لطالما شكل مفهوم مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل ركناً محورياً في الحياة الإماراتية، فهو مكان اللقاء والتعارف ومناقشة أهم القضايا التي تمس حياتنا وتنمية بلادنا وآمالنا وطموحاتنا المشتركة، والخطط التي نضعها لتحقيقها.
وينطلق المجلس من هذه الخلفية ليجسد كافة خصائص المجلس التقليدي، وإنما وفق رؤية استثنائية تمنح شبابنا فرصة المشاركة في الحوار. وهكذا، يؤدي المجلس وظيفة اجتماعية، حيث يتم تكوين علاقات جديدة وفتح قنوات للتعليم المتبادل، ويبقى مساحةً للقاء، ولكنه هذه المرة لقاء مناظرة ونقاش بين قادة اليوم، الذين يقدمون النصح والمشورة، وقادة الغد الذين يعبرون عن طموحاتهم وآمالهم. ويركز المجلس على أهم القضايا التي تتصل بشكل التنمية التي نريدها لدولتنا، والأسلوب الذي ننشده لحياتنا، وطريقة العمل لتحقيق هذه الطموحات والآمال.
ونحن في «ستراتا» نهدف إلى المساهمة في رؤية أبوظبي 2030 لبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، ونتطلع لتأدية مسؤوليتنا في بناء قادة الغد، حيث نتوقع لقطاعنا أن يلعب دوراً ريادياً في التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تأتي في صلب الثورة الصناعية الرابعة التي بدأت تأخذ شكلاً وتأثيراً أكثر وضوحاً.
وأظهرت «ستراتا» قيمة قطاع صناعة الطيران بالنسبة لمدينة العين، حيث نجحنا خلال أقل من عقد في أن نصبح مرشحين رئيسيين للعب دور ريادي على مستوى العالم في تصنيع أجزاء هياكل الطائرات، وبتنا نُعتبر من المزودين الرئيسيين لأهم مصنعي الطائرات حول العالم، كما نسعى لتوسيع نشاطاتنا لتشمل تصنيع ألياف الكربون المتطورة.
واستطاعت الشركة رفع عدد خطوط إنتاجها من خط واحد عام 2010 إلى 12 خطاً خلال 2018. وباتت الأجنحة وأجزاء المثبت التي تحمل علامة «صُنع في الإمارات العربية المتحدة» حاضرةً في 8% من أساطيل الطائرات - أي ما يعادل أكثر من 2000 طائرة إجمالاً.
وستسلم الشركة قبل نهاية العام الجاري أول شحنة من الأسطح الخارجية لبطن طائرات (بي سي 24) PC-24 إلى شركة (بيلاتوس المحدودة للطائرات) في سويسرا، وهذه الطائرة مخصصة لرجال الأعمال، وهي نفاثة ذات محرك مزدوج ومكونة من المواد المركبة، وتم التوصل إلى اتفاقية لتصنيعها في أبريل الماضي. كما ستبدأ الشركة العام المقبل أولى عمليات تصنيع مكونات مجموعة أضلاع المثبت الأفقي والعمودي لذيل طائرة بوينج 777X الجديدة.
وتتطلع الشركة إلى «تطوير يد عاملة ذكية» وتوفير فرص عمل مستدامة، وهي القيم التي شكلت ركناً رئيسياً من نهج ستراتا. وتوظف الشركة أكثر من 700 موظف من 30 جنسية، منهم 51% إماراتيون، وتبلغ نسبة الإناث منهم 86%. وتواصل تعزيز هذا الاتجاه بشكلٍ مستمر، حيث تخرّج أكثر من 300 شاب وشابة إماراتيين من برنامج تدريب فنيي هياكل الطائرات منذ إطلاقه في العام 2010.
واستقبلت شركة ستراتا مؤخراً، أول مهندستين من الكوادر المواطنة، تم إرسالهما للالتحاق ببرنامج تدريبي في شركة بوينج لصناعة الطائرات، ضمن مبادرة للاستثمار في مجال نقل المعرفة، وتبادل الخبرات مع كبريات الشركات العالمية.
وتولي ستراتا للتصنيع أهمية قصوى للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بشكل عام، والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بشكل خاص، لدورها المحوري في رسم ملامح مستقبل القطاع، وضرورة جذب شباب وشابات الإمارات المتفوقين.
وسنحرص عبر تواجدنا في المجلس على تقديم النصح والمشورة لقادة الغد حول أهمية هذه التخصصات العلمية، لأن تحقيق رؤية أبوظبي 2030، لا سيما تلك المتعلقة بدعم الصناعات الوطنية، يتطلب معيناً لا ينضب من الشباب المتسلح بالمعرفة والابتكار، والمتحمس للمساهمة في رسم مسيرة تطور وتنمية الوطن.
تؤمن «ستراتا» بأن الاستثمار الأمثل في التدريب، ونقل المعرفة وتبادل الخبرات، يساهم في تمكين أبناء الوطن من اكتساب المعارف والمهارات وأُسس العمل الجاد والالتزام بأعلى معايير الجودة العالمية، وبالفعل تمكنت الشركة بفضل التزامها بتلك الأسس من المنافسة بقوة على المستوى العالمي. ويمكن للشركة وقطاع الطيران أن يحققا هذه الطموحات، حيث تشير التقديرات إلى أن العالم سيحتاج 35.000 طائرة على امتداد السنوات 20-25 المقبلة، وقد نجحنا في تأمين عقود بقيمة 7.5 مليار دولار أميركي من كبرى شركات تصنيع الطائرات حتى عام 2030.
ينتظرنا مستقبل مشرق، وبالطبع ستكون مدينة العين جزءاً رئيسياً من هذا المستقبل، وحينها سنكون بحاجة ماسة إلى قادة الغد ليلعبوا دورهم في رسم ملامح هذا المستقبل. ونأمل أن نحقق التواصل المرجو معهم عبر الاستفادة الكاملة من هذه المنصة الرائدة التي يوفرها «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل».
* الرئيس التنفيذي لشركة ستراتا