمرين جدد للقطاع
قال الدكتور إبراهيم الكراسنة، الخبير في صندوق النقد العربي، إن هذا الاتفاق يسهم في ارتفاع قيمة الشركات الخدمية في «أدنوك»، مشيراً إلى أن هذا التوجه في قطاع شركات الخدمات النفطية العالمية تتبعه آليات لطرح هذه الشركات للاكتتاب لتحقيق مزيد من القوة والتنافسية ودخول مستثمرين جدد.
وأكد الكراسنة أن هذه الشراكة تدعم جهود شركة أبوظبي الوطنية للبترول «أدنوك» لزيادة الربحية وتحقيق أقصى قيمة ممكنة من كل برميل نفط يتم إنتاجه، مشيراً إلى أن الاتفاقية تسهم في توجه «أدنوك»، بتنمية وتطوير مواردها الهيدروكربونية التقليدية وغير التقليدية، والاستفادة من الفرص المحتملة للنمو والتوسع على مستوى المنطقة.
وتعتبر «أدنوك للحفر» أكبر شركة حفر في منطقة الشرق الأوسط، وهي المزود الوحيد لمنصات الحفر والخدمات ذات الصلة لمجموعة شركات «أدنوك»، حيث تمتلك خبرة كبيرة ومعرفة واسعة بطبقات الأرض في دولة الإمارات، مما يسهم في ضمان كفاءة وسرعة العمل مع الحد من المخاطر أثناء الحفر.