الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

"قهوة زايد".. البن "سيلاني".. والتحميص على الفحم

"قهوة زايد".. البن "سيلاني".. والتحميص على الفحم
2 أكتوبر 2018 00:57

نسرين درزي (أبوظبي)

بحضور معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، وسعادة سيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة، وبالتزامن مع اليوم العالمي للقهوة، أقامت وزارة الثقافة في أبوظبي أمس الأول فعالية «قهوة زايد»، إحياءً للعادات والتقاليد وطقوس القهوة العربية التي تم إدراجها على قائمة التراث غير المادي لمنظمة اليونيسكو. وجاءت الاحتفالية في مقهى architecture بجزيرة الريم وشهدت عرضاً لطقوس إعداد القهوة على الفحم كما كان يطلبها الأب المؤسس، قدمه عبدالله الشامسي المقهوي الشخصي للمغفور له الشيخ زايد لأكثر من 30 عاماً، في إطار الدمج بين الحاضر والماضي بأفضل صور الموروث الثقافي والشعبي لمجتمع الإمارات. ومما قاله الشامسي إن زايد كان يصر على المواد الطبيعية في طعامه وشرابه وكان يفضل البن السيلاني من دون هيل بلا أي إضافات، أما الحليب المغلي، فكان يطلبه إما بالزنجبيل أو الزعتر الأخضر أو الحلبة.

صون التراث
تحدثت معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، لـ«الاتحاد» عن مبادرة «قهوة زايد» التي تزامنت مع احتفالات العالم بيوم القهوة العالمي. وقالت إنه من المهم نشر المعرفة حول نوع القهوة التي كان يحتسيها المغفور له الشيخ زايد وتعريف الجمهور والطلاب بها، ولاسيما أصحاب المشاريع المحلية الناشئة التي تعنى بإعداد القهوة، إذ من المفيد تشجيع الطاقات الشابة ودعمها للمحافظة على الوجه التقليدي للضيافة في الإمارات كجزء من استراتيجية صون التراث ونقله للأجيال، والتأكيد على استدامته كثروة وطنية.

تواضع زايد
وروى عبدالله الشامسي تفاصيل يومياته مع المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، إذ كان الشخص الوحيد الذي يُسمح له بالدخول إلى مجالس الوالد زايد في لقاءاته مع الملوك ورؤساء الدول. وقال: «إن الوالد زايد كان يسأل يومياً عن أبناء الدولة خشية أن يكون فيهم المحتاج أو المريض، وكان لسان حاله يقول كيف أنام قبل الاطمئنان على أحوال شعبي وأنهم بخير».
وتحدث عن تواضع الوالد زايد وحبه لتحضير القهوة بنفسه في رحلات البر، رافضاً أي مظهر من مظاهر التكلّف بعيداً عن المجالس الرسمية، وكل ما كان يطلبه كندورة واحدة للتبديل، وخيرات النخيل من تمور ورطب، وعدّة القهوة التي كانت تغلى بمياه يتم استقدامها من فلج الصاروج العين.
وأضاف الشامسي أنه كان يتحرك بأوامر سرية، ويرافق الوالد زايد في كل جولاته متنقلاً من قصر الخزنة إلى قصر المقام، حتى أنه كان يسافر معه خارج الدولة، ناقلاً مجموعة الدلال والفناجين التي يحبها بالحجمين الكبير والمتوسط. وذكر أن زايد الذي كان يكرم ضيوفه بالقهوة العربية شارحاً لهم عن مزاياها و«السنع» أي تقاليدها، كان يحتسي كل أصناف القهوة والشاي التي تقدم له خلال أسفاره إلى مختلف بقاع الأرض، ومع أن عادات البعض في الشراب الساخن لم تكن تعجبه، غير أنه لم يرد ضيافة أحد قط، بل على العكس كان يقدر الترحيب ويحتفي به.

تراث لن يموت
وتابع الشامسي روايته وبكى عندما تذكر كيف كان يسهر مع الأب المؤسس حتى الساعة 2:00 بعد منتصف الليل، ويجلس من بعيد يراقبه كيف يستيقظ مع أذان الفجر لأداء الصلاة واحتساء الحليب الطازج بعد غليه بنكهاته المفضلة، وقال: «الحياة سابقاً لم تكن سهلة، ولا أذكر أن الشيخ زايد كان يشكو يوماً أو يتخاذل.. كان الطريق إلى دبي يتطلب منا السفر 10 أيام، ومع ذلك كنا نتنقل بفرح.. أحببت خدمة الوالد زايد وتعلمت إعداد القهوة في سن صغيرة، ولم أقدمها يوماً لسواه إلا في حضوره وبأمر منه، وأن أكرم الضيوف أولاً». وبدوره قام الشامسي بتعليم طقوس المقهوي وإعداد القهوة على أصولها لجيل كامل من الشباب، وهو لا يخشى على هذه المهنة من الاندثار لأن تراث زايد لن يموت مع اهتمام قيادات الدولة باستراتيجية الحفاظ على العادات والتقاليد القديمة ونقلها للعالم أجمع.
وبسؤال عبدالله الشامسي عن سبب الإمساك بـ«دلة» زايد الذهبية كل الوقت، أجاب أنها هديته الأخيرة، وهو على الرغم من شغفه بمهنته كمقهوي، فإنه أقسم ألا يصب القهوة لأحد من بعد «زايد الخير»، حتى إنه رفض أن يمثل أمام ضيوف فعالية «قهوة زايد» كيف كان يقدم فناجين القهوة للضيوف.

3 ساعات
وأوضح عبدالله الشامسي، أن إعداد القهوة يتطلب التأني والدراية والحس الرفيع، وقال إن الوالد زايد كان يطلب القهوة على أصولها، وكان تجهيزها بالمذاق المطلوب يحتاج ما بين التحميص والغلي والخلط والتصفية والترقيد من ساعتين إلى 3 ساعات كحد أدنى.

4 دلال
إعداد القهوة العربية يتطلب 4 دلال، الأكبر تستخدم لغلي الماء وتعرف بدلة «الخمر»، والثانية تشهد عملية خلط البن بالمياه الساخنة وتعرف بدلة «التلقيمة»، والثالثة مخصصة للترقيد وتعرف بدلة «المزلة»، ويستعين المقهوي المحترف بدلة رابعة يخصصها للصب. و«دلة زايد» الخاصة التي لطالما رافقته في مجالسه، كانت ذهبية اللون وكان الشامسي يحضنها بيديه كجوهرة ثمينة تعيده إلى أجمل سنوات حياته.

مذاقات أصيلة
تقدم وزارة الثقافة وتنمية المعرفة مبادرة «قهوة زايد» أمام الجمهور حتى 4 أكتوبر لخوض تجارب المذاقات العربية الأصيلة. وبعد مقهى architecture في أبوظبي، تنتقل الفعالية إلى The espresso Lab في إمارة دبي، وRatios Coffee في الشارقة وTrends Cafe في عجمان وThe Muse cafe في رأس الخيمة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©