إبراهيم الملا (الشارقة)
يتصدر كتاب «القصة اليتيمة في الإمارات» بتصميمه المميز منصة دار نشر «عنوان» بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وهو كتاب يحتفي بذاكرة أدبية تكاد تكون منسية في مدونات الثقافة المحلية، حيث يعيد بعث وإحياء 18 قصة قصيرة لعدد من الشعراء والسينمائيين والمسرحيين والتشكيليين الإماراتيين، والتي ظلت لسنوات طويلة حبيسة غيابها، وأسيرة يتمها الأرشيفي، من دون أن يطّلع عليها الجيل الجديد من كتّاب القصة القصيرة في الإمارات، ومن هنا تنبع أهمية إصدار هذا الكتاب باعتباره وثيقة مرئية من ناحية الاهتمام الملحوظ بالجانب البصري والجمالي فيما يتعلق بتصميم غلافه الخارجي كانعكاس وترجمة لمضمونه وقيمته التاريخية، وباعتباره وثيقة مقروءة من ناحية الأسلوب السردي المتنوع الذي يتمتع به، والقابليات المتاحة مجدداً لاستعراض قصصه في سياق نقدي مغاير ومتطور.
وللتعرف على الفكرة والهدف من إصدار الكتاب، والتفاصيل المتعلقة بجمع محتوياته وسط الشتات التوصيفي لقصص نادرة وممتدة في الزمان والمكان، التقت «الاتحاد» القاص والأديب الإماراتي محسن سليمان صاحب دار نشر «عنوان»، ومعدّ ومنسق كتاب «القصة اليتيمة في الإمارات»، حيث أشار بداية إلى أن فكرة إصدار الكتاب، جاءت بعد نجاح الفكرة السابقة المتمثلة في تحقيق كتاب «كلّنا السدرة»، الذي ضم مختارات من القصة الإماراتية الشبابية، مضيفا أن الساحة الثقافية في الإمارات بحاجة لإصدارات نوعية تصنع الفارق فيما يتعلق بفن القصة القصيرة، التي مازالت فاعلة ومؤثرة رغم ما يقال عن هيمنة الرواية واستحواذها على الرصيد الأكبر والأوسع من اهتمام القرّاء، ونوّه سليمان إلى أن فكرة إصدار كتاب «القصة اليتيمة في الإمارات» نبعت من اقتراح مشترك بينه وبين الكاتبة لولوة المنصوري، والمتمثلة في إعادة نشر القصص القصيرة التي كتبها مبدعون منتمون لحقول إبداعية مختلفة مثل الشعر والسينما والتشكيل والمسرح، وكانت تلك القصص من نتاجاتهم المبكرة واليتيمة التي لم يستمروا فيها كمشروع متواصل، حيث لم يقدموا بعد هذه التجارب الأولية نتاجات قصصية متتابعة يمكن نشرها في مجموعة مستقلة، ومن هنا - كما أكد سليمان- تم الرجوع لأرشيف هؤلاء المبدعين وأرشيف أصدقائهم لإنعاشها وتسليط الضوء عليها مجددا. واستطرد سليمان: «وقفنا طويلا قبل نشر الكتاب أمام السؤال المتعلق بماهية القصة اليتيمة، وإذا ما كانت هي القصة الوحيدة لصاحبها، أم هي مجموعة قصص ولكنها لا تكفي لإصدار مجموعة مستقلة، أم هي التي أنتجها مبدعون لم يستمروا في النتاج القصصي واتجهوا لحقول أخرى»؟
وأضاف سليمان: «ارتأينا أن نكون مرنين أمام هذا السؤال، واخترنا المبدعين الذين كتبوا ما يقل عن ست قصص قصيرة، ووجدنا أنفسنا أمام أسماء مهمة في الساحة الثقافية والفنية، وبعضهم أصبحوا أعلاما وعلامات في حقولهم الإبداعية الجديدة واللاحقة، كل في موقعه وحسب اهتمامه».
مشيرا أن أصحاب القصص المنشورة في الكتاب هم: حبيب الصايغ، أحمد راشد ثاني، عبدالعزيز جاسم، عادل خزام، مسعود أمرالله، الهنوف محمد، موزة حميد، إبراهيم سالم، علي العبدان، إبراهيم الملا، أحمد العسم، إبراهيم الهاشمي، سالم بوجمهور، وهاشم المعلّم.
ونوّه سليمان إلى أن المقدمة النقدية للكتاب أسهم بها الناقد والأديب عبدالفتاح صبري، متمنيّا أن يكون في هذا الأثر ما يلفت انتباه المهتمّين بتاريخ السّاحة الأدبيّة الإماراتيّة، والملمّين خاصّة بتحوّلاتها السّرديّة، إذ يعنى بالناتج القصصي في جنس القصّة لرعيلها الأوّل.
وأثنى ناشر الكتاب على الجهود التي بذلها كل من الشاعرين عبدالله السبب، وإبراهيم الهاشمي، اللذين أسهما من خلال أرشيفهما الخاص، في دعم فكرة الكتاب، وتزويد الناشر بالقصص النادرة لمؤلفيها، كما شكر الأديب أحمد العسم الذي كان له دور في اختيار العنوان الفرعي لهذا الأثر وهو: (هذا امتدادي.. هذا البحر) ليكون إشارة دالة على جوهر القصص، والروح المشتركة بين كتابها.
من جماليات الصايغ
يقول محسن سليمان: وجدناه من سرعة الاستجابة، وجميل التّفاعل من لدن الشّاعر الراحل حبيب الصّايغ ما يستحق التنويه؛ فقد كان من أوائل المتحمّسين للمشروع، وكان لشاعرنا الراحل السّبق في إرسال نصّه خلال وقت قياسي، بعد أن أشاد بالغاية ورحّب بالفكرة، ولتكون قصته الّتي وافانا بها هي أول قصص المجموعة، ولقد كان لكرمه بعد رمزي، شحذ عزمنا وثبّته لنمضي في المشروع بثقة أكبر، ولنحوّل الفكرة إلى فعل ثقافي ملموس.