هناء الحمادي (أبوظبي)
تتعامل الكاتبة والفنانة مريم البلوشي مع الحياة من خلال معايشة تجاربها التي تخرج منها بنظرة مختلفة عما كانت عليه منذ أعوام، وبحكم عملها مهندسة، تعلمت ألا تعيقها الظروف القاسية من التعلم وبذل الجهد لتحقق شيئاً مهماً في مسيرتها، وحرصت منذ صغرها على العمل فترة المرحلة الثانوية لتوفر مبلغاً يساعدها على مصاريف المدرسة، ومن ثم الجامعة، وبعد التخرج عاشت فترة محبطة، تخللها إحساس مزعج لمهندسة تبحث عن وظيفة مناسبة تجعلها تبدأ حياة جديدة.
وبعد معاناة عبرت عنها في كتابها «لم أفشل»، خططت لبداية مستقبلها، بالتخصص فيما يتعلق بالبيئة في مجال البترول، وكانت مرحلة صعبة من التعلم، وكان الدعم النفسي من زملائها محفزاً كبيراً لها للتعلم، وعدم الاستسلام، وبدأت مشوار الماجستير في البيئة ومضمار العمل في دبي والذهاب يومين في الأسبوع لمدينة العين لإكمال الدراسة، وسط الكثير من التحديات التي سجلتها في كتابها، حتى لا تنساها، وليتعلم الآخرون أن الوصول لهدف معين ليس سهلاً، أو أنه قد يحدث في ليلة وضحاها.
والمهندسة مريم البلوشي حاصلة على الماجستير في العلوم البيئية، وتعمل حالياً مديرة الدراسات البيئية في الهيئة العامة للطيران المدني لدولة الإمارات، مؤسسة قسم البيئة في مطار دبي، حاصلة على العديد من الجوائز في مجال القصة والخط والشخصية القيادية، وبين سطور قصتها الكثير من التضحيات، الصبر والتأقلم وعدم الاستسلام. وما وصلت له اليوم يعبر عن ثقتها بنفسها بأن تكون شيئاً مهماً في الحياة، وكان لا بد من ذلك، وهذا ما غير الكثير في حياتها وحياة عائلتها.
برنامج القادة
ومؤخراً استطاعت البلوشي أن تحجز كرسياً في برنامج القادة العالميين الزائرين، موضحة أن الاختيار مفاجأة لها، وكانت تظن في البداية أنه مجرد رسالة إلكترونية من القنصلية الأميركية في دبي لإعطائها معلومة عن البرنامج وهي تفكر بالتقدم له، لكنها كانت بداية الاختيار، ومن ثم تبعه التقييم في واشنطن، والتقدير الكبير لمعلومات وإنجازات كانت موجودة في سيرتها الذاتية، واليوم وهي في البرنامج علمت أن هناك أكثر من 125 شخصاً حول العالم تم ترشيحهم للبرنامج، وقع الاختيار على 50 شخصية منهم، وهذا بحد ذاته وسام تقدير لجهودها وشرف تمثيل الدولة في مثل هذا البرنامج العالمي.
والبلوشي تمثل دولة الإمارات في برنامج «القادة الزائرين الدوليين، في دورته: تمكين المرأة في مجالات العلوم»، تكريماً للدور الريادي الذي تقوم به الإماراتية في المجالات كافة، وتحديداً مجال قطاع الطيران، ويعتبر هذا البرنامج التبادلي الأول لوزارة الخارجية الأميركية منذ عام 1940، إذ شارك فيه أكثر من 200 ألف زائر دولي، ويهدف إلى تعزيز العلاقات والروابط بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات، من خلال اختيار صفوة أبناء الإمارات القادة في مجالاتهم.
مرحلة جديدة للتفكير بما يمكن أن يكون القادم والمستقبل، هذا ما تشعر به البلوشي وتعبر عنه بقولها: التفاف هذه الشخصيات يجعلك تقدر الكثير من فرص التعلم حولك، وبأن هناك من يشبهك في قصصك في أحلامك وتطلعاتك.
وخلال البرنامج قامت البلوشي بعدة زيارات للمؤسسات الحكومية، ضمن البرنامج، للتعرف على شخصيات تعمل في تخصصات كثيرة، تضيف إليها خبرة إضافية في الحياة، فالزيارات كانت تركز على شخصيات نسائية من مختلف الجنسيات والظروف، وتتناول كيفية تحقيق مكانة على الخريطة العالمية، بالتركيز على الدور القيادي المهم الذي تقوم به المرأة في هذه المؤسسات، خاصة دورها وتأثيرها اقتصادي، في إطار من التفكير في إيجاد برامج مشابهة وبالقوة نفسها في الإمارات، لأننا اليوم نملك الكثير لنشارك به العالم، ليتعلموا منا ونتعلم منهم. ومن الشخصيات التي أثرت فيها ساندرا كوفمان ابنة كوستاريكا، وهي من مواليد 10 مايو 1962، وتعمل أخصائية في الهندسة الكهربائية والفيزياء، وهي معروفة للغاية بسبب عملها في وكالة ناسا في مشاريع مختلفة، وقد أبرزت منظمة الأمم المتحدة للمرأة «البروفايل» الخاص بها عن كونها مثالاً إيجابياً للنساء، لا سيما الشباب والأطفال، ورغم ظروفها الصعبة، فهي اليوم أحد القادة في ناسا، وكانت تشرح للمشاركين في البرنامج المهمات التي تقوم بها ناسا وأهميتها.
طريقة
رغم مشاغل البلوشي فإننا نجدها في عالم أليف للكتب، فالكتابة جعلتها دائماً تتنفس، وأعطتها القدرة لأن تكتب قصتها وتشاركها للجميع، من خلال ما تمر به ويمر به غيرها، كما أن الكتابة جعلتها تعيش مع كل الضغوطات التي مرت بها، وهذه الطريقة أعطتها بحق الطاقة لأن تكمل مسيرتها بنجاح. أما الخط، فعالمها الخاص الذي جعلها تتخلص من الضغوطات والتعب، وحسب قولها: الخط هو انعكاس لشخصي، وظروفي وحبي للحياة من خلال الورق والألوان، وترجمتي للكثير من الأفكار والمواضيع، منها لوحة «التعايش» لأبين أهمية هذه الصفة الإنسانية في الحياة، وحالياً تصمم لوحة اسمها «العائلة» لأبرز دور العائلة من حولنا وأهميتها.
ملف المناخ
لم يتوقف عطاء البلوشي عند ذلك، بل لها دور كرئيسة مفوضي ملف تغير المناخ خلال البرنامج، عن هذا الدور تقول: دور أخذ مني الكثير من الوقت التعلم لأن أصبح مفاوضة، فليس من السهل تمثيل دولتك قي ملف مهم، دون أن يكون لديك وعي بكثير من التفاصيل مع الدول الأخرى.