عصام أبو القاسم (كلباء)
تواصلت مساء أمس الأول، فعاليات الدورة السابعة من مهرجان المسرحيات القصيرة الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة في حكومة الشارقة، وتجري أنشطته بالمركز الثقافي لمدينة كلباء.
وحفل برنامج المهرجان في يومه الثاني بثلاثة عروض مسرحية، وندوة حول تجربة الفنان فيصل الدرمكي الذي يحتفي المهرجان بمشواره، كما شهد حضوراً فاعلاً لعدد من فناني المسرح الإماراتي، إلى جانب ضيوف المهرجان من الدول العربية والمشاركين في برامجه التي ستختتم غداً، وهم من المسرحيين الممارسين والأكاديميين. وبدأت الفعاليات عند الخامسة مساء بمؤانسة حول السيرة المسرحية للدرمكي، قدم لها وأدارها الفنان علاء النعيمي الذي رافق الفنان المكرم في العديد من الأعمال المسرحية.
وتحدث النعيمي عن السمات الشخصية للدرمكي الذي وصفه بـ «نخلة شامخة» من نخلات الثقافة، وقال: «إنه شُغف بالمسرح، ونجح في إحراز مكانة منظورة في المشهد الفني خلال العقدين الماضيين، بفضل إصراره على التطور، وعلى وضع بصمته الخاصة». وقال: «إن الدرمكي استفاد من انخراطه في تجارب عدة مع فنانين من أمثال صابر رجب وجمعة علي، ولاحقاً وبشكل أساسي مع الرائد عبد الله المناعي الذي كان له كبير الأثر في الأسلوب الإخراجي للدرمكي».
وتطرق النعيمي إلى موقع الدرمكي في التجربة المسرحية الإماراتية، مبيناً أنه يعتبر من جيل الوسط، وهو يعد من المخرجين الذين تمردوا على المضامين والأشكال التي كرسها الجيل الأول. واستعرض النعيمي جملة من الوقائع، مدللاً على تحلي الدرمكي بالصبر على ممارسته المسرحية ومثابرته للارتقاء بها.
وفي حديثه للحضور، توجه الدرمكي بالشكر لإدارة المسرح بدائرة الثقافة لاختياره كشخصية مكرمة، كما أشاد بتجربة مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة الذي بدا له عند انطلاقته كمشروع لا طائل منه نسبة لندرة الشباب الراغبين في الانتساب للمجال المسرحي، ولكنه ما لبث أن أذهله، بعد مرور سنوات قليلة، حين رأى الإقبال الواسع للمواهب المسرحية على منصته والجمهور المتزاحم على مدخل صالته. وقال الدرمكي: «أقول دائماً أن المسرح بخير في الإمارات بما أن لدينا حاكماً محباً للمسرح مثل صاحب السمو حاكم الشارقة راعي المسرح والمسرحيين، لقد حظينا بالدعم عندما بدأنا مشوارنا، ولكن ما توافر لجيل اليوم كما نراه في مهرجان المسرحيات القصيرة هو أكبر وأفضل بكثير، والمسافات بين المدن صارت أقصر، والإمكانات زادت».
وتحدث الدرمكي عن فكرة دراسة المسرح أكاديمياً، مشيراً إلى أن حياته المهنية بدأت من مجال آخر، ولكنه خضع لورشات تدريبية حول فن المسرح داخل الدولة وخارجها مكنته من التقدم بمشروعه.
وبدأ الدرمكي حياته المهنية بالمجال العسكري، وعند انتقاله إلى المسرح استهل مشواره بسلسلة من العروض «الكوميدية» التي كانت تقدم في عطلات العيد رفقة جمعة علي، وكان ذلك نهايات التسعينيات من القرن الماضي بالمنطقة الشرقية. وذكر الدرمكي أن الذي دفعه إلى ممارسة الإخراج المسرحي هو صابر رجب، أما الذي رسخ تجربته الإخراجية فهو عبد الله المناعي، الذي دعاه في المرة الأولى للعمل معه كمساعد مخرج، وكان وراء تحريضه لاحقاً إلى تقديم أول مسرحية في أيام الشارقة المسرحية من إخراجه، وكانت تحت عنوان «الظمأ»، وقد توج عبرها بجائزة الإخراج (2006)، ولمع اسمه في الساحة، خاصة مع تسجيله أول مشاركة دولية له بالعرض ذاته، وبالعام نفسه في مهرجان دمشق المسرحي، وقال الدرمكي: «أحب الجلوس إلى المناعي، وبرغم قلة كلامه إلا أنه لطالما ألهمني وحرّك طاقتي الابداعية.. افتخر بكوني من تلامذته».
بيد أن المشاركة التالية للدرمكي في (الأيام) كانت محبطة، إذ لم تقبل «لجنة المشاهدة» عرضه ضمن العروض المتنافسة على الجوائز، وعن ذلك قال: «شعرت بالصدمة، بدا لي أني تساهلتُ، ليس غروراً بعدما حققته في ـ الظمأ ـ لكن كان عليّ أن أضاعف انتباهي».
وشهدت الأمسية مداخلات من الفنانين صابر رجب، وجمعة علي، وحبيب غلوم وعيسى كايد وعبد الله صالح، اتفقت في التأكيد على تميز تجربة الدرمكي في الإخراج، كما دعته إلى مواصلة مشروعه الإخراجي بلا توقف.
وفي برنامج العروض، تميزت الأعمال الثلاثة التي قدمت تباعاً بمضامينها المتنوعة، فعرض «الصورة» الذي كتبه البولندي سلافير مروجيك وأخرجته دينا بدر، قارب حالة «السياسي» الذي تقدم به العمر واعتزل في بيته يغالب عذابات ضميره نتيجة وشايته بصديق له قبل خمس عشرة سنة. وارتكزت حبكة العرض الثاني «حالة طوارئ» للكاتب البير كامو، والذي أخرجه محمد الحنطوبي، على التحولات التي تهز قيم الناس حين تحل الكارثة، فيما حكى العمل الثاني الذي جاء تحت عنوان «صديق» للكاتب الفرنسي أدموند ساي، ومن إخراج محمد حاجي، عن تغير طبائع الناس نتيجة تغير مواقعهم الاجتماعية؛ وذلك عبر لقاء جمع بين زميلين في جمعية شعرية طليعية، بعد مرور عقود عدة، وقد صار أحدهما وزيراً، فيما ظل الآخر في موقعه القديم ذاته.