أحمد شعبان (القاهرة)
أكد سياسيون في مصر، أن الجولة التي قام بها تميم أمير قطر لدول أميركا اللاتينية على مدار الأيام الماضية، لم تحقق أي مردود وليس لها نتائج ملموسة على أرض الواقع، مشيرين إلى أنها تأتي في إطار الدعاية التي تصاحبها إطلاق الوعود بإدخال ما يعرف باسم صندوق السيادة القطرية للاستثمارات في هذه المناطق، ومحاولة بناء علاقات جديدة مع هذه الدول للخروج من العزلة الدولية التي فُرضت على قطر نتيجة المقاطعة التي فُرضت عليها من دول الرباعي العربي، السعودية والإمارات ومصر والبحرين، بسبب دعمها الإرهاب.
وأشاروا إلى أن هذه الجولة جزء من مخطط قطري للتواجد في مناطق نفوذ غير تقليدية للسياسة القطرية، وأن السياسة القطرية في هذا التوقيت تحاول إحداث اختراق في المواقف الدولية، والتأكيد على وجود قطر على خريطة العالم، من خلال الزيارات التي يقوم بها تميم للخارج.
وعود وهمية
وأكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن زيارات تميم للإكوادور والأرجنتين وبيرو وباراجواي، تحصيل حاصل وفقاعة وهمية في الهواء تقوم على التهويل الادعائي والإعلامي، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية القطرية الآن تعتمد على شخص تميم في قيامه بتحركات عديدة في مناطق مختلفة من العالم، ومناطق متعددة لا تمثل أولوية أولى للسياسة الخارجية القطرية سابقاً، مؤكداً أن هذه الدول لم ترتبط بقطر بعلاقات اقتصادية كبيرة أو واضحة، وأن بعض الاستثمارات القطرية موجودة في هذه المناطق، ولكن بحجم ضعيف جداً.
وأكد أن السياسة القطرية في هذا التوقيت، تحاول إحداث اختراق في المواقف الدولية، والتأكيد على وجود قطر على خريطة العالم، مشيراً إلى أن تركيز تميم على مناطق جديدة في اهتمامات السياسة الخارجية القطرية يؤكد أنه لا تزال حالة العزلة التي تعانيها قطر تجعلها تحاول الخروج من الدائرة الضيقة والمقاطعة العربية والخليجية المفروضة عليها من دول الرباعي العربي، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بسبب دعمها الإرهاب، إلى دوائر أخرى للتأكيد على وجود قطر على الخريطة الدولية، مشيراً إلى أن هذه الدوائر التي تحاول قطر الخروج إليها، وهي دوائر بعيدة مثل أميركا اللاتينية وبعض المناطق في آسيا؛ لم تكن مهمة للسياسة القطرية من قبل على الإطلاق.
وأكد أن قطر تحاول استغلال الإعلام الموجه، خلال زيارات تميم لهذه الدول، لإيصال رسالة إلى القطريين أن تميم يحاول إحداث نقلة في السياسة القطرية في هذا التوقيت، وأن الدوحة والقطريين لا يعانون أزمة مقاطعة، وهم يروجون لهذا، مشيراً إلى أن جولة تميم الأخيرة ليس لها نتائج ملموسة على أرض الواقع، باستثناء إطلاق وعود بإدخال ما يُعرف باسم صندوق السيادة القطرية للاستثمارات في هذه المناطق، ومحاولة بناء علاقات جديدة مع هذه الدول.
وأضاف أن الواقع يؤكد أن هذه الدول تتعامل مع قطر بطريقة عادية، وتدرك أن حصولها على دعم مالي أو استثمارات ضخمة من الدوحة أمر مشكوك فيه، نظراً للصعوبات التي تعانيها الدوحة نتيجة المقاطعة، فضلاً عن الاتهامات الموجهة للنظام القطري بدعمه الإرهاب، وبالتالي فإن المتابع لهذه الزيارة لا يستطيع القول إنها زيارة ناجحة كما يدعي الإعلام القطري.
وأشار إلى أن الزيارة تُعد جزءاً من مخطط قطري للتواجد في مناطق نفوذ غير تقليدية للسياسة القطرية، موضحاً أن الأساس في السياسة القطرية العمل في دوائر النفوذ المباشرة في دول الخليج العربي والمنطقة العربية، ودون هذا الظهير الخليجي والعربي لا يمكن للسياسة القطرية أن تطرح نفسها في مناطق مختلفة، خصوصاً أن المقاطعة العربية والخليجية لقطر أدت نتائجها بصورة كبيرة، مضيفاً: «لعل الأرقام المنشورة مؤخراً والتي تؤكد على التضرر الاقتصادي الكبير الذي طرأ على الاقتصاد القطري والقطريين تؤكد صحة نتائج هذه المقاطعة».
وأشار إلى أن هناك تقارير اقتصادية عديدة نشرت الأسبوعين الماضيين تؤكد أن هناك تضرراً اقتصادياً كبيراً من السياسة القطرية، وأن القطريين يجب أن يعودوا إلى البيت الخليجي والعربي، وأن يكفوا عن محاولة بناء إطار إقليمي قائم على تركيا وإيران والانفتاح مؤخراً على إسرائيل، ومحاولة إقامة علاقات كبيرة مع الكيان الصهيوني، وهي علاقات معلنة من خلال إعادة فتح مكتب إسرائيل في الدوحة، للخروج من حالة العزلة المفروضة على الدوحة نتيجة للسياسة القطرية، لافتاً إلى أن أي تواجد لقطر في مناطق أخرى سواء في أميركا اللاتينية أو في بعض المناطق في جنوب أفريقيا ومناطق شرق آسيا؛ لا يمثل ظهيراً بديلاً للدول العربية والخليجية بالنسبة لقطر، ولكن بالعكس هي محاولة للخروج من حالة المقاطعة الموجودة في هذا التوقيت.
وأكد أن هناك حالة من الفساد الكبير داخل قطر تعبر عنه النخبة التي تعمل بجوار أمير قطر تميم، خاصة داخل الأسرة الحاكمة نفسها، وبناء عليه لا نتوقع أن يكون هناك تغيير في السياسة القطرية، خاصة في ظل فضائح قطر المعلنة ودعمها الإرهاب، مشيراً إلى أن إيران أيضاً تقوم بدور في هذا من خلال توظيف قطر لكي تقوم بهذا الدور، وكذلك تركيا توظف قطر أيضاً في دعم الإرهاب، مشيراً إلى أن إيران وتركيا توظفان قطر في ملفات عديدة وتستخدمان قطر في السياسات الخاصة بالتدخل في شؤون الدول في الإقليم، وكساتر لتنفيذ مخططاتهما في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك تنسيقاً في السياسة القطرية يجري الآن بين النظام القطري والأتراك في مناطق عديدة.