15 يوليو 2011 20:05
زيوريخ (وكالات) - تلقي إجراءات التقشُف الحكومية في العديد من بلدان العالم وتقلبات أسعار صرف العملات، بظلالها القاتمة على مدينة جنيف، التي تؤوي آلاف الموظفين العاملين في المؤسسات الدولية الكثيرة التي تحتضنها المدينة الواقعة على ضفاف بحيرة ليمان.
وفيما يُقلل بعض المسؤولين السويسريين من أهمية الموجة الأخيرة للتخفيضات المالية وفقدان الوظائف وسط العديد من الوكالات الدولية الـ 32 التي تتخذ من المدينة الواقعة غرب سويسرا مقراً لها، تراقب السلطات المحلية في الكانتون تطور الأحداث عن كَثب.
وفي الوقت الذي تقترب فيه العديد من هذه المؤسسات من نقطة الانهيار نتيجة الضغوط المالية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وَجهت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان مؤخراً نداءً عاطفياً من أجل الحصول على المزيد من الأموال لمواجهة الارتفاع الكبير في الطلبات على مكتبها في أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربي.
وفي لقاء جمعها مؤخرا مع صحفيين في مدينة جنيف، قالت المحامية الجنوب إفريقية: “يهدد الوضع بأن يصبح مزمنا”. ولدى المفوضية حالياً 1000 موظف يعملون في مركزها الرئيسي في هذه المدينة. ويحتاج مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الى مبلغ 141 مليون دولار (117 مليون فرنك سويسري) على شكل تبرعات، علاوة على مخصصاته من الأمم المتحدة لهذه السنة. ولكن، وحسب بيلاي، فإن المانحين مُستعدون لتقديم مبلغ يتراوح بين 98,7 و 103,4 مليون دولار فقط.
وفي شهر مايو 2011، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن خفضها مبلغ 1 مليار دولار من ميزانيتها للسنتين الماليتين 2012 - 2013، وإلغائها 300 وظيفة في مقرِّها الكائن في جنيف، بسبب القيود المالية في الدول المانحة.
وتعاني منظمات أخرى تتخذ من جنيف مقراً لها من صعوبات مالية أيضاً، كما هو حال اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي قامت بقطع مبلغ 85 مليون دولار من ميزانيتها البالغة 1 مليار دولار للعام الحالي 2011، كما ألغت 32 وظيفة، في وقتٍ وصلت فيه الطلبات على المساعدات الإنسانية الى مستوى غير مَسبوق.
ووفقا لجوسي هانهيماكي، الخبير في الأمم المتحدة، قد تكون هناك إعلانات مماثلة في طريقها للصدور. وكما قال الأستاذ في معهد الدراسات الدولية العليا والتنمية “من المُرجّح أن تكون هناك المزيد من التخفيضات”، مضيفاً أنه “من المُحتمل جداً أن نسمع شيئاً من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال الأشهر الستة أو الثمانية المقبلة، ولكن ربما ليس بِحَجم التخفيضات التي شهدتها منظمة الصحة العالمية”. واستطرد ليشير إلى أنه “هذا النوع من الاتجاه الذي لا يمكن تلافيه منذ عام 2008”.
ومنظمة الأمم المتحدة التي تحتفظ بمقرها الأوروبي في مدينة جنيف، ليست مُستثناة من هذه الظروف، إذ تمر هي الأخرى بأوقات صعبة. وقد طلب بان كي مون الأمين العام للمنظمة من المسؤولين إعداد ميزانية تقِّل بـ 3% عن الميزانية الحالية البالغة 5,4 مليون دولار للفترة 2012 - 2013. وقالت كورين مومال- فانيان المتحدثة باسم الأمم المتحدة في جنيف: “علينا أن نكون واقعيين، فحتى أغنى دول العالم تقوم باتباع سياسة تقشف وتُخفض ميزانيتها. وعلى منظمة الأمم المتحدة أن لا تكون أقل انضباطاً”. وأضافت: “سوف تؤدي هذه التخفيضات في الميزانية إلى فقدان عدد من الوظائف في نيويورك وجنيف وأماكن أخرى”.
و حَسْب مومال- فافيان، فإنَّه من المُبكر جداً التكهن بعدد الوظائف المُعرضة للخطر، حيث لن يتم اعتماد ميزانية السنتين الماليتين 2012- 2013 إلا في شهر ديسمبر المقبل. ولكن، وكما تقول: “سوف تكون الخسائر أقل أهمية من تلك التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية”.
وبدورها، تراقب المنظمات غير الحكومية التي تتخذ من جنيف مقراً لها الوضع بقلق، خاصة تلك التي تحصل على تمويلها من الحكومات.