السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زيارة البابا وشيخ الأزهر تجسيد لنهج الإمارات في إرساء التسامح

زيارة البابا وشيخ الأزهر تجسيد لنهج الإمارات في إرساء التسامح
30 يناير 2019 02:16

أبوظبي (وام)

أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، أن استضافة الزيارة التاريخية المشتركة لكل من قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف للإمارات، تجسد نهج الدولة في إرساء قيم التسامح والتآخي على مستوى العالم بعد أن أصبحت الإمارات نموذجاً في التعايش الحضاري بفضل القيادة الرشيدة التي هي أساس تقدم ورخاء الوطن.
وأضاف أن الزيارة المهمة التي تشهدها الإمارات الأسبوع المقبل والتي وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأنها حدث تاريخي يجمع بين اثنين من رموز السلام والتسامح في العالم اللذين يجسدان أمام الجميع بالقول والعمل قيم الأخوة الإنسانية والمحبة والتآلف ونبذ العنف، مشيراً إلى أهمية الاستفادة من المعاني المهمة في هذا الحدث الذي يجيء في عام التسامح، ومنها المكانة المرموقة لدولة الإمارات على مستوى العالم.
وأوضح معاليه -خلال الندوة التي نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان «الإمارات وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش محلياً وعالمياً»- أن هذا الحدث التاريخي يعد تعبيراً قوياً عن رؤية قداسة البابا وفضيلة شيخ الأزهر لدور الإمارات وقادتها المخلصين في نشر السلام والمحبة بين الجميع، والتركيز على مفهوم «الأخوة الإنسانية»، وأيضاً تجسيد لقناعة قوية بين البشر أجمعين بأهمية الاحتفاء بالقيم والمبادئ والأخلاقيات التي يشترك فيها بنو الإنسان في كل مكان.
حضر الندوة معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وسماحة السيد علي آل هاشم مستشار الشؤون القضائية والدينية بوزارة شؤون الرئاسة، ومعالي الدكتور أحمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، وسعادة الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وعفراء الصابري مدير عام وزارة التسامح، ومقصود كروز المدير التنفيذي لمركز «هداية»، والقس بشوي فخري راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبوظبي.

القوة الناعمة للإمارات
وأشار معالي الشيخ نهيان بن مبارك إلى أن هذه الزيارة التاريخية هي تعبير واضح عن القوة الناعمة لدولة الإمارات، وتأكيد على دور القيادة والشعب في مجال التسامح والتعايش السلمي، وتذكرة بما يبذله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من جهد هائل، وعمل متواصل، في سبيل تطوير العلاقات النافعة مع أصحاب الحضارات والثقافات المختلفة، بالإضافة إلى تحقيق التواصل والتعارف والتراحم بين الناس، والسعي نحو تحقيق مستقبل للبشر يسوده التفاهم والسلام في كل مكان.
ونوه بأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جعل من الإمارات الحبيبة مجالاً طبيعياً للتعايش والتسامح، مشيراً إلى أن قادة الدولة يسيرون على الدرب نفسه، كما نرى ذلك بكل وضوح في توجيهات وأعمال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفي توجيهات، وأعمال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وفي توجيهات وأعمال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي أعمال وأقوال أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، حيث كانت القيادة الرشيدة للوطن بدءاً من المغفور له مؤسس الدولة عاملاً أساسياً، فيما نراه الآن في الإمارات من تسامحٍ وتعايش وتقدم ورخاء.

ثقافة التسامح
وقال معاليه، إن ثقافة التسامح والتعايش هي تجسيد عن حق لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هذا القائد الوطني الفذ الذي يحقق لنا في الإمارات التقدم والنماء والأمن والأمان والاستقرار دونما ابتعاد عن الهوية أو انقطاع عن الأصالة في إطار الاعتزاز القوي بتراثنا العربي والإسلامي والإنساني الذي يحث على العدل والتسامح والتراحم والتعارف والتعاون الكامل مع الجميع.
وأضاف أننا نقدر لسموه كثيراً حرصه على أن يكون التسامح جزءاً أساسياً في بنيان المجتمع، ونعتز غاية الاعتزاز، بما أكده بمناسبة عام التسامح من أن المجتمعات التي تقوم على قيم ومبادئ التسامح والمحبة والتعايش، هي التي تستطيع تحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية بجميع جوانبها، وتأكيد سموه على الدور الرائد الذي تؤديه دولة الإمارات في سبيل ترسيخ ونشر مفاهيم وقيم التسامح والتعايش والسلام على مستوى العالم كله. وقال إن الإمارات لديها شعب مسالم ومتسامح بالفطرة والطبيعة، حريص على تنمية النموذج الرائد للتسامح والتعايش الذي أرساه مؤسس الدولة، إلى جانب ما تحظى به الدولة من نظام قوي ومؤسسات فاعلة وتشريعات رشيدة وتلاحم عميق بين الشعب وقادته.
وأضاف: نحن اليوم في عام التسامح نذكر بكل فخر واعتزاز، بل وبكل شكر وامتنان ما تركه فينا مؤسس الدولة من قيم ومبادئ أصيلة، تؤكد التزام المجتمع بأن جميع السكان لديهم حق مطلق في الحياة الكريمة في أمان وسلام واستقرار.

