9 أكتوبر 2010 20:34
بعد نيويورك ولندن وميلانو، بدأت منذ أيام عروض أسبوع الموضة في باريس، لموسمي ربيع وصيف 2011، والتي شارك فيها نخبة كبيرة من المصممين العالميين الكبار، ليحددوا من خلاله اتجاهاتهم في مجال الأناقة والأزياء للعام الجديد، وسط منافسة شديدة على لقب الأفضل. ومع أن عروض باريس قد تأرجحت في معظمها ما بين العودة للكلاسيكيات، وبين المعاصرة والجنوح في الخيال، إلا أنه كان لمجموعة المصمم الإنجليزي الأصل جون جاليانو للملابس الجاهزة تأثير خاص على المنصات الفرنسية، حيث قدم تشكيلة مفعمة بالفن والحياة.
“بورتريهات” ماريا لاني
كعادته لم يشأ جاليانو أن يخيب جمهوره ومحبيه، في أن يسبح بهم بعيداً في فضاءات تغذي رؤاه وتلهمه هو ليشطح بإبداعه وفنه إلى أقصى الحدود، مسـتوحيا موضوع مجموعته هذه المرة من فترة أواخر العشرينيات من القرن الماضي، لتحوم أفكاره تحديداً حول زمن ممثـلة قديمة تدعى مـاريا لاني ظهرت على السـاحة الفنية في باريس آنذاك، واسـتطاعت خلال عامين فقط أن تصبح شخصية جدلية، إذ اجتاح صيتها كل الأوساط الفرنسية، لتصبح أيقونة ملهمة لأكثر من خمسين فنانا معاصرا آملين بالنجومية والشهرة، مقنعة كل واحد منه ليرسم لها لوحة “بورتريه” يخلد فيها ملامحها، لتشارك بها في بطولة فيلم رعب “وهمي” يروي قصة لوحة تعود إلى الحياة، مخيبة أملهم جميعا بعد ذلك، لتجمع كل هذه اللوحات وتهرب بها وتبيعها في الولايات المتحدة.
قصّات العشرينيات
جاءت كل قطعة من تشكيلة “جاليانو” الجديدة لتستند على “بورتريه” معين لماريا من ضمن مجموعة الخمسين موظفاً كامل القصّة بأسلوب فني معبر وغير اعتيادي على الإطلاق، لتخرج عارضاته وكأنهن متقمصات أرواح مختلفة لشخصية واحدة، ولتجسد كل منهن شكلاً وطرازاً يرمز لريشة كل فنان من زمن العشرينيات يقف خلفها، وقد نفذ المصمم باقته هذه بعدة خامات وأقمشة، مستخدماً خيارات واسعة لتخدم أفكاره، مستغلاً نعومة الحراير، وشفافية الأتوال، ورقة الدانتيلات مع غنى المخمليات، مع لمسات مرفهة من الريش المتطاير هنا وهناك، ومولفا بين عدة قطع وقصّات خلال المظهر الواحد، بحيث يشعر الحضور وكأنهم جاءوا لمشاهدة معرض لوحات في متحف باريسي، مضمنا كل طقم وموديل ضربات عشوائية من مقصه الماهر، بحيث لا تكاد تعرف من أين بدأ وكيف انتهى، ضربا من العبث والجنون قد لا تتجرأ أي امرأة على ارتدائه ولكن حتما ستتمتع بمشاهدته ولو من باب الفن والإبداع.
عبثية اللون
كأن المصمم لم يشأ أن يدخر أي لون في جعبته ليدخله ضمن تشكيلة ربيع وصيف 2011، فجاءت مجموعته لتحتوي كل الألوان والتدرجات، تلك الزاهية المبهجة منها، وغيرها الباستيلية الهادئة، وأيضا الداكنة الرزينة، وكأنها عكست من خلال كل قطعة وموديل مزاج كل فنان رسم أحد هذه “البورتريهات” الخمسين، مدخلاً زهوة الأحمر القاني، والفوشيا الصارخ، والأصفر المشرق، والبرتقالي المشبع، والفيروزي البحري، مع رقة البيج العاجي، السماوي الضبابي، الزهري الندي، والرمادي المطفأ، ومضيفاً شطحات سوداوية من الأزرق الكحلي، الرمادي النفطي، والأسود الفاحم، جامعا الألوان الأحادية السادة بأخرى غنية، معّرقة، ومّطبعة، ومولفا بابتكار بين المطرز والمشجر، وبين السادة والمرقط، لتتشكل كل قطعة من عدة درجات ونماذج لونية قد تأتي منسجمة أحياناً، ولكنها تبقى شاذة وغير متسقة في معظم الأحيان.
قبعات القماش
لعل “جاليانو” أراد لهذه المجموعة أن يكون لها مفهومها الخاص، موظفا كل أدواتها لتخدم الموضوع ذاته، آخذا استشراقات خياله من ذلك الزمن وتلك اللوحات على وجه التحديد، حيث سادت موضة القبعات الكبيرة آنذاك، ملبساً معظم عارضاته أنواعاً مختلفة منها، كلها منفذة بخامات مختلفة من القماش، ومشغولة بحرفية وتعقيد، مضيفا إليها بعض من الريش، والورد، والعقد الجانبية لتجملها، أو مكتفيا أحيانا بلف أتوال شفافة ودانتيلات محبوكة على تموجات الشعر وخصلاته الشقراء، مركزا على مكياج مسرحي قوي، ومميز مستوحى من أواخر العشرينيات لكل عارضة.
بالإضافة إلى الاهتمام بحمل القفازات الحريرية، والمظلات المزخرفة لتكتمل بذلك الصورة “البورترية” للممثلة الفرنسية “ماريا لاني” ولكن بريشة وتوقيع المصمم الفنان جون جاليانو هذه المرة.
المصدر: الشارقة