دبي - سامي أبو العز:
اشتهرت منطقة الخليج العربي بصيد اللؤلؤ منذ أيام المقدونيين حيث امتدت مناطق الصيد على الشواطئ حول جزر الإمارات والبحرين، وكان يصدر معظم اللؤلؤ الذي يستخرج من هذه المناطق إلى ميناء ''بومباي'' لبيعه·
وكانت تجارة اللؤلؤ المحفوفة بالمخاطر تمثل مصدر الرزق الأساسي لأبناء المنطقة حيث كان الرجال يغوصون لاستخراجه من البحر متحملين الأهوال والمشقة حيث حظي بأهمية بالغة في الناحيتين المادية والمعنوية ولم تكن هذه الأهمية قصرا على الحياة الدنيا فقط بل زادت شرفا في الآخرة حيث تكرر ذكره في القرآن الكريم في وصف حلي المؤمنين في الجنة·
ونظرا لتلك الأهمية فقد تسابق الغواصون في البحث عن اللؤلؤ في أعماق البحار ،وتنافس التجار في جلبه إلى الأسواق،وانغمس المسوقون على مختلف قدراتهم في الشراء وفي التحلي والتزين به، ومازال الشعراء يتغنون بتصوير اللؤلؤ في أعناق العذارى·
ورغم هذه القيمة فمازال العقد ناقصا ولم تكتمل حباته بعد وتحتاج إلى المزيد من جهود الباحثين لتجليتها وصياغتها وإبرازها للقراء·
عالم مثير
قبل الإبحار في عالم الغوص والصيد نؤكد أن رحلة البحث عن اللؤلؤ في سفن الغوص الشراعية من أهم ما سجله التاريخ الملاحي لمنطقة الخليج العربي حيث شهدت هذه التجارة ازدهارا كبيرا ثم بدأت تتقلص نظرا لاستزراع اللؤلؤ الصناعي والآن ماذا عن هذا العالم الذي يحمل عبق التاريخ و يجهل الكثيرون أسراره فكيف يستعد الغواصون لهذه الرحلة؟ ومتى يبدؤون الغوص؟ وماهي موازين اللؤلؤ وأسواقه وأسعاره؟
يجيب جمعة بن ثالث منسق قسم التراث في جمعية الإمارات للغوص مشيرا إلى أنه قبل موسم الغوص عن اللؤلؤ في شهر يونيو من كل عام تبدأ الاستعدادات في الإمارات لركوب البحر للغوص حيث تكون السفينة معدة للرحلة خلال شهر تقريبا وفي اليوم المحدد يتجه كل بحار الي سفينته حيث يتراوح معدل ما تحمله سفينة الغوص البالغ طولها حوالي 35 قدما بين 50 إلى 60 شخصا وبوصول البحارة عرض البحر تتزايد المهام طبقا لدور الربان وخبرته في ذلك وينقسم النواخذة في اختيار المواقع والقيعان البحرية لصيد اللؤلؤ الى فريقين احدهما يفضل البقاء في موقع واحد طوال الموسم والآخر يستمر في تحركه وتنقله من موقع إلى آخر كما يحرص النواخذة على اختيار المواقع متوسطة العمق لما في ذلك من توفير لوقت وجهد الغواص·وقال إن متوسط العمق المعتاد والمناسب للغوص هو ثماني قامات ويعتبر الغوص شاقا إذا وصل العمق إلى اثنتي عشرة قامة ومع ذلك فقد كان هناك من الغواصين من يستطيع الغوص في أعماق تصل إلى ست عشرة قامة غير أن العمل في مثل هذه المواقع يكون مجهدا ولايمكن أن يستمر لفترة طويلة·· كما أن الغواصين في مثل هذه الأعماق معرضون للأخطار التي تصل إلى الموت أحيانا·
رحلة الغوص
وأوضح جمعة بن ثالث أن رحلة الغوص تبدأ من الصباح الباكر حيث يرتدي الغواصون أدوات الغوص ويباشرون مهمتهم في الغوص بحثا عن الأصداف في الأعماق بينما بقية الطاقم من البحارة في السفينة ورجالها يؤدون مهماتهم الأخرى بانتظام وتعاون ودقة، ولابد أن يكون الغوص في جو معتدل ويبدأ بعد الشروق بساعة ويتوقف قبل الغروب بساعة أيضا·
ويوضح أن البحارة يستغلون الوقت مابين الفجر وبدء الغوص في فلق المحار الذي جمع في اليوم السابق بواسطة سكاكين معقوفة تسمى ''مفاليق''تحت إشراف ومتابعة مباشرة من النوخذة المسؤول الأول عن حفظ اللآلئ وحينما يصل نور الشمس إلى أعماق البحر يباشر الغواصون مهمتهم بحثا عن الأصداف من جديد حيث تسمى كل غوصة للغواص في أعماق البحر ''تبة''ويستريح الغواص بين كل تبة وأخرى نحو خمس دقائق على سطح الماء ممسكا بحلقة في السفينة فإذا ما أتم عشر تبات يكون قد أتم نوبته وأكمل ما يعرف عند الغواصين بـ''قمحه''ليعطى بعدها قسطا أوفر من الراحة على ظهر السفينة، ويتراوح عدد ما جمعه الغواص من محار في ''التبة'' الواحدة من ثلاث إلى عشرين ، وقد يعود خالي الوفاض في بعض الأحيان·
توزيع الأرباح
كشف منسق قسم التراث في جمعية الإمارات للغوص وجود نظام متبع في العرف المالي للتسليف وتوزيع الأرباح حيث يقوم النوخذة بتسليم جميع محصول اللؤلؤ إلى المقسم(الذي يقوم بإقراض الأموال للنوخذة ويتم توزيعها وتقسيمها على البحارة قبل بدء موسم الغوص) وعادة ما تكون بسعر أقل من سعر السوق من 15 إلى 20%من القيمة الحقيقية للمحصول والمبلغ المتبقي حوالي 85 إلى 80% فإنه يوزع كالتالي:
خمس المبلغ لصاحب السفينة كما يستقطع ثمن الزاد المستهلك أثناء فترة الغوص بالإضافة إلى 3 أسهم للنوخذة ومثله للغواص ، وسهمان للسيب، وسهم واحد للرظيف، وفي بعض الأحيان يقوم النوخذة بالغوص وفي هذه الحالة يستحق6 أسهم·
عدد اليوم
