8 أكتوبر 2010 21:54
نجحت أبوظبي في تكوين قاعدة صلبة لتعزيز مكانة الدولة على المستوى العالمي ومواجهة المنافسة الحرة التي تفرضها العولمة في قطاع الموانئ وذلك بعد أن تبنت حزمة من البرامج التطويرية والتشريعية والإدارية للقطاع، ما منح الدولة الريادة على المستوى الإقليمي، بحسب توفيق يوسف المبارك رئيس مجلس إدارة شركة مرافئ أبوظبي.
وقال المبارك لـ”الاتحاد” إن مشاريع بناء وتوسيع الموانئ في الدولة والمنطقة أثبتت مرونة أكبر من نظيراتها في قطاع الإنشاءات بالتعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية خلال الفترة الماضية.
وتسعى الإمارات للوصول إلى مصاف الاقتصاديات المتقدمة، من خلال بناء نموذج اقتصادي يقوم على تنفيذ الإصلاحات التي تركز على تعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية للدولة وخاصة غير النفطية منها، مما تطلب العمل على تبني إصلاحات متقدمة تسهم في تحسين القدرة التنافسية لقطاع الموانئ، بحسب المبارك.
وتابع المبارك “وفرت تلك الإجراءات المناخ الاستثماري والخدمات اللوجستية المتطورة التي تدعم الاقتصاد بشكل عام “.
وأضاف “الدولة تمتلك ميزة القرب من مستهلكين يزيد عددهم على مليار نسمة في آسيا والوطن العربي”، لافتاً إلى أن قطاع الموانئ يعتبر عاملا حاسماً في خدمة المصالح الاقتصادية والتجارية للدولة وعنصراً مؤثراً ومحفزا للنمو في الاقتصاد الوطني”.
وقال المبارك “يلعب قطاع الموانئ دوراً محورياً في التنويع الاقتصادي لإمارة أبوظبي”، حيث سيصبح مركزاً رئيساً للأعمال والتجارة في منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي ذلك انسجاماً مع تزايد الإنفاق في منطقة الشرق الأوسط على مشاريع الموانئ، وتبلغ قيمة مشاريع القطاع المخطط لها أو قيد التنفيذ بمنطقة الشرق الأوسط نحو 170.6 مليار درهم (46.5 مليار دولار).
وأكد أن القطاع يلعب دوراً محورياً في عملية التنويع الاقتصادي في إمارة أبوظبي، حيث سيصبح مشروع ميناء خليفة والمنطقة الصناعية مركزاً رئيسياً للأعمال والتجارة في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن شركة أبوظبي للموانئ تتطلع إلى تبادل الخطط والخبرات وتطوير الاستراتيجيات مع نظرائها في هذا المجال.
خدمة المناطق المحيطة بالموانئ
وتابع المبارك “من الدليل على تطوير القطاع ،الاهتمام بموانئ المنطقة الغربية والتقييم لاحتياجاتها ودراسات الجدوى لتنميتها”، لافتاً إلى أن هناك عددا من هذه المشاريع التي يجري حالياً تطويرها، مثل ميناء موغرق لتلبية احتياجات مشروع جزر الصحراء، والتي تعتبر بمثابة نموذج للتنمية المستدامة، إقليمياً ودولياً ومشاريع أخرى قد يتم أو لا يتم تنفيذها، وفقاً لنتيجة دراستها.
وتعد جزيرة صير بني ياس واحدة من ثمان جزر طبيعية تشكل مشروع “جزر الصحراء” والتي تقع الجزيرة إلى جانب جبل الظنة في المنطقة الغربية، على مسافة 250 كيلومترا بالسيارة من مدينة أبوظبي.
ويعد إطلاق المرحلة الأولى من مشروع “جزر الصحراء” علامة بارزة في تاريخ المنطقة الغربية، كما يعد افتتاح جزيرة صير بني ياس بمثابة تطوير رائد للغربية، ونموذج للكيفية التي يمكن الاستفادة من إمكانات هذه المنطقة بشكل قوي، وعلى نحو مستدام.
وأوضح المبارك أنه إضافة إلى الموقع الجغرافي المتميز والفريد للدولة، فقد أسهم امتلاك الإمارات لعدد من الموانئ البحرية المجهزة بأحدث التجهيزات والمواصفات العالمية من أجهزة وكوادر بشرية مؤهلة لاستقبال السفن العملاقة والتي يتم تشغيلها بكفاءة عالية في تبوؤ الدولة لشغل موقع عالمي.
