السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روح «ماو»... باقية في صين الإنترنت!

3 فبراير 2010 21:31
من هو أكبر مرتكب لجرائم قتل جماعية في القرن العشرين؟ إنه وفقاً لـ"كتاب الشيوعية الأسود"، والذي يعد مرجعاً مهماً في مجاله، هو ماو تسي تونغ الذي تسبب في مقتل نحو 65 مليون صيني جراء محاولاته المتتالية لإنشاء صين "اشتراكية" جديدة، حيث كان كل من يعترض طريق زعيم الثورة الشيوعية الصينية يتم التخلص منه؛ إما بالإعدام أو السجن أو التجويع. وبالنسبة لماو، كان المثقف عدوه الأول؛ فقد كان "القائد العظيم" يجد متعة كبيرة في إراقة الدماء حيث كان كثيراً ما يقول متباهيا: "ما هو الأمر الغريب بشأن الإمبراطور "شيه هوانج"؟ إنه دفن 460 مثقفاً أحياء فقط؛ أما نحن فقد دفنا 46 ألف مثقف أحياء"، في إشارة إلى أحد "الإنجازات" الكبيرة التي حققتها "الثورة الثقافية العظيمة"، التي حولت الصين خلال الفترة بين عامي 1966 و1976 إلى"بيت أشباح" كبير. ولعل أبرز مثال على ازدراء ماو بالحياة البشرية هو عندما أمر بتحويل الزراعة الصينية إلى الملكية الجماعية، وذلك تحت الشعار الذي كان أثيراً إلى نفسه، وهو "القفزة العظيمة إلى الأمام". ذلك أن مجموعة من المفاهيم الخاطئة حول إنتاج الحبوب، والطرق الكارثية للزراعة (حيث كان يتم تحويل حقول الشاي المربحة، مثلا، إلى حقول للأرز)، فضلا عن أنماط سيئة من توزيع الغذاء... أنتجت أفظع مجاعة في تاريخ البشرية؛ حيث بلغت حالات الموت بسبب الجوع أكثر من 50 في المئة في بعض القرى الصينية، وتراوح العدد الإجمالي للموتى خلال الفترة من 1959 إلى 1961 ما بين 30 مليونا و40 مليون شخص، أي ما يعادل تقريباً عدد سكان ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية. وبعد خمس سنوات فقط على "القفزة العظيمة إلى الأمام"، حين شعر ماو بأن الحماس الثوري في الصين بدأ يخبو، أعلن "الثورة الثقافية" التي اجتاحت خلالها عصابات "الحرس الأحمر"، وهم شبان وشابات بين الرابعة عشرة والحادية والعشرين، المدن الصينية، مستهدفةً دعاة إعادة النظر في نظرية ماركس وغيرهم من "أعداء الثورة"، وبخاصة المعلمين والأساتذة الذين كانوا يُرغَمون على ارتداء ملابس غريبة وقبعات مضحكة، بعد أن يتم تلطيخ وجوهم بالحبر. كما كانوا أيضاً يُرغَمون على المشي على أربعة والنباح مثل الكلاب. وكان بعضهم ُيضرب حتى الموت... وكل ذلك في سبيل نشر الماوية. ولاحقاً، سيأمر ماو على مضض بتدخل "الجيش الأحمر" من أجل كبح جماح "الحرس الأحمر" عندما بدأ أفراده يهاجمون أعضاء من الحزب الشيوعي، لكن ليس قبل هلاك مليون صيني. وبموازاة ذلك التوجه، استمر ماو في توسيع الـ"لوجاي"، وهو نظام يتألف من 1000 معسكر للأعمال الشاقة عبر أرجاء الصين. وفي هذا السياق، يقدر "هاري وو"، الذي أمضى 19 عاما في معسكرات الأشغال الشاقة، أن 50 مليون صيني مروا من المقابل الصيني لـ"الجولاج" السوفييتي بين الخمسينيات والثمانينيات. وتوفي حوالي عشرين مليون صيني نتيجة ظروف العيش البدائية، وبسبب الإجهاد الذي يتعرضون له إذ يُجبرون على 14 ساعة من العمل في اليوم. والواقع أن مثل تلك القساوات المقصودة كانت واضحة في فلسفته: "إن القوة السياسية تخرج من فوهة المسدس". لكن مع ذلك، يظل ماو أكثر شخصية تقديرا وتكريما من جانب الحزب الشيوعي الصيني. ففي أحد أطراف ساحة تيانانمان التاريخية، يوجد ضريح ماو الذي تزوره يوميا حشود كبيرة من الناس. وفي الطرف الآخر من الساحة توجد صورة عملاقة لماو فوق المدخل المفضي إلى "المدينة المحرمة"، والتي تعد المكان المفضل من قبل السياح، الصينيين والأجانب. وتكريما لروح ماو، يواصل حكام الصين الحاليون إخضاع المثقفين وقمع المنشقين مثل ناشط حقوق الإنسان "ليو زياوبو"، الذي صدر في حقه حكم قضائي الشهر الماضي بأحد عشر عاما من السجن بتهمة "التحريض على التآمر ضد سلطة الدولة الصينية". أما جريمته، فهي التوقيع على "ميثاق 08" الذي يدعو الحكومة إلى احترام الحقوق المدنية وحقوق الإنسان الأساسية في إطار ديمقراطي. وفي هذا الأثناء، تقدم الصين نفسها كسوق كبيرة للشركات والمستثمرين الأميركيين، غير أن بعض الشركات الأميركية بدأت تعيد النظر في الاستثمار في بلد يعتبر ماو راعيه المقدس؛ حيث أعلنت "جوجل" أنها بصدد إعادة النظر في عملياتها في الصين بعد أن اكتشفت هجوما سيبيرانيا متطورا على بريدها الإلكتروني، يعتقد أن الحكومة الصينية هي التي بدأته أو وافقت عليه. والواقع أن جوجل إنما كشفت عما يعرفه كثيرون في عالم الإنترنت منذ بعض الوقت، وهو أن الصين تتسلل بشكل روتيني إلى المواقع الإلكترونية الأميركية والغربية للحصول على معلومات تتعلق بالأمن القومي وغير ذلك من معلومات قيمة. ولا شك أن ماو كان سيصفق بحرارة لهذا الإجراء الفكري. وهنا أتساءل: هل سيكون الرئيس أوباما مستعدا ليتزلف إلى الصين لو أنه كان يوجد في وسط بكين ضريح لهتلر، وعلى بوابة المدينة المحرمة صليب عملاق معقوف (شعار الحزب النازي)؟ زميل مؤسسة "ذا هيريتدج فاونديشن" ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©