15 أكتوبر 2010 20:28
اتصل بي قريبي الذي يعمل في الخارج، وطلب مني أن أسأل له عن السيارة (كوكي) التي رأى إعلانها في الصحف، وهو راغب في شرائها بمجرد العودة إلى الوطن.. يسألني عن مواصفاتها وهل هي أوتوماتيكية أم يدوية، وما إذا كانت سعة الموتور 1500 سم مكعب أم 1300. ونظم التقسيط الخاصة بها.. الخ.. توقعت أن يسألني عن الأشخاص الذين سيركبونها، وتاريخ الحادث الذي يمكن أن يقع لها، لكنه لم يفعل..
رفعت سماعة الهاتف وطلبت الرقم الموضح في الإعلان فجاء صوت رشيق لفتاة:
ـ «النصاب للسيارات.. تحت أمرك».
ابتلعت ريقي وسألتها:
ـ «سيارتكم (كوكي) التي رأيت صورتها في الصحف.. هل هي أوتوماتيكية أم يدوية؟ هل سعة الموتور 1500 سم مكعب أم 1300؟ ما هي نظم التقسيط الخاصة بها»؟
ظلت تنصت في اهتمام، ثم بعد ربع ساعة قالت في أدب إنها لا تعرف الإجابة.. الأستاذ (سمير) في العلاقات العامة سوف يجيب عن أسئلتك.. شكراً. ثم راحت مقطوعة موسيقية مزعجة تعزف لفترة قبل أن يأتي صوت رجل حازم يسألني عما أريد.. قلت له إنني أرغب في السؤال عن سيارتهم (كوكي) التي رأيت صورتها في الصحف.. هل هي أوتوماتيكية أم يدوية؟ هل سعة الموتور 1500 سم مكعب أم 1300؟ ما هي نظم التقسيط الخاصة بها؟
سألني عن المكان الذي رأيت فيه الإعلان.. سألني عن وزني وطولي وتاريخ تطعيمي ضد الحصبة والسعال الديكي. ثم قال في أسف إن الأستاذ (عاصم) في المبيعات هو الذي يملك الإجابة.
موسيقى من جديد ثم جاء صوت الأستاذ عاصم.. أهلاً بك يا سيدي.. أقول له في صبر إنني أرغب في السؤال عن سيارتهم (كوكي) التي رأيت صورتها في الصحف.. أتلو اسئلتي كلها فيصغي ربع ساعة مع أسئلة ذكية من وقت لآخر كما يفعل وكيل النيابة.. في النهاية قال لي:
ـ»للأسف لسنا مخولين بالإجابة عن أي أسئلة هاتفياً.. سأكون شاكرًا لو شرفتني وشربنا القهوة معاً»..
ـ «يا أخي ولماذا لا تقولون هذا منذ البداية؟.. لي ساعة ونصف أكرر فيها نفس الكلام».
ووضعت السماعة مغيظاً، ونزلت لأذهب إلى مقر شركتهم (النصاب للسيارات).. إنهم يتعاملون معه كوكر مطاريد في الجبل.. حتى توقعت أن تحاصرني الخيول وقوات الهجانة على ظهور الجمال. عندما وصلت لهم أخيرًا قابلني رجل أمن متشكك عدواني.. سألني عن سبب قدومي فقلت له: أستاذ عاصم.. عاد يسأل بلهجة من نفد صبره: هل لي أن أعرف السبب.. قلت له سيارة.. سألني عن تلك السيارة فقلت إنها السيارة كوكي.. عاد يسأل عما أريد معرفته بصدد السيارة كوكي.. هنا نفد صبري وأوشكت على الانصراف..
ناداني وقد لان قليلاً وأدخلني إلى مكتب الأستاذ عاصم..
ـ «اتصلت بك منذ ساعتين أسأل عن السيارة كوكي وطلبت مني المجيء».
نظر لي في شك كأنه يتوقع أن أقدم تفسيرات أكثر.. ثم قال:
ـ «عن أي شيء تسأل»؟
ـ «سيارتكم (كوكي) التي رأيت صورتها في الصحف.. هل هي أوتوماتيكية أم يدوية؟ هل سعة الموتور 1500 سم مكعب أم 1300؟ ما هي نظم التقسيط الخاصة بها؟»
شرب جرعة من القهوة ثم قال:
ـ «للأسف نحن لا نتعامل مع السيارة كوكي.. كنا ننوي ذلك ثم عدلنا عنه.. كان هذا بعد نشر الإعلان طبعاً»!
طبعًا أنت تملك خيالاً فيمكنك أن تتوقع ما شعرت به، وما قلت له، وما فعلت.. لقد حكيت قصتي عشر مرات، وهو ما يذكرني باستجوابات رجال الجستابو النازيين لأسراهم.. تكرار القصة عشر مرات يظهر الثغرات ويوقعك في الفخ ..
غادرت المكان وقد توارى الجميع خوفاً» مني لأنني تحولت إلى العملاق الأخضر .. الأدهى أن أحدهم لم يعرض علي شرب القهوة ولا كوب ماء كما وعدوا..
إنه ذلك الطبع البغيض لدى الناس أن يعرفوا منك كل شيء على سبيل الفضول، وهم يعرفون أنهم غير قادرين على مساعدتك.. كم من مرة سألت واحداً عن شارع كذا، فيسألني عما أريده هناك وسبب ذهابي و.. و.. وفي النهاية ينصحني بأن أسأل شخصاً آخر!
عندما عدت للبيت دق جرس الهاتف.. كان هذا صوت صديقي يسأل من الخارج عما عرفته بصدد السيارة.. الأمر سهل يا أخي ولا يكلفك سوى مكالمة..
قلت له:
ـ «صبراً.. نسيت ما تريد معرفته بصدد هذه السيارة.. هل لك أن تكرر الأسئلة من فضلك»؟