«بداية العالم» الروسي يفتتح مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي

على أنغام المزمار البلدي والرقصات الشعبية المصرية والتنورة وخلفية الأهرامات و”أبو الهول”، افتتح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثانية والعشرين على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية مساء أمس الأول، ويستمر المهرجان عشرة أيام بمشاركة 46 دولة من بينها 14 دولة عربية تمثلها 58 فرقة مسرحية تقدم 85 عرضا بينها 33 عرضا داخل المسابقة الدولية، والدول العربية المشاركة هي السعودية وسلطنة عمان وقطر والبحرين والعراق واليمن وسوريا ولبنان والأردن وليبيا وتونس والمغرب والسودان ومصر. نجاح متواصل تميزت الفقرة الفنية التي صممها المخرج خالد جلال بالإبهار، حيث بدأت باستعراض لمجموعة من الشباب يقدمون بروفات مسرحية ثم لوحة في خلفيتها الأهرامات وأبو الهول وفرق للمزمار البلدي والرقص الشعبي والتنورة ولوحة أخرى لمبنى الأوبرا المصرية ومجموعة من فراشات الباليه. وأكد حسني أن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يشهد نجاحاً متواصلاً يعكسه التزايد والإقبال الدولي من مختلف دول العالم للمشاركة في فعالياته، مشيراً إلى تزايد حجم المشاركة الأفريقية والعربية حيث تشارك 13 دولة عربية من خلال 22 عرضاً لفرق رسمية وخاصة، بالإضافة إلى مصر التي تشارك بعرضين في المسابقة الدولية هما “دعاء الكروان” إنتاج البيت الفني للمسرح، و”ظل الحمار” إنتاج مركز الإبداع، وتقام العروض على 20 مسرحاً في القاهرة، وأوضح أن المعايير التي يتم على أساسها اختيار العروض المشاركة في المسابقة الدولية للمهرجان أهمها أن تنتمي إلى التجريب وفيها قدر من الإضافة والمغامرة، لافتاً إلى أنه يتم انتقاء ما يفيد المسرح المصري، واستبعاد الأعمال التي تحتوي على إغراق شديد في الإباحية ولا تتناسب مع المجتمع العربي. ضم الشباب طلب الوزير فاروق حسني من رئيس المهرجان د. فوزي فهمي أن تضم لجان المشاهدة والاختيار مجموعة من شباب المسرحيين إلى جانب الكبار، اعتباراً من العام القادم خاصة أن المسرح التجريبي مسرح للشباب بالدرجة الأولى، وأوضح أن الهدف الرئيسي من المهرجان هو تقديم أفكار جديدة للمسرح بما يجعل المسرح يتطور، وليس معنى ذلك أن الهدف هو أن ننقلب على المسرح التقليدي، مشيراً إلى أن المهرجان ينتقي العروض ذات المستوى المتميز والتي تفيد المجتمع. وعن عزوف كبار المسرحيين عن المشاركة في المهرجان، قال “أتمنى أن يشارك الكبار في عمل تجريبي وهناك تأثر كبير بالرؤى والتجريب من خلال عروض المهرجان انعكس على بعض الأعمال المسرحية في مصر، سواء في النص أو الحركة والإيقاع السريع ويتمثل ذلك في أعمال المسرحيين الشباب من خلال تأثرهم بالتكنيك الجديد في الإضاءة والسينوجرافيا والموسيقى حتى في مسارح الأقاليم”. وقالت الأميركية مارثا كوانيه، رئيس لجنة المشاهدة الدولية، إن اللجنة شاهدت 62 عملاً واختارت للمسابقة الدولية 33، مؤكدة أن المهرجان كل عام يقدم مفاجآت عديدة من خلال العروض المشاركة. وأوضح انتوني فيلد المخرج والمنتج المسرحي البريطاني أن أي نشاط مسرحي متميز يبدأ كتجربة، مشيراً إلى أن أوبرا “مدام بترفلاي” لبوتشي وصفها النقاد بأنها عمل فاشل حين قدمت لأول مرة في ميلانو عام 1904. وأضاف أن أيام المهرجان ستتيح التأمل في أعمال مسرحية تجريبية قد لا يستهدف بعضها سوى جذب المتفرجين وإمتاعهم في حين يسعى البعض الآخر إلى تجاوز الحاضر ليصبح تجسيداً لقيم ومبادئ أبدية. مزج الأساطير اختتم حفل الافتتاح بالعرض الروسي “هايبر بوريان، بداية العالم” لفرقة مسرح سورجت من روسيا، إخراج ف. ماتيشينكو الذي جاء مميزاً بما يحويه من تقنية وقدرة على المزج بين الأجواء الأسطورية اليونانية وأساطير أهل سيبريا الأصليين في روسيا، و”هايبر بوريان” اسم يطلق على سكان أرض تقع خلف الرياح الشمالية ووصفهم اليونانيون في أساطيرهم بأنهم مهد البشرية، حيث كانت الشمس تطلع عليهم بلا احتجاب إذ تشرق وتغرب مرة واحدة كل عام فشكلت حياة أشبه بالفردوس حيث يظلهم ربيع صحو دائم تورق فيه الثمار والأزهار المختلفة، ويعم العدل والوفاق وغابت عنهم ويلات الشيخوخة والأمراض وتروي الأساطير اليونانية أن الآلهة كانت تحبهم، وتشير الحضارة اليونانية إلى أن حضارة “هايبر بوريان” تمت في أحضان حضارة أخرى، ويرى علماء الأجناس أن سكان روسيا هم أحفاد هذه الحضارة. تكريم رموز العمل المسرحي كرم المهرجان في حفل الافتتاح ثمانية من رموز العمل المسرحي في مختلف دول العالم من روسيا إيرنيا مياجكوفا، ومن إيطاليا ايمانويلا جيوردانو، وحنان قصاب من سوريا، وديموس افيديليوس من اليونان، ورجاء حسين من مصر، وفيتولد مازوركيفتس من بولندا، ومانفريد بايلهارتس من ألمانيا، ومايكل فيلدز من أميركا، وهوجولويس ساكوكيا من الأرجنتين.