نموذج حضاري وإنساني
وأضاف أننا نعيش اليوم في دولة تمثل نموذجاً حضارياً وإنسانياً وتنموياً رائعاً، وهو ما يفرض علينا واجباً ومسؤولية لنشر الفائدة حول العالم من معطيات وخصائص هذا النموذج الناجح من أجل بناء مستقبل أفضل للبشرية في عالم متعدد الثقافات والحضارات في ظل الإنجازات الممتدة لمؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مجالات التعايش والتسامح الذي كان واعياً تماماً لدوره التاريخي في تشكيل مستقبل الدولة على أسس قوية تركز على تمكين جميع أبناء وبنات الدولة من الإنجاز في المجالات كافة.
ونوه بأن إنجازات الشيخ زايد الهائلة ساهمت في تحقيق التقدم والرخاء للمجتمع والإنسان، وبما تركه من مجتمع قوي ومتماسك ودولة عزيزة وناجحة بكل المقاييس، وكان في كل أقواله وأعماله حريصاً على التواصل مع جميع أفراد المجتمع، واهتم بالمرأة والأسرة وبالشباب، وجميع فئات السكان، وكان حريصاً كل الحرص على نشر القيم الإنسانية النبيلة في ربوع الوطن والعالم.
وقال معاليه: «حين أتحدث عن التسامح والتعايش في فكر الوالد الشيخ زايد، فإنني أشير دائماً إلى عدد من المبادئ المهمة التي تمثل لنا جميعاً إرثاً خالداً تركه لنا القائد المؤسس، أولها الولاء للدين الحنيف والأسرة والوطن، واتخاذ ذلك كله طريقاً لتحقيق التعايش والسلام والرخاء في العالم، والمبدأ الثاني هو حب الوطن والانتماء لطموحاته وأهدافه كافة، وما يرتبط بذلك من وعي وحكمة في التزود بالعلم والمعرفة والإفادة من الخبرات والتجارب ودراسة الممارسات الناجحة حول العالم، بل وأيضاً في فهم الماضي وتقدير الحاضر والتطلع نحو المستقبل بثقة وتفاؤل، بالإضافة إلى مبدأ الشجاعة، وتحمل المسؤولية في الأخذ بالمبادرة وفي مواجهة التحديات، وفي تنمية القدرة على العمل الجماعي، لما فيه خير المجتمع وتقدم الإنسان، والقدرة على التواصل الإيجابي مع الغير، وتنمية قيم التسامح والتعايش السلمي، وفهم واحترام الثقافات والحضارات المختلفة، والعمل على تحقيق العدل الاجتماعي، واحترام حقوق الإنسان في كل مكان، بالإضافة إلى الحرص في جوانب العمل الوطني كافة، والتسامح جزء منها على التفكير المبدع والابتكار الناجح والإنجاز الهادف في منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق التطوير الدائم، نحو الأفضل، وذلك في إطار من الحرص على أن يكون الإنسان في الإمارات نموذجاً وقدوة في السلوك الإنساني والمجتمعي القويم».

نموذج الإمارات في التسامح
وأشار إلى أن نموذج الإمارات في التسامح الذي تركه لنا الوالد المؤسس يحترم خصوصيات بني الإنسان ومعتقداتهم واختياراتهم، ويقبل التعدد والتنوع في أفكار ومعتقدات البشر، ويركز على تعميق التعاون والعمل المشترك بين الجميع من أجل تقدم ورخاء الجميع.
وقال معاليه، إن إنشاء وزارة التسامح والإعلان عن عام التسامح جاء إعلاناً قوياً بأن الدولة ترى في التسامح عنصراً أساسياً ومهماً في الحاضر والمستقبل، وأن التسامح والتعايش والتعارف قيم إنسانية مجتمعية نبيلة، وهي الأساس للعيش المستقر في أمن وسلام وبما يحقق الخير للجميع.
وأوضح معاليه أن الرسالة الواضحة لوزارة التسامح، تتمثل بالأساس في أنها وزارة لجميع السكان في الدولة، بالإضافة إلى التواصل مع الأشقاء والأصدقاء حول العالم، والعمل مع المنظمات الدولية المتخصصة كافة، مشيراً إلى أن خطة العمل في الوزارة تركز على مجالات عدة، هي التعليم والتوعية المجتمعية لجميعِ فئات السكان، مع التركيز بصفة خاصة على الأسرة والشباب، بالإضافة إلى التنسيق مع مؤسسات المجتمع كافة، من أجل نشر مبادئ التسامح والتعايش، وتشجيع جميع السكان في الدولة على الإسهام الناجح في مسيرة المجتمع والعالم دون تشدد أو تعصب أو تطرف أو كراهية.

