الإثنين 12 مايو 2025 أبوظبي الإمارات 38 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عيب خَلْقِي» لا تجوز لأن الخالق هو الله

16 يوليو 2013 21:44
حسام محمد (القاهرة) - يردد الناس كثيراً عبارة «عيب خلقي» عندما يواجهون شخصاً ذا عاهة أو مشكلة في عضو من أعضاء جسده، ظهرت معه منذ ولادته، وهي جملة فسرها اللغويون بأنها تعني أن جسد هذا الإنسان تعرض لعيب في صنعته أو خلقته، أدت به إلى ظهور هذا العطب في جزء من جسده. يقول الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق: «الله سبحانه وتعالى هو الخلاق العليم الذي أحسن كل شيء خلقه، وهو الذي صور الناس فأحسن صورهم، وقسم بينهم أشكالهم، كما قسم بينهم أرزاقهم، كما قال تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه)، وقال: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، ومن المعلوم المقطوع به أن الله تعالى هو خالق كل شيء، وأنه لا تكون حركة ولا سكنة إلا بإذنه ومشيئته، ولا يوجد في الكون إلا ما قدره وقضاه، وهذا يعم كل ما يحمده الناس وما يعيبونه؛ كما قال تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)، «الزمر: الآية 62». لكن الشر ليس إلى الله تعالى فهو ليس من أفعاله وإن كان من مفعولاته، فأفعاله كلها خير، ولكن المقدور قد يكون شراً بالنسبة للعبد في حال ما لأنه غير ملائم له، وذلك أن الله إنما خلق الشر لحكم بالغة تترتب على وجوده، فخلقه وإيجاده له ليس شراً وإن كان هو في نفسه شراً. أحسن تقويم ويضيف د. عبد الجليل: لقد خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، وهو أنه جعله أكمل عقلاً وفهماً وأدباً وبياناً وعلماً، وأما خلق جسد الإنسان في أحسن تقويم فلا ارتباط له بمقصد السورة، كما بينه فضيلة العلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره «التحرير والتنوير»، حيث يقول: أفادت الآية الكريمة بأن الله تعالى كون الإنسان تكوينا ذاتياً مناسباً لما خلق له نوعه من الإعداد لنظامه وحضارته وليس تقويم صورة الإنسان الظاهرة هو المعني عند الله تعالى ولا جدير بأن يقسم عليه، إذ لا أثر له في إصلاح النفس وإصلاح الآخرين، والإصلاح في الأرض، ولأنه لو كان هو المراد لذهبت المناسبة التي في القسم بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الأمين. تقويم النفس وإنما هو متمم لتقويم النفس. قال النبي صلي الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم وغيره، فإن العقل أشرف ما خص به نوع الإنسان من بين الأنواع، فالمرضي عند الله تعالى هو تقويم إدراك الإنسان ونظره العقلي الصحيح، لأن ذلك هو الذي تصدر عنه أعمال الجسد، إذ الجسم آلة خادمة للعقل، فلذلك كان هو المقصود من قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، «التين: الآي 4». مقارنة إن المقارنة بين بناء جسم الإنسان‏،‏ وبناء جسم أي مخلوق آخر من المخلوقات المدركة يؤكد بوضوح أن الله‏ «‏تعالى‏»‏ قد خلق الإنسان في أحسن تقويم‏،‏ أي في أحسن صورة وشكل‏، وعلى هذا فلا ينبغي وصفُ العيبِ بأنَّه خَلْقِي لِمَا فيه من إضافة العيب ونسبته إلى الخالق عزَّ وجلّ، واللهُ سبحانه هو المتَّصف بالكمال في ذاته وصفاته وأفعاله، وكلُّ خلقه سبحانه حسنٌ؛ لأنّه ما من شيء إلاَّ وهو مخلوق على ما تقتضيه حكمة الله سبحانه، قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)، «السجدة: الآية 7»، وقال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم)، «التين: الآية 4»، وقال صَلَّي اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ خَلْقِ اللهِ حَسَنٌ»، وإنما العيب يُضاف إلى ذات العضو أو يتَّصف به لا الخالق سبحانه، فيقال مثلاً: عيب عضوي أو تناسلي أو جسماني أو صدري أو هضمي، وتترك العبارة السابقة تأدُّباً مع الله تعالى لأن الله عز وجل لا يعيب ولا يخطئ في خلق شيء أعاذنا الله عز وجل من هذا ومن يذكر تلك العبارة يعني أنه يكفر بنعمة واحدة من نعم الله عز وجل، ومن يكفر بنعمة واحدة من نعم الله علينا فقد كفر ببقية نعمه. أجمل وأكمل الصفات‏ قصر بعض المفسرين حسن التقويم على أنه حسن الصورة الظاهرة للجسد، لقد خلق جنس الإنسان في أحسن شكل‏،‏ متصفا بأجمل وأكمل الصفات‏،‏ من حسن الصورة‏،‏ وانتصاب القامة‏،‏ وتناسب الأعضاء‏،‏ مزيناً بالعلم والفهم‏،‏ والعقل والتمييز والنطق والأدب‏،‏ قال مجاهد‏: «‏أحسن تقويم‏»‏ أحسن صورة‏،‏ وأبدع خلق‏ ‏والمراد بـ «أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» اعتداله واستواء شبابه، كذا قال عامة المفسرين. قال القرطبي: وهو أحسن ما يكون، لأنه خَلَق كل شيء مُنْكَبّاً على وجهه، وخَلَقه هو مُستويا، وله لسان ناطق، ويَد وأصابع يَقبض بها. وقال أبو بكر بن طاهر: مُزَيّنا بالعقل، مُؤدِّيا للأمر، مَهْديا بالتمييز، مَدِيد القامة، يتناول مأكوله بيده.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض