عدد اليوم
نوف الموسى (دبي)
انطلق مهرجان دبي لمسرح الشباب لعام 2018، في دورته الـ 12، مساء أول من أمس، في ندوة الثقافة والعلوم بمدينة دبي، عبر الاحتفاء النوعي بقيم «عام زايد»، متضمناً مشاركة متكاملة لـ 9 مسارح أهلية، أبدت استعدادها لتحدي المشهدية البصرية الحيّة، يُعد مؤشراً تنموياً لأبرز القطاعات الحيوية في دولة الإمارات (القطاع الثقافي)، مشكلاً الحدث احتفالية رئيسة لاستمرار دعم البيئات الإبداعية الشبابية، وذلك بعد توقف المهرجان عاماً كاملاً، لإعادة اكتشاف البيئة المحلية ومواهبها، واستدامة المهرجان ما هي إلا مسؤولية مشتركة كما أوضح المدير العام بالإنابة لهيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة»، سعيد النابودة . وأشار إلى أنها امتداد عريق من فكر المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي يكتسي المهرجان هذا العام، احتفاءً جوهرياً برؤيته الإنسانية وتطلعاته لشعبه، والتي نتحمل جميعاً مسؤولية تعميق أثرها في الوجدان المجتمعي، والمسرح هو أحد تلك المنصات التفاعلية الأكثر ارتباطاً بتحولات الحس الاجتماعي، ودورنا كمسؤولين وإعلاميين وجمهور ومسرحيين في خلق الحالة المسرحية، وتمكينها في تفاصيل الحياة اليومية، باعتبارها فضاء إنسانياً وإبداعياً.
وبحضور نخبة من المثقفين والمبدعين والمسرحيين الرواد، فُتحت ستارة عرض الافتتاح لمهرجان دبي لمسرح الشباب، عبر مسرحية «الحكيم الشاعر»، للمخرج مروان عبدالله صالح، والمؤلف مرعي الحليان الذي تم اختياره شخصية العام في الدورة الحالية للمهرجان، تقديراً لما سعى له الحليان، طوال السنوات المسرحية من الاقتناص اللحظي لمكنون الشخصيات على خشبة المسرح، وبشكل فعلي لم تتوج «الحكيم الشاعر»، النص المسرحي لمرعي الحليان فقط، وإنما جماليتها في الاحتفاء بالممثلين الشباب، من تصدروا طوال السنوات الماضية مسؤولية المشاركة المسرحية، سواء في أيام الشارقة المسرحية ومهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، إلى جانب «دبي لمسرح الشباب»، أشارت حوله فاطمة الجلاف، مدير قسم المسرح، رئيس مهرجان دبي لمسرح الشباب في هيئة دبي للثقافة والفنون، بالرافد المتوازي بين المنصات المسرحية في دولة الإمارات، معتبرة أن قوة المهرجان اليوم، بوقفته الجادة والصريحة، في السنة الفائتة، وتنظيمه برنامجاً سنوياً سيستمر طوال الأعوام القادمة بثبات أكاديمي للحفاظ على اللغة المسرحية ورمزيتها في فك رموز الفكر الإنساني وتحدياته.
وأضفى المخرج مروان عبدالله في الاحتفالية المسرحية لانطلاقة المهرجان، من خلال مسرحية «الحكيم الشاعر»، روحاً من الحس البصري، في تناغم أقرب إلى الأوبريت الغنائي، مشكلاً من القصيدة، محوراً رئيساً يقود تلك الظلال المتشكلة عبر رمال الصحراء، المرتبطة وجودياً بـ «زايد» الإنسان، وأُناس هذه الأرض، وربما الانتقال الشفاف بين المشاهد، لحالة التحولات في مجتمع دولة الإمارات، ما قبل النفط، والارتباط الطبيعي بالبحر واليابس، وحياة ما بعد النفط، مثلت عبوراً لحظياً لسنوات من التحدي بين التشكل والبناء، والصراع والتلاشي. لا يمكن إخفاء التناص المباشر في النص، لمقولات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اعتمد خلالها المخرج مروان عبدالله على 3 مكونات رئيسة لتوجيها نحو الفعل الأدائي، أولها: استخدام تكنولوجيا الشاشة الحس السينمائي، وثانيها: تداخل حركة الممثلين الرئيسين، بين أزمنة الماضي والحاضر والمستقبل للحكاية المسرحية، وثالثها: تفعيل لغة السينوغرافيا نموذج «الورق» ممثلاً تجليات «التاريخ» في اكتشافه وتوثيقه وكتابته.
أغلب الممثلين في عرض الافتتاح، شاركوا في مهرجان دبي لمسرح الشباب في سنواته السابقة، كما أوضح المخرج مروان عبدالله، بأنها بمثابة رد للجميل ووفاء للمهرجان، لافتاً إلى أن هارموني الحالة المسرحية في العرض، فيها من الجزالة القائمة على مبدأ التفاعل مع المتلقي، عبر فنية الأداء التمثيلي مع قصائد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. واعتبر المؤلف المسرحي مرعي الحليان، أن مسرحية «الحكيم الشاعر»، روّي حسي، مختلف، لطبيعة الأعمال التي تقدم في المناسبات الرسمية، بإضفاء لغة روحية والاقتراب إلى زايد الإنسان، ومدى علاقته الوطيدة بالشباب، عبر بيان ما أسسه من أبعاد جوهرية. مبيناً أن التكريم محطة لالتقاط الأنفاس، نحو مسؤولية مستمرة لإبداع لحظة الحياة في المسرح.
ضمن المخرجات الرئيسة في مهرجان دبي لمسرح الشباب، استفاد قرابة الـ 340 شاباً وشابة، من برنامج أكاديمي متخصص، وحضور مخرجة مسرحية واحد، و8 مخرجين مسرحيين شباب، في المهرجان هذا العام، يوازيه عرض الافتتاح الرسمي، واستضافة عرضين خاصين، ونحو الـ 16 جائزة للتخصصات المسرحية كافة. وشهد جمهور العرض، في عشية الافتتاح، التعرف إلى لجنة التحكيم في المهرجان برئاسة الكاتب جمال سالم، والبدء بالتعرف إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية المتنوعة، المصاحبة للعروض المسرحية وندواتها التطبيقية.
