أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
دعا الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي، السودانيين أمس إلى التكاتف والالتفاف حول الحكومة الانتقالية، وتفويت الفرصة أمام الساعين لإجهاض الثورة، لتجنيب السودان المهالك، وطالب بمحاربة الفساد في الخدمات، وأكد أن التغيير الذي حدث كان حقيقياً تكاملت فيه أدوار الشعب السوداني والقوات المسلحة.
ورحب البرهان، خلال حضوره صلحاً بين قبيلتي العوضية الجعليين والعبابدة في ولاية نهر النيل، بعودة السودانيين الذين حملوا السلاح لفترات طويلة في نزاعات سابقة، مطالباً بالعمل من أجل بناء دولة يتساوى فيها الجميع.
وقال البرهان: «إن بناء السودان الجديد يحتاج إلى تكاتف الأطراف كافة».
وتتزامن تصريحات البرهان مع وصول وفد من الجبهة الثورية إلى العاصمة الخرطوم لإجراء لقاءات مع أعضاء مجلس السيادة والوزراء والقوى السياسية السودانية.
وفي هذه الأثناء، قالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد»، إن اللجنة الثلاثية التي تم تشكيلها من قبل الاجتماع المشترك لمجلس السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير أوصت بحل حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً الذي كان يرأسه الرئيس المعزول عمر البشير، وتطبيق مبدأ العزل السياسي لكل المتورطين في الفساد والإجرام خلال العهد السابق.
ومن جانبه، دعا محمد عصمت يحيى، القيادي بقوى الحرية والتغيير، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك برفض أشكال الضغوط كافة في عمليات تعيين قادة الخدمة المدنية، ووصف عصمت سياسات الحكومة في تعيين القيادات العليا بمؤسسات الدولة بـ«العشوائية» وتعوزها المعيارية، وحث عصمت رئيس الوزراء على إسناد مهمة اختيار القيادات للجنة خبراء من ذوي العلم والمعرفة والتجربة، لتضع معايير الاختيار للوظائف، ومن ثم يتم بموجبها الترشيح والتعيين.
وعلى صعيد آخر، أعلن مجلس الوزراء السوداني اليوم الأحد عطلة رسمية في جميع أنحاء السودان للاحتفال بذكرى المولد النبوي الذي يعد الأول بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، واستغل السودانيون هذه المناسبة للتعبير عن احتفائهم بالإسلام كدين للرحمة والتسامح وقبول الآخر، وللإعلان عن رفضهم للتعصب والتشدد والتطرف وجميع الممارسات التي ارتكبت في عهد النظام السابق باسم الإسلام، وضرورة تحقيق السلام الاجتماعي.
وبدأت الاحتفالات وسط أجواء بهجة وفرح بالمولد النبوي في أنحاء السودان قبل أيام، وبلغت ذروتها أمس، حيث شهدت الخرطوم والولايات العديد من الاحتفالات بمشاركة الطرق الصوفية والمواطنين، فضلاً عن القوات النظامية والشرطة.
وجابت زفات المولد سيراً على الأقدام شوارع العاصمة والمدن في تشكيلات بديعة لإحياء الذكرى التي تحتل موقعاً متميزاً في الوجدان السوداني، حيث تزدان الميادين العامة في مختلف المدن السودانية، وتنصب الخيم، وتعلو أصوات المنشدين، ويمتزج الذكر والمدح والصلوات بإطعام الطعام والإنفاق في أوجه الخير، وتصطحب الأسر أطفالها لساحات المولد، احتفاء بالمناسبة.
وأصدرت محلية الخرطوم عدة ضوابط طالبت جميع المحتفلين بالمولد النبوي الالتزام بها، أهمها البعد عن الغلو والتطرف والخطاب الحاد والتراشق بالكلمات، وكذلك الالتزام بالشروط الصحية والبيئية، وحظر استخدام المفرقعات والألعاب النارية.
وقامت هيئة شؤون الأنصار في إطار برامجها الدعوية المصاحبة للمولد النبوي بإرسال عدد من الدعاة إلى مدن وولايات السودان. ووصل الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وإمام الأنصار إلى ولاية الجزيرة المجاورة للخرطوم أمس لمشاركة أهلها الاحتفالات.
ومن جانبه، قال الشيخ عبد المحمود أبو، الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار، لـ«الاتحاد» إن هذه مناسبة لتأكيد قيم المحبة والتسامح والسلام، وهنأ السودانيين بالثورة المجيدة التي أسقطت نظام الظلم والفساد.
وقال الباحث السوداني الدكتور المعز أبو نورة لـ«الاتحاد»: «إن انتصار الثورة السودانية وزوال سيطرة التنظيمات المنبثقة من فكر الإخوان في السودان، سيتيح للتيارات المستنيرة للعمل بحرية في السودان بعد سيطره التيارات الإخوانية على الساحة السودانية لمدة 30 عاماً، مدعومة بعنف وقمع دولة الحركة الإسلاموية البغيضة».
فيما قال الباحث السوداني عبد الرحيم حاج أحمد لـ «الاتحاد»، إن نظام الإنقاذ البائد والموالين له استطاعوا بث أفكارهم في المناهج الدراسية، وعملوا على تغيير الكثير من الموروثات الدينية السمحة في السودان، حتى أصبح الفكر المتطرف له قوة وسطوة، في المدارس والجامعات وأجهزة الإعلام الحكومية والقنوات الفضائية، والآن يتغير المشهد بعد الثورة.