حاتم فاروق (أبوظبي)
اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «اليونيدو» خلال مؤتمرها، أمس، «إعلان أبوظبي» وثيقة رسمية لها، ويدعو الإعلان إلى إطلاق أول تحالف عالمي للقطاع الخاص من أجل بناء الازدهار العالمي، لتسطر الإمارات بذلك إنجازاً تاريخياً جديداً يضاف إلى سجلها الحافل على الساحة الدولية.
وقال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، إن دولة الإمارات منذ تأسيسها قادت العديد من التحالفات والشراكات الدولية لدفع مسيرة التقدم والرخاء ونشر الازدهار على المستوى العالمي.
وأكد سموه، بمناسبة اعتماد المؤتمر العام الثامن عشر لمنظمة «اليونيدو» رسميا «إعلان أبوظبي»، ضرورة الاستجابة لدعوة «إعلان أبوظبي» الأممية لتكريس التعاون العالمي للاستفادة من الفرص التي تتيحها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والتصدي للتحديات التي تواجه العالم».
القدرات الصناعية
ودعا «إعلان أبوظبي» إلى إطلاق أول تحالف عالمي من نوعه للقطاع الخاص من أجل بناء القدرات الصناعية في الدول النامية والأقل نموا وتمكين المرأة والشباب في القطاع الصناعي والحد من الآثار السلبية للنشاط الصناعي على البيئة وتحقيق الازدهار العالمي. ويسهم «إعلان أبوظبي» في تكريس التزام الشركات الخاصة العالمية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتكريس ثقافة تؤكد ضرورة خلق قيمة اجتماعية لأنشطة الشركات العالمية. واعتمد ممثلو الدول الأعضاء المشاركون في مؤتمر «اليونيدو» بأبوظبي مشروع «إعلان أبوظبي»، ليصبح بموجبه المشروع الذي تقدمت به دولة الإمارات وثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة.
وشكل هذا الإعلان خطة عمل رسمية للمنظمة تلتزم الدول الأعضاء بالعمل على تنفيذها على أرض الواقع، حيث اتفقت جميع الدول الأعضاء في المنظمة بالعمل مع شركات القطاع الخاص والشركات العالمية والمنظمات الصناعية والتجارية بهدف تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة.
ويهدف الإعلان، الذي يحمل اسم العاصمة أبوظبي، لوضع خريطة طريق لخلق تحالف عالمي بين القطاع الخاص وتوحيدها للعمل وفق رؤية مشتركة تهدف للارتقاء بالقطاع الصناعي وجعله أكثر شمولية واستدامة. ويحث الإعلان التاريخي القطاع الخاص لتبني سياسات تنافسية بناءة هدفها الارتقاء بحياة المجتمعات الإنسانية وتحقيق الازدهار العالمي.
توظيف تقنيات الطاقة
وشدد «إعلان أبوظبي» على ما تتصف به تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من إمكانات هائلة وما تتيحه من فرص عظيمة لدعم النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتقليص الفروق بين فئات المجتمع والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز رخاء المجتمعات والأفراد.
ودعا «إعلان أبوظبي» إلى تعزيز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
المشاريع الخضراء
وخلال المؤتمر، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة إلى الوفود المشاركة في المؤتمر العام الثامن عشر لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في أبوظبي، قال فيها: «تلعب منظمة اليونيدو دوراً مهماً في النهوض بخطة التنمية المستدامة عام 2030. ويسرني تركيز المنظمة الجديد على تسخير إمكانات التقنيات الجديدة. ومن خلال شراكة المنظمة مع الحكومات والقطاع الخاص، يمكن لليونيدو المساعدة في خلق فرص العمل ونقل التكنولوجيا والاستثمارات، كما يمكنها مكافحة أزمة المناخ من خلال تسهيل الانتقال إلى الاقتصادات الدائرية، وتحقيق النمو الصناعي غير الضار بالبيئة، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية الخضراء وتقليل انبعاثات الغازات الضارة الناتجة عن الأنشطة الصناعية».
