10 أكتوبر 2010 21:42
يتفق معظم الصينيين على أن ارتفاع عدد السكان هو واحد من الأسباب الرئيسية التي تقف وراء معاناة الصين. لكن الاقتصاديين يرون غير ذلك، وببلوغ عدد السكان نقطة التحول تستعد الصين لإجراء عملية تعديل صعبة مع زيادة ضغوط أسواق العمل على ورشة العمل العالمية.
وهذا تحول تأمل الهند، التي من المتوقع أن تتفوق على الصين كأكثر دولة مأهولة بالسكان في العالم بحلول 2025، الاستفادة منه بزيادة عدد المنضمين لقوتها العاملة بمعدل سنوي يصل إلى أكثر من 15? خلال الأعوام الأربعة عشر المقبلة. وربما يبلغ عدد المنضمين للقوة العاملة ذروته هذا العام. لكن يتساءل الكثير من المحللين ما إذا كانت الهند، وببنيتها التحتية الممتدة المتخلفة وبشبابها الذي يفتقر للتعليم الجيد، قادرة على تسلم عصى الريادة.
ويقول لافيش بهانداري مدير إندي كوس أناليتيكس للبحوث الاقتصادية “بكل الاحتمالات لا يمكن للهند أن تستفيد من انخفاض القوة العاملة في الصين، وذلك ببساطة لأن الهند غير جاهزة لأن تملك قطاعا صناعيا بحجم الصين. كما أن البنى التحتية محدودة جداً وتكلفتها مرتفعة، بالإضافة إلى عدم العمق الكافي لقاعدة المعرفة والخبرة في الموارد البشرية.
وفي الصين حيث من المتوقع تراجع القوة العاملة بحلول 2016، بدأت علامات أزمات سوق العمل في الظهور بالفعل بدخول الصين هذا الصيف في سلسلة من النزاعات وإضرابات العمال المطالبين بزيادة الأجور. ونتج عن هذه الإضرابات جدل حول ما إذا كانت الصين قد بلغت “نقطة تحول لويس”، في إشارة إلى نوبل آرثر لويس صاحب النظرية القائلة بارتفاع الأجور إلى حد كبير في اقتصادات الدول النامية عندما يستنفد طلب العمال في القطاع الصناعي كل فائض العمالة الذي يوفره القطاع الزراعي. ويدرك بعض الاقتصاديين أن الصين بلغت هذه النقطة في 2004 عندما أعلنت الشركات الصناعية في دلتا نهر اللؤلؤ نقصا في القوة العاملة، بالرغم من انخفاض حدة الضغوط مؤقتاً أثناء الأزمة المالية العالمية عندما تراجع الطلب على الصادرات الصينية.
لكن وفي هذا العام، عملت المراكز الصناعية في مدينتي جوانزو ودونجوان على زيادة معدلات الحد الأدنى من الأجور فضلاً عن زيادة الأنشطة الترفيهية وتحسين الغذاء في مجمعات المصانع السكنية بهدف جذب العاملين والاحتفاظ بهم. وبدأت شركات مثل “فوكس كون” لصناعة الإلكترونيات التحرك نحو الداخل بالقرب من موطن عمالها أملاً في تسهيل عملية الحصول على عمال جدد، ومن ثم إرغام الشركات الأخرى على رفع أجورها من أجل المنافسة. ويقول جيانج تينج سونج كبير الاقتصاديين في مركز الاقتصاد العالمي في أستراليا “تتفق الآراء في أن الصين ستبلغ “نقطة تحول لويس” قريباً جداً على ضوء التطورات الأخيرة في نمو السكان وسياسة الطفل الواحد”.
ومن المتوقع أن يساعد ارتفاع الأجور في الأعوام المقبلة في إبعاد الشركات الصناعية عن قطاعات القيم المضافة الضعيفة، في الوقت الذي سيلعب فيه ارتفاع استهلاك العامل الصيني ذي الأجر الأفضل دوراً أكبر في دفع عجلة الاقتصاد المحلي.
وتوقعت “مورجان ستانلي” ارتفاع نسبة العمالة الصينية في الناتج المحلي الإجمالي من مستواها الحالي عند 15% إلى 30% على الأقل بحلول العام 2020. ويوضح آرثر كروبر مدير مؤسسة دراجو نوميكس الاستشارية المستقلة “في حالة ارتفاع الأجور، لابد وأن يرتفع معها نصيب الأسرة في الدخل القومي. وستكون هذه العملية غاية في الفائدة مما يساعد في أعادة توازن الاقتصاد”. ومع ذلك، يتخوف بعض الاقتصاديين من أن تؤدي أزمة توفر العمالة إلى بطء النمو وارتفاع التضخم. ويقدر جيانج أن انخفاض 5% من قوة الصين العاملة غير الماهرة، ينتج عنه تراجع بنسبة 2% في الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى معظم الهنود أن معاناة قطاع العمل الصيني تعود عليهم بتوفير بعض الفرص، حيث تقدر الأمم المتحدة أن عدد السكان في الهند سيشهد زيادة بنسبة 26% من 1,2 مليار في 2010، إلى 1,5 مليار نسمة بحلول 2035، في الوقت الذي يرتفع فيه معدل القوة العاملة بنسبة 33% لقرابة مليار شخص. وعند ذلك الوقت، ستشكل قوة الهند العاملة التي تنحصر بين سن 15 إلى 59 سنة، 65% من جملة عدد السكان لتصبح الهند أكبر سوق للعمل في العالم.
وذكرت “جولدمان ساكس” أن قوة الهند العاملة ستنمو بمعدل 110 مليون خلال الأعوام العشرة المقبلة، وهي أكبر نسبة زيادة في العالم من الممكن أن تضيف 4% لنمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد المقبل. لكن ما يقلق الكثير من أفراد الشعب الهندي بمن فيهم مدراء الشركات والاقتصاديين وصانعي القرار، ما إذا كان بمقدور اقتصاد البلاد استيعاب هذا الكم من العمال الذين يجيء معظمهم من المناطق الريفية الفقيرة حيث قلة الخبرة أو انعدامها أحياناً. وبينما ينضم نحو 13 مليونا من شباب الهند للقوة العاملة كل عام، لا تتعدى سعة نظام التدريب المهني هناك سوى 3.1 مليون مما يجعل العديد من الشباب يفتقرون حتى للخبرات المبدئية. ويقول لافيش بهانداري “ليس لدينا من هو جاهل تماماً من الناحية العملية، لكن معظم قوتنا العاملة غير مناسبة للممارسات الصناعية المهولة التي يبدع فيها الصينيون”.
نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
ترجمة: حسونة الطيب