التسامح في الإسلام
من جانبه، قال معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، في كلمته حول التسامح وأسسه المنهجية في الإسلام، إن التسامح في الإسلام يشكل ثقافة متكاملة لها قيمها ومظاهرها ومجالاتها، كما أن له أسساً منهجية عليها ينبني، مشيراً إلى أن الإسلام يعتبر البشر جميعاً إخوة فيسد الباب أمام الحروب الكثيرة التي عرفها التاريخ الإنساني بسبب الاختلاف العرقي.
وأوضح معاليه أن الآخر في رؤية الإسلام ليس عدواً ولا خصماً، مشيراً إلى أن الآخر هو كما تقول العرب، إنه الأخ الذي يشترك معك في المعتقد أو يجتمع معك في الإنسانية، ويتجلى هذا بسمو في تقديم الإسلام الكرامة الإنسانية بوصفها أول مشترك إنساني بين البشر جميعاً على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم.
وقال إن التعدد هو سنة كونية، وكذلك هو فطرة بشرية فالناس من فطرتهم أن تختلف رؤاهم وتصوراتهم ومعتقداتهم ومصالحهم، ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام إلا معترفاً بهذا المبدأ، ومعلناً بضرورة احترامه، لافتاً إلى أن اعتراف الإسلام بالتعددية الدينية ليس مجرد اعتراف، بل هو احترام وحماية، فقد جعل الله عز وجلّ البيع والكنائس محمية لا يمكن أن تمتد إليها يد الاعتداء والتاريخ يثبت أنه لا النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه هدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار، وتلك هي الديانات التي كانت موجودة في المجال الحضاري للإسلام يومئذ.
ونوه بأن الحوار واجب ديني وضرورة إنسانية، وليس أمراً موسمياً؛ ولذا أمر به الباري عز وجل وبالحوار يتحقق التعارف والتعريف، وهو مفتاح لحل مشاكل العالم حيث يقدم كما يقول أفلاطون البدائل عن العنف، لأنه بالحوار يبحث عن المشترك، وعن الحل الوسط الذي يضمن مصالح الطرفين وعن تأجيل الحسم العنيف، وعن الملائمات والمواءمات التي هي من طبيعة الوجود، ولهذا أقرها الإسلام وأتاح الحلول التوفيقية التي تراعي السياقات، وفق موازين المصالح والمفاسد المعتبرة.
وحول جهود منتدى تعزيز السلم في نشر التسامح، قال ابن بيه، إن دولة الإمارات بلد زايد ومعدن المجد تقدم المقاربات الحية والمبادرات القوية على مختلف الصعد وفي المحافل الدولية والإقليمية بجسارة وكفاءة، ولعل آخر هذه المبادرات ما سوف تشهده الإمارات في الأيام المقبلة من استقبال البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وهي زيارة تندرج في الإطار الحضاري للرؤية الإماراتية المرتكزة على مبادئ تعزيز السلم في العالم وغرس ثقافة التسامح وترسيخ معاني الأخوة الإنسانية في العالم.
وأضاف: إننا في مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي نعمل داخل هذا الإطار ووفق هذه الرؤية، حيث إن من أهدافنا ضبط الفتوى لما لها من دور أساسي في ترشيد التدين وبث الوعي الديني الصحيح وترسيخ التسامح في النفوس وذلك من خلال إنشاء جيل من المفتين الراسخين في دينهم وثوابته، الواعين بعصرهم ومتغيراته، مشيراً إلى أن المجلس بصدد تنظيم دورات تدريبية للمفتين والأئمة في الدولة وخارجها على ثقافة التسامح ووسائل تجسيدها في فتاويهم وخطابهم التوجيهي.

مبادرة عام التسامح
وبدوره، قال معالي الدكتور أحمد الجروان، إن إطلاق مبادرة عام التسامح يعكس رؤية القيادة الحكيمة في دولة الإمارات لمعطيات الصراعات المنتشرة في الكثير من أرجاء العالم، وهي التي نشبت بسبب تفشي مظاهر الكراهية والعنف والطائفية، وتراجع قيم التسامح، كما تعكس هذه المبادرة رؤية القيادة في أن السبيل الأمثل لإخماد هذه الصراعات هو نشر قيم التسامح إقليمياً وعالمياً، مشيراً إلى أن هذه المبادرة سوف تسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتعايش والتلاقي الحضاري.
ومن جانبه، تطرق سماحة السيد علي آل هاشم إلى التسامح من المنظور الديني، مؤكداً أن التسامح والحب والتعاون رسالة الإسلام التي يدعو بها وإليها الناس جميعاً.
وقال: جاء الإسلام ليدعو الناس إلى التسامح والتعايش ونبذ العنف والغلو حتى في العبادة، مشيرا إلى أن التسامح الذي يدعو إليه الإسلام والأديان السابقة ليس رمزاً ولا معنى مجرداً، وإنما هو صفة إيجابية بناءة، خاصة فيما يتعلق بالمعتقد.
من جانبها، قالت مدير عام وزارة التسامح خلال مشاركتها في جلسة بعنوان «تخليداً لإرث زايد.. الإمارات تعزز قيم