الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

صون التراث على أيدي "منقبي آثار" مواطنين

صون التراث على أيدي "منقبي آثار" مواطنين
3 أكتوبر 2018 00:07

نسرين درزي (أبوظبي)

تحت شعار «نحتفي بثقافتنا لترسيخ مكانة أبوظبي عالمياً»، أطلقت دائرة أبوظبي للثقافة والسياحة مبادرة وطنية تدعو من خلالها الشباب لدراسة علم التنقيب عن الآثار.
وتأتي هذه الخطوة لتشجيع المواطنين على حفظ التراث وصونه للأجيال المقبلة كهدف استراتيجي تسعى الدائرة لتحقيقه من أجل التأكيد على أهمية المواقع الأثرية والمباني التاريخية في الإمارة، معتمدة في ذلك على قائمة بأسماء الوجهات المتفردة التي تم إدراجها على مر السنين ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.

صون التراث
عبدالله الكعبي منقب آثار يعمل في دائرة الثقافة والسياحة - قطاع العين، ويهتم منذ عام 2009 بالمسح الأثري وعمليات التنقيب، ذكر أن اختصاصه يخوله القيام بالكشف عن المواقع الأثرية ودراسة تاريخ المنطقة من خلال تسجيل المقارنات مع مواقع أخرى ذات خصائص متشابهة، إضافة إلى التدخل في أعمال الحفظ والصون لإبراز المعلم وتقديمه للمجتمع المحلي والسياح، وهو يشجع الجيل الجديد من المواطنين والمواطنات على دراسة العلوم الإنسانية كالتاريخ والآثار والدخول في مجال التنقيب المطلوب بكثرة، ولاسيما أن المسؤولية تقع على عاتقهم في نقل الصورة الحقيقية عن الحضارات السابقة التي مرت على المجتمع المحلي.
واعتبر الكعبي، أن البرنامج الجديد، الذي تعده الدائرة لاستقطاب منقبي آثار مواطنين، يعد خطوة مثمرة ويساعد في تكوين كادر بشري يروي تاريخ المنطقة على لسان أبناء البلد وهم أفضل من يسرد قصص الحضارات للمجموعات السياحية الزائرة. ولفت إلى أن الاهتمام بأعمال التنقيب في تطور مستمر وهو شخصياً يستفيد من تراكم الخبرات والتمرس أكثر في اللغة الأثرية عبر ترميم المواقع وعرضها بالشكل اللازم.
وقال: «إن من ضمن عشرات المواقع التي عمل فيها، فإن موقع مسجد العباسي في منطقة المعترض بالعين من أكثر المواقع التي لفتته، لكونه يمثل حقبة زمنية مهمة جداً وغير مكتشفة سابقاً في إمارة أبوظبي، وكان قد شارك في الكثير من أعمال التنقيب في جزيرة دلما وجزيرتي مروّح وصير بني ياس، وكذلك موقع هيلي، ويعتبر من أهم المواقع في حضارة أم النار، ويعود إلى أكثر من 4500 سنة».

أعمال ترميم
ويرى المنقب علي المقبالي أن كل المواقع التي عمل فيها منذ توليه مهامه في دائرة الثقافة والسياحة عام 2007، شكلت في حياته محطات مهمة، وهو يعتز بأعمال الترميم في مدافن حفيت والنقفة وفلج هزاع التاريخي في العين وجبل براكة في منطقة الظفرة.
وعند سؤاله عن أهم أثر شاهده بالعين المجردة، قال: «المسح الأثري في صير بني ياس، لأنه أثبت نظرية الباحثين بأن التجار الدلماويين مروا بساحل الجنوب الشرقي للخليج العربي كمحطة تجارية، وأكملوا طريقهم باتجاه حضارة وادي السند».
وأشار إلى أن اكتشاف الفخار والختم الدلموني ولّد بداخله الشعور بفخر المهنة.
وذكر المقبالي، أنه بالرغم من صعوبة عمله خلال ساعات النهار والليل، إلا أن شغفه في المساهمة بأعمال التنقيب في بلاده يبدد أي متاعب، مشيراً إلى أن الناتج العلمي والرصيد المهني يلعبان دوراً أساسياً للوصول إلى النجاح المنشود، وهو كمنقب آثار يرى الأثر ويوثقه بدقة ويضعه على خريطة المواقع المشابهة للمشاركة به في المؤتمرات العالمية، ويؤكد ضرورة تشجيع الشباب المواطنين للغوص في هذا المجال، خصوصاً أن المواقع الأثرية بالإمارات تضرب في القدم وبعضها يعود إلى 150 - 200 ألف سنة قبل الميلاد، مثل جبل براكنة التي اكتشفت فيه فؤوس آشولية وأنوية حجرية كانت تستخدم لطحن العظام، حيث إن الحضارات القديمة كانت تعتمد على الالتقاط والصيد.

