3 فبراير 2010 22:35
مَا بَيْنَ وَاوِ الوَصْلِ
وَتَاءِ التخَلِّي
لو مِتُّ الآَنَ
لَقُلْتُ:
إِنِّي عاشِقُ أَرْبَعَةٍ
كُلٌّ مِنْهَا يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ
وَمَا بَعْدَ الاثْنَيْنِ مِنَ الأَرْبَعَةِ
سَمَاءٌ بَيْضَاءُ تَمَامًا
مَْلأَى بِي.
لَوْ مِتُّ الآَنَ
سَأُقْنِعُ نَفْسِي
أَنَّ اليَاقُوتَ النَّائِمَ فِي حِضْنِ المِرْآةِ
لَيْسَ هُوَ اليَاقُوتُ النَّائِمُ
فِي حِضْنِ النّهْدَيْنْ
خُصُوصًا حِيِنَ يُطِلاَّنِ
عَلَى بَحْرِ الَقلْزَمِ
أَوْ قُلْ بَحْرا احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ
لَمَّا رَأَتَا اليَاقُوتَ
ينامُ وَيصْحُو قُرْبَ النَّهْدَينِ
وَيَكْتُبُ سِيرةَ عَشَّاقَيْنِ
اخْتَطَّا لُغَةً لَمْ يَعْرِفْهَا المَاءُ
وَلَمْ تُدْرِكُهَا سَوَاحِلُ بَحْرِ الظُّلُمَاتْ.
طَالِعُ السَّوْسِنِ
يَقْولُ طَالِعُكِ:
إِنَّ كَأْسًا أُولَى سَتَنَامُ في يَمينِكِ.
إِنَّ سَمَاءً سَتَذُوبُ كُلَّمَا اقْتَرَبَتْ مِنْ وَجْهِكِ
إِنَّ وَتَرًا مَقْطُوعًا مِنْ عُودِكِ
سَيَعُودُ وَحْدَهُ نَادِمًا
سَيَظْهَرُ لَكِ طَريقٌ
لَمْ تَعْرِفْهُ الجِهاتُ السِّتُّ
فَاتَّخِذِيهِ بُسْتَانًا لِلْعِشْقِ
سَيَأْتي إِلى سَرِيرِكِ الوَسِيعِ طَائِرٌ ثَمِلٌ
طَالِبًا المَلاَذَ
فَخَلِّيهِ يَعْلُو قَمَرَكِ
سَتَنْحَفِرُ بِئْرٌ فِي مِخَدَّتِكِ
فَلاَ تَجْفَلِي
لأَِنَّ يُوسُفَ بِانْتِظَارِكِ.
سَتَظْهَرُ لَكِ في كُلِّ جُمْعَةٍ
شَجَرَةٌ
فَاعْلَمِي أَنَّ اسْمَكِ يُظَلِّلُ.
سَتَنزِلُ مِنْ سَقْفِ السَّمَاءِ
مِرْآَةٌ حَامِلَةً وَجْهَكِ
دُونَمَا أَنْ تَنْظُرِي فِيهَا
فَاعْلَمِي أَنَّكِ سَوَّفْتِ في الوَصْلِ.
يَنْبُتُ في يَدَيْكِ سَوْسَنٌ
وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَطَارِدَ يَحْرُسُ يَمِينَكِ.
طَالِعُكِ يَقُولُ الكَثِيرَ
لكِنَّ الصَّفْحَةَ التي أَكُتُبُ فيها امْتَلأَتْ.