قرار تاريخي
وقال لي يونغ، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو): «أتوجه بجزيل الشكر لدولة الإمارات على جهودها في إعداد واقتراح «إعلان أبوظبي». لقد قمنا باعتماد قرار تاريخي يدعم التعددية ويشجع التعاون الدولي، ويسلط الضوء على الدور الحاسم لشركات القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويشكل «إعلان أبوظبي» نقطة تحول لمنظمة (اليونيدو) ويدعم جهودها في تحقيق أهداف التنمية الشاملة المستدامة».
وبإطلاقها «إعلان أبوظبي»، رسخت دولة الإمارات مكانتها كعاصمة للحراك العالمي حول الثورة الصناعية الرابعة.
وتدعو دولة الإمارات من خلال «إعلان أبوظبي» إلى تضافر الجهود لتعزيز التنمية وخلق المزيد من الفرص الوظيفية ودعم توظيف التكنولوجيا في القطاعات الصناعية في الأسواق النامية والمتقدمة، والحفاظ على سلامة وصحة موظفي القطاع الصناعي وتعزيز الأمن المعلوماتي في عصر الثورة الصناعية الرابعة.
علامة فارقة
وقال معالي سهيل محمد المزروعي، وزير الطاقة والصناعة ورئيس المؤتمر العام الثامن عشر لمنظمة (اليونيدو): «يعد اعتماد مشروع «إعلان أبوظبي» علامة فارقة في تاريخ منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، ويحدد أولويات المنظمة للسنوات المقبلة. وبهذا الإعلان، نبدأ فصلًا جديدًا من العمل مع الدول الأعضاء على تنفيذ خطط المنظمة بعيدة المدى. وتربط دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمة اليونيدو شراكة وثيقة ستمكننا من مواصلة العمل معا لتحقيق الازدهار والتنمية الصناعية الشاملة والمستدامة لجميع الدول الأعضاء».
وأضاف المزروعي «نأمل أن تبدأ الدول الأعضاء إطلاق مشاريع توظف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وتلتزم دولة الإمارات بريادة الحراك العالمي لتبني تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة بصورة مستدامة ومسؤولة وبطريقة تضمن مشاركة كافة الدول في هذا الحراك. وتعتبر دولة الإمارات من أكبر الدول المانحة للمشروعات الصناعية المستدامة في جميع أنحاء العالم، وقد أعلنا بفخر عن العديد من المشاريع في هذا الإطار، وسنواصل العمل على هذه المبادرات العالمية مع منظمة اليونيدو».
منصة عالمية
ويعتبر «إعلان أبوظبي» استمراراً للشراكة الصناعية العالمية التي تجسدت في القمة العالمية للصناعة والتصنيع، المبادرة المشتركة بين منظمة (اليونيدو) ووزارة الطاقة والصناعة في دولة الإمارات، والتي انطلقت عام 2015 في أبوظبي.
وباعتبارها المنصة العالمية الأولى للقطاع الصناعي، عقدت القمة العالمية للصناعة والتصنيع في كل من الإمارات العربية المتحدة وروسيا، ومن المقرر عقد قمة ثالثة في العام المقبل في ألمانيا.
شراكة قوية
ومن جانبه، قال بدر سليم سلطان العلماء، رئيس اللجنة التنظيمية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع: «يتمتع القطاع الخاص بثقة كبيرة وبشراكة قوية مع القطاع العام في دولة الإمارات، مما شكل أساسا قويا لتحقيق التنمية والازدهار في الدولة على مدار العقود الماضية. وأسهم القطاع الخاص من خلال خبراته وقدرته على تمويل القطاعات في تحقيق التنمية المستدامة واستراتيجيات التنويع الاقتصادي».
ونوه العلماء إلى أن «إعلان أبوظبي» يؤكد ضرورة مساهمة القطاع الخاص في حشد الجهود والتعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة على المستوى العالمي.
وقال: يعبر الإعلان عن استعداد الدول الأعضاء في اليونيدو للاضطلاع بدور رئيس في تحقيق هذه الرؤية.