كما أسهم كذلك في انتقال الكثير من الصناعات إلى الإمارات لتلبية احتياجات السوق السريعة، فالوقت اللازم لتوريد الخامات يعد من العوامل الحاسمة في العملية الإنتاجية ومن ثم يظهر دور وفعالية قطاع الموانئ والمناطق الصناعية بوضوح شديد، بحسب المبارك.
يذكر أن موانئ الدولة تستحوذ على أكثر من 60% من حركة التجارة غير النفطية والشحن البحري بدول مجلس التعاون الخليجي، كما تستحوذ الدولة على حصة مماثلة من حيث الطاقات الاستيعابية المتوافرة في دول مجلس التعاون في حال استبعاد الموانئ المتخصصة في نقل النفط.
ويبلغ إجمالي الطاقة الاستيعابية للموانئ البحرية في الدولة أكثر من 18 مليون حاوية منها 14 مليون حاوية في ميناء جبل علي ونحو 0.5 مليون حاوية في ميناء زايد إضافة إلى أكثر من 2.4 ملون حاوية في الموانئ الثلاثة الرئيسية في الشارقة وهي خورفكان و خالد والحمرية، فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية الخليجية 30 مليون حاوية نمطية.
ويوجد في الدولة أكثر من 12 ميناء تجارياً (باستثناء موانئ البترول) وأهمها الرويس وزايد في أبوظبي، وجبل علي وراشد والخور في دبي، والحمرية وخالد وخورفكان في الشارقة، إضافة إلى موانئ عجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة.
وبلغ عدد المنافذ البرية والجوية والبحرية بالدولة 51 منفذاً بنهاية العام 2008، بحسب خريطة المنافذ الجمركية التي أعلنتها الهيئة الاتحادية للجمارك.
ونمت التجارة الخارجية غير النفطية بنسبة 9% في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2009، حيث ارتفع إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية للدولة، وفقاً للبيانات الأولية للهيئة إلى 351.9 مليار درهم، مقابل 323.7 مليار درهم للفترة نفسها من العام 2009 بزيادة قيمتها 28 مليار درهم.
ميناء خليفة
وذكر المبارك أن ميناء خليفة الذي سيتم افتتاح المرحلة الأولى منه في الربع الأخير من عام 2012 سيشكل نقلة نوعية لاقتصاد أبوظبي والإمارات والمنطقة بشكل عام، نظراً إلى أهمية المنطقة الصناعية الضخمة التي سيعلن عن تفاصيلها لاحقاً والتي تبلغ مساحتها 420 كلم مربع بما يعادل 4 أضعاف جزيرة أبوظبي وثلثي مساحة سنغافورة والتي ستكون منطقة واعدة للأجيال المقبلة ولعقود من الزمن من خلال الفرص الهائلة التي ستوفرها.
وأفاد بأن موقع ميناء خليفة والمنطقة الصناعية في منطقة الطويلة بين أبوظبي ودبي وقربها من ميناء جبل علي ومطار آل مكتوم ومطار أبوظبي الدولي والأهم من ذلك ربطها بشبكة السكك الحديدية المزمع إنشاؤها والتي ستوفر خط انتقال للبضائع بالدولة والمنطقة، يسهم بلعب دور بالغ الأهمية في المنطقة سواء للمستثمرين أو لقطاع الصناعة على وجه العموم.
وأشار إلى أن حجم الإنفاق على المرحلة الأولى من مشروع ميناء خليفة بلغ حتى الآن 11.4 مليار درهم من أصل 13 مليارا تكاليف الميناء من إجمالى تكلفة المرحلة الأولى لمشروع ميناء ومدينة خليفة الصناعية، والتي تقدر بنحو 26.5 مليار درهم، ويتوقع إنجازها في العام 2013.
وحول أبرز المؤشرات في قطاع الموانئ والنقل البحري خلال عامي 2009 و2010 في التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، قال المبارك “رغم الظروف الصعبة والتقلبات التي عاشتها أسواق المال العالمية في الفترة السابقة، إلا أن تنوع اقتصاد دولة الإمارات أظهر قوته في مواجهة أية آثار محتملة للأزمة المالية العالمية”.
وقال “لمسنا أهمية المبادرات المستدامة في تشجيع القطاع البحري وقطاع الموانئ”.
وأضاف “بتوجيهات القيادة الحكيمة للدولة ندرك أهمية الدراسة التفصيلية وبأسلوب علمي متأن لأية تداعيات قد تؤثر على القطاع ودراسة مدى احتمالياتها وكذلك الفرص والتحديات والسيناريوهات التي تضمن سلامة الاقتصاد الوطني والقطاع والتخفيف من تداعيات الأزمات إن وقعت”.