تَكْرَهِينَ الِّلجَامَ
وَلَمْ يَكُنْ الحَبْلُ لُعْبَتَكِ
فِي الطَُفْولَةِ
وَلَمْ يَدْخُلْ طَائِرَاكِ القَفَصْ
كَانَتِ السَّمَاءُ ـ دَائِمًا ـ بَيْتَكِ
تُحِبِّينَ الغُرَفَ الوَسِيعَةَ
كَقَلْبِكِ
لَمْ تَذْهَبِي إِلَى المُوسِيقَى
إِلاَّ لأَِنَّ قَانُونَهَا
بِلاَ قَانُون
وَلَمْ تَنْزِلي النِّيلَ لَيْلاً
إِلاَّ لِتَشُمِّي رَائِحَةَ اسْمِكِ
وَتَرَيْ “الحُريَّةَ” فِي قَمَرٍ يَتْبَعُكِ
فَلِمَاذا
تَحْسبِينَ العُمْرَ بِالوَرَقَةِ والقَلَمِ
وَتُقَيِّدينَ القَلْبَ بِالزَّمَن؟
لاَ تُكَذِّبي شَمْسًا
لَسْتُ غَامِضًا
إِلى الحَدِّ الذي تَحَارُ فِي فَهْمِي فَرَاشَة
وَلاَ إِلى الَحدِّ الذي تَتَشَكَّكُ سَمَاءٌ
فِي اسْمِ رُوحِي
فَقَطْ
عِنْدَمَا أُحِبُّ
أَمْنَحُ نَفْسِي
حَتَّى لَمْ يَعُدْ لِي مِنْها سِوَاك
أَفْتَحُ الصُّنْدوُقَ
حَتَّى نَفَادِ البَحْرِ مِنَ الكَلاَمِ
فَأُرْمَى بِحَجَرَيْنِ مِنْ شَكٍّ
وَسَهْمَيْنِ مِنَ عِطْرِ الهَوَاجِسْ.
لَمْ تُحِطْ بِي خَطِيئَةٌ
زَبَدٌ وَيَذْهَبُ
لَكِنَّهُ يَجْرَحُ الشَّاطِئَ
وَيَرُشُّ مِلْحَهُ أَحْيَانًا
فِي عَيْنِ شَمْسِي.
عَيْنَا الفِطْنَةِ
لَمْ يَكُنْ البِيَانُو الصَّامِتُ نَائِمًا
حِينَ رَآَنِي أَبُوسُكِ
فَاتِحًا سَمَاءَيْنِ
كَانَ يَكْتُبُ الَّلحْنَ
وَيَشْهَدُ.
الوَاحِدُ لاَ يَنْقَسِمُ
عَلاَمَتَا اسْتِفَهَامٍ
مَقْلُوبَتَانِ
إِحْدَاهُمَا تَسْأَلُ
وَالثَّانِيَةُ
تُفَكِّرُ أَنْ تَصْحُوَ مِنْ نَوْمِهَا
وَتَسْأَلَ.
قَتِيلُ العِبَارَةِ
يُتَمْتِمُ التُّرَبيُّ حَامِدًا
كُلَّمَا مَاتَ أَحَدُهُمْ.
يَشْكُرُ تَاجِرُ القمَاشِ رَبَّهُ
كُلَّمَا كَانَ الجُثْمَانُ ضَخْمًا.
يَبْتَسِمُ فَقِيهُ القُرْآَنِ
مَعَ كُلِّ مَأْتَمٍ
وَيَسْعَدُ
إِذَا مَا جَاءَهُ مَأْتَمَانِ فِي لَيْلَةٍ.
يَبْكِي الدَّيَّانَةُ
مُنْتَظِرِينَ الدَّيْنَ المُؤَجَّلَ
أَنْ يَعُودَ.
وَحْدَهُ المَيِّتُ
يَطِيرُ مَحْمُولاً
يَبِيتُ لَيْلَتَهُ فِي عُزْلَةٍ
لاَ يَتَذَكَّرُ إِلاَّ البَنَّا
الذِي بَنَى قَبْرَهُ عَلَى عَجَلٍ.
كَهْفُكِ لاَ يَتَنَاهَى
مَاذَا لَوْ نَفِدَتْ كَلِمَاتُكِ؟
يَتَكَلَّمُ جَسَدُ البَحْرِ
بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى
يَتَطَابَقُ فِيهَا الخَالِقُ وَالمَخْلُوقُ
إِذْ لاَ يَحْتَاجُ المَدَدُ
إِلَى مَدَدٍ.
* مختارات من ديوان “أسوق الغمام” الصادر حديثا للشاعر المصري أحمد الشهاوي