تعزيز الهوية
وتحدث حمدان الراشدي الذي يعمل في مجال البحث والتنقيب منذ 13 عاماً، عن دعمه المتواصل لفكرة تعزيز مهن جديدة داخل الجامعات في الإمارات تُعنى بالتركيز على اختصاص الآثار، وهو يتحضر حالياً لنيل الدكتوراه في الآثار الإسلامية من جامعة الإسكندرية، وكان تخرج في الجامعة الأردنية لعلم الآثار وحاز درجة الماجستير من جامعة زايد حول دراسة المتاحف. وقال الراشدي: «إن التركيز حالياً يتمحور حول جامعة الإمارات وجامعة خليفة للسعي إلى إدراج تخصصات جديدة تُعنى بعلوم الإنسان، من باب تشجيع المواطنين والمواطنات على خوض مجالات عمل مغايرة تحتاجها البلاد لتعزيز الهوية الوطنية».

عمارة طينية
وبالنسبة لجديد البرامج الشبابية التي تدعمها دائرة الثقافة والسياحة، هناك الدورة التدريبية الدولية حول صون العمارة الطينية بالتعاون مع معهد جيتي للحفاظ على التراث، وتعقد في مدينة العين من 28 أكتوبر إلى 22 نوفمبر المقبل.
وتهدف الدورة إلى تعزيز ممارسات المتخصصين متوسطي الخبرة من مواطني الدولة ومن الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا وجنوبي آسيا، لتوفير فرص تدريبية لصون المواقع التراثية. وجاء اختيار مدينة العين لتكون مكان انعقاد أول دورة تدريبية لموقعها المتميز وثرائها بالمواقع التراثية الطينية باعتبارها مختبراً مفتوحاً لتعلم الأساليب العملية لحفظ المباني والمواقع الأثرية. ويشرف على الدورة مجموعة من الخبراء الإماراتيين والدوليين، بهدف مواكبة أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا والأساليب العملية المتبعة لحماية العمارة الطينية، لاسيما أن غالبية المباني الطينية تتعرض للاندثار في مختلف أنحاء العالم، نظراً لإهمالها وتدميرها أو استبدال عناصرها الطبيعية بأخرى معاصرة.

إضاءة على التاريخ
تتفرد مدينة العين بأكبر عدد من المواقع التراثية المحلية المدرجة على قائمة اليونيسكو العالمية، وأهمها واحة العين ومدافن حفيت ومجمع الهيلي وأفلاج ومدافن موقع بدع بنت سعود، وتضم واحة العين عدداً كبيراً من مزارع النخيل، وتستخدم نظام الأفلاج في الري منذ 3 آلاف عام، وتحتوي على أكثر من 150 ألف نخلة من 100 صنف. وكانت واحة العين قد صُنِّفت كإحدى النظم التراثية الزراعية المهمّة على الصعيد العالمي.
ومن المواقع التاريخية البارزة التي تتواصل فيها أعمال التنقيب في العين، مدافن حفيت التي تعود إلى نهاية الألف الرابع قبل الميلاد. ويستدل على ذلك بالبقايا الأثرية التي تم العثور عليها في منطقة جبل حفيت كالفخار والأدوات الحجرية التي تعود إلى العصر البرونزي المبكر، وتقدم أدلة على المهارات الحرفية للأسلاف الأوائل لسكان العين.
ويقع أكبر مجمع أثري للعصر البرونزي في الدولة بمنطقة هيلي بمدينة العين، ويعود تاريخه إلى بداية الألف الثالث قبل الميلاد، وقد ضُمت بعض أجزاء من هذا الموقع إلى حديقة أثار هيلي التي صممت للإضاءة على التاريخ، وإتاحته للزوار.

فريق الترميم
دعت دائرة الثقافة والسياحة مواطني الدولة للانضمام إلى فريق ترميم الآثار لاستكشاف وحماية تراث أبوظبي للمجتمعات الدولية.
وتتاح للمنتسبين فرصة تقديم المساندة والدعم في إجراء عمليات التوثيق والمراقبة والتدخل لترميم عناصر البيئة التاريخية في الإمارة، بما فيها مفردات التراث الحديث.

حصون ومساجد
تشتهر مدينة العين بمواقعها المدرجة على قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو، والتي يعود تاريخها إلى العصرين البرونزي والحديدي، وكذلك المنازل والحصون والمساجد المبنية من الطوب اللبن، وتعود إلى العصر الإسلامي، وتشكل العين بقيمتها الاستثنائية منصة مثالية لإبراز الهوية الوطنية بوصفها ركناً رئيساً من التاريخ العريق.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©