وقال المبارك “لا يوجد لدينا تخوفات كبيرة من تداعيات أخرى للأزمة العالمية ولكننا نلتزم الحيطة لأية مفاجآت قد تحدث والدليل على ذلك المضي قدما الآن في مشاريع تطوير الموانئ وميناء خليفة”.
وأوضح أنه في حال الرغبة بتطوير الاقتصاد فإن الحاجة إلى التجارة والبنية التحتية لا تزال هي الأساس، معتقداً أن الاستثمار في قطاع الموانئ وميناء خليفة والمنطقة الصناعية هو استثمار مهم على المدى الطويل من شأنه أن يعود بالمنفعة على اقتصاد إمارة أبوظبي والدولة.
وأكد أن تعاون أبوظبي وإمارات الدولة الأخرى يعمل على خلق فرص واعدة في المنطقة من خلال جذب المستثمرين وتقديم حلول لمتطلباتهم.
ورغم الأزمة المالية إلا أن دور الإمارات في قطاع التجارة العالمية في تعاظم مستمر، حيث أدرجت منظمة التجارة العالمية مؤخراً دولة الإمارات ضمن أبرز 30 دولة على المستوى التجاري عالمياً، في حين جاءت بالمرتبة الأولى عربيا كونها بادرت إلى دراسة التداعيات المحتملة للأزمة الاقتصادية وكذلك الفرص والسيناريوهات التي تضمن سلامة الاقتصاد الوطني والتخفيف من وطأة الأزمة على القطاعين التجاري والصناعي في الدولة.
ميناء زايد
ورغم أن ميناء خليفة سيحل مستقبلا محل ميناء زايد، فإن ميناء زايد لايزال يعد من أهم البوابات في المنطقة، نظراً إلى تميزه بالسعة الاستيعابية للحمولات.
وقد حقق هذا الميناء الرقم العالمي بنهاية العام 2009 ودخل ضمن التصنيف العالمي بعد تخطي عمليات مناولة الحاويات فيه أكثر من نصف مليون حاوية نمطية خلال عام واحد، حيث يدخل أي ميناء ضمن التصنيف العالمي للموانئ الكبرى عند تخطي حجم المناولة فيه نصف مليون حاوية.
ويجري العمل الآن بالتعاون مع هيئة السياحة في أبوظبي لتوفير الخدمات لجميع الزوار والسياح عبر الميناء.
ومن المتوقع أن يتجاوز عدد السياح القادمين إلى الإمارة عبر الميناء خلال عامي 2010 و2011 أكثر من 150 ألف سائح.
وارتفعت مناولة البضائع العامة والسائبة في ميناء زايد خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 12% مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، فيما زادت عمليات شحن وتخزين السيارات والشاحنات بنسبة 62%، بحسب تقرير الإنتاجية لأعمال شركة مرافئ أبوظبي المشغل لميناء زايد.
قمة الموانئ
وقال المبارك “تتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة أبوظبي خاصة أن تكون مركزاً إقليمياً للتجارة لتمتعها بالمتانة المالية وتوافر البنية التحتية اللازمة للتكنولوجيا العالية، لافتاً إلى استضافة الإمارة لمؤتمر”القمة العالمية الأولى للموانئ والتجارة “ المقرر عقده في الفترة من 28 - 30 مارس من العام المقبل ويهدف للتعرف على الفرص الاستثمارية وبحث التشريعات الجديدة في قطاع صناعة الموانئ البحرية والنقل البحري.
وستدعم تلك القمة ممثلة في مشاركة 22 دولة عربية، بالإضافة إلى أبرز الاقتصاديين العالميين، وسلطات إدارة الموانئ، ومشغلي المرافئ، وشركات الشحن، وأصحاب شركات الشحن العالمية والمستثمرين، وأنها تعد فرصة لإجراء دراسة شاملة حول العقبات المستقبلية التي يمكن وأن تواجه قطاع الموانئ العالمية، وذلك بهدف التعرف على التكتلات الاقتصادية والفرص الاستثمارية الآخذة بالتشكل والبحث عن الموردين ممن يمكنهم القيام بتنفيذ المشاريع.
كما تهدف إلى توفير منصة مثالية لتبادل المعلومات والتواصل في قطاع الموانئ والتجارة في مدينة تقود قطاع تطوير الموانئ والمناطق الصناعية المرتبطة بها بالإضافة إلى بحث قضايا تتعلق بالأمن وعمليات القرصنة وستشكل الأمور البيئية أبرز الأولويات، حيث سيتم إنفاق 240 مليون دولار في إطار مشروع ميناء خليفة للحفاظ على الحيد المرجاني والأعشاب البحرية وغير ذلك أيضا من الأمور الخاصة بأعمال الموانئ.
المصدر: أبوظبي