8 يوليو 2012
محمد نجيم (الرباط) - صدر حديثاً للناقد السينمائي المغربي سليمان الحقيوي، كتاب بعنوان “سحر الصورة السينمائية” ويقع في 140 صفحة من القطع المتوسط، جمع فيه المؤلف أبحاثه ومقالاته حول السينما، وحول أعمال سينمائية عالمية تركت انطباعها الجميل لدى المشاهد من مختلف أنحاء العالم.
في هذا الكتاب الصادر عن دار الراية في الأردن، يكتب سليمان الحقيوي، برؤيته النقدية حول أفلام من العيار الثقيل من قبيل: “مملكة الجنة” و”روبين هود” و”أفاتار” و”كوكب القردة” و”إسمي خان”، وأعمال عالمية أخرى معروفة.
وفي تقديمه لهذا الكتاب يقول الناقد سليمان الحقيوي “تكمن روعة الفن في قدرته اللامتناهية على مد تجربتنا الحياتية بتجارب إنسانية أخرى ما كان لنا أن نلامسها ولا أن نتعرف عليها، كونها تسافر بنا وفينا نحو عالم خيالي مشترك، وما كان للسينما أن تتبوأ هذه المكانة الرفيعة، وتحقق هذا الإمتاع الإقناعي لولا مراهنتها على سحر الصورة وإيحاءاتها. غير أن تأشيرة هذا الترحال الوجودي ليست باليسيرة؛ إنها مقرونة بمخاطر شتى قد تجعلنا فريسة سهلة بين أنياب التعبئة الأيديولوجية التي تكشر عنها بعض التيمات السينمائية”. مضيفا “لقد وجدنا أنفسنا طوال عقود خلت أهدافاً لهجوم شرس، تشارك فيه وسائط إعلامية مختلفة تتراوح بين المكتوب والمرئي والمسموع، مُشكِّلةً حلقة وثيقة، تحكم الحصار من حولنا باعتبارها قنوات ضخمة لتمرير المعلومة، وإذا كانت وسائل الاتصال هذه، قد تعددت وتطورت إلى حد كبير، فإن السينما تحظى بمكانة متميزة بينها، فهي تختزل مجموعة من الوسائل في الآن نفسه، حيث، توظف مختلف الفنون الأخرى من رسم وموسيقى ورواية ومسرح، مما يجعلها تتفوق على باقي الوسائل الأخرى، فقد قطع التعبير بواسطة الصورة أشواطا كبيرة من التقدم، حيث قفزت خطوات هائلة خالقة مسافة، شكلا ومضمونا، مع المنجز السابق، جعل السينما تعتلي هرم الفنون، وتسلب المتلقي إرادته وتشكل منافسا حقيقيا يفرض نفسه في بعض الحالات بديلا للمسرح منازعاً إياه أبوته للفنون، وإذا أردنا أن نعقد مقارنة بسيطة بين عدد قراء الكتب وعشاق المسرح، وبين رواد السينما لوجدنا البون شاسعا، فالسينما هي المنبع الوحيد الذي يستمد منه عدد كبير من الشباب ثقافتهم في سنوات حياتهم الطويلة، التي لا تنقطع بانقطاعهم عن الدراسة، فهي لا تضع شروطا أو حواجز لولوج عوالمها، كما يفعل المسرح الذي يرتاده المثقف والمتعلم...، إنها تتحول في أحايين كثيرة إلى غزو على المستويين الثقافي والأخلاقي، ونحن هنا لا نعمم أحكامنا على وسائل الاتصال كلّها، كما لا ننعت السينما دون غيرها من وسائل الاتصال بكونها سلبية، بل نعني فقط تلك الأعمال المُوَجَّهة بطريقة أو بأخرى”.
ويكتب “أن السلطة التي يتمتع بها المخرج داخل عالم الفيلم، والتي تبدأ باختياراته للموضوع والشخصيات والقصة، وأثناء صنعه أو إبداعه للفيلم، تتحول إلى عصا سحرية بعد عملية الإنتاج، من خلال التأثير الذي سيمارسه الفيلم على المتلقي، واستجابته لمضمونه” ويضيف الحقيوي “إن هذا التأثير قد يتراوح بين السلب والإيجاب حسب قدرة المتلقي على حل رموز الفيلم البادية والخفية، هذا إذا افترضنا أنه يقوم بعملية النقد، لأن واقع الحال يؤكد عكس ذلك”.
ويشير الحقيوي إلى انه “في هذا السياق يأتي هذا العمل ليتيح للقارئ العربي التعرف على الخبايا والنوايا التي تتخفى وراء العمل السينمائي كي لا ينبهر فقط بالصورة في شكلها الظاهر، ولكن حتى يتمكّن بالإضافة إلى ذلك ـ وهذا هو الأهم ـ من آليات التعامل مع الصورة السينمائية، والقدرة على تفكيك رسائلها البادية والخفية”. كما يرى “أن السينما لا تكشف العالم كما هو، وإنما تقطعه؛ أي يتم فهمه في زمان ومكان معينين وداخل ثقافة محددة. وهذا يقتضي أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار أثناء التعامل مع الخطاب السينمائي، لان دوافع وأهداف صناع السينما مختلفة ومتعددة، منها الفني والتجاري والتقني، ووسط تقاطع هذه المصالح تكمن رسائل مختلفة هي حتما محكومة بتلك الأهداف والدوافع... وهو ما يجعل البعض منها خطرا موجها، والأمر على هذا النحو يستدعي ثقافة سينمائية لدى المتلقي، تمكنه أولا من فهم العمل السينمائي، ثم ممارسة حوار معه، لتُتَوج العملية في الأخير بالنقد الذي يعطي للمتلقي هذه الصفة، ويهبه القدرة على البحث عن منافذ سينمائية تساهم في تنمية ذوقه الفني.