لا بد من مواجهة تفشي ظاهرة الدجل والشعوذة واللجوء إلى هذه الفئات الضالة من البشر لتحقيق مكاسب أو أحلام تراود البعض من السذج·· فالتحقيقات الأمنية تشير إلى أن السبب الرئيسي من وراء تفشي ظاهرة النصب والاحتيال عن طريق الدجل والشعوذة، هو إيمان فئة كبيرة من أفراد المجتمع رجالا ونساء بالمشعوذين··
وكما ذكرت أمس، فإن المجتمعات العربية تنفق في هذا المجال مبلغا رهيبا يصل إلى 10 مليارات دولار سنويا!!هذا بالإضافة إلى الاستنزاف غير المباشر من الوقوع بين براثن اللصوص وما يتبع ذلك من آلام وأمراض نفسية، ناجمة عن تغييب للعقل وإغراق في الخرافات وإيمان بالأساطير التي لا يقبلها العقل ولا المنطق، مما ينعكس ذلك سلباً على سلوكيات الفرد ويتعارض مع ما تبذله الدولة من جهود مادية ومن إمكانات أخرى لنقل الفرد من التخلف والجهل إلى التحضر والتزود بالعلم والمعرفة ومواكبة التحديث والتطوير في العالم·
جرائم لا حصر لها وقعت لأناس سذج وأبرياء، كانت جريمتهم هو إيمانهم بالمشعوذين والدجالين·· ولعل من أهمها وأخطرها هي جرائم الادعاء بالقدرة على مضاعفة الأموال، وتحضير الملايين من الدراهم والدولارات، بعد أن صار المشعوذون يتعاملون بالعملات الصعبة!··
ولو أردنا إحصاء الأسباب، لوجدنا أن من أهمها الجهل بأحكام القوانين والشريعة، حيث يلجأ البعض من المسلمين إلى المشعوذين والسحرة ظناً منهم انه جزء من الدين، أو أن الدين الإسلامي لا يحارب السحر والشعوذة، وظنا منهم أيضا بأن العقيدة لا تتعارض مع السحر والشعوذة مع ان الله تعالى حرم الدجل لأنه افتراء بالكذب على الله·· مع العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث صحيح ''اجتنبوا السبع الموبقات·· الشرك بالله والسحر··''·· أي أنه وضع السحر في المرتبة الثانية من حيث القبح بعد الشرك بالله، كدليل على حجم القبح الذي ينظر إليه الدين الإسلامي إلى هذا الفعل وهو اللجوء إلى السحر والدجل والشعوذة··
إن الأمر بحاجة إلى تدخل من جميع فئات المجتمع لنشر الوعي بين أولئك المؤمنين بهذه الخرافات·· فلا بد من أن يعرف الجميع أن التعامل مع هذه الأمور يعتبر مخالفة صريحة للقانون·· كما أنه يتعارض من كل مبادئ الدين إذا أردنا أن ننظر إلى الأمر من منظور ديني وعقائدي·· فالإسلام يبين مفاهيمه ويركز على مخاطبة العقل في تفسير الشرع، فلا تعارض بين حقيقة شرعية وحقيقة عقلية أبداً، والدجل والشعوذة لا يبنيان أفعالهما إلا على ما يخالف العقل، والدليل على ذلك هو استخدام القوى الخفية والاطلاع على الغيب والمجهول··
اللجوء للمشعوذين والدجالين بحاجة إلى وقفة قانونية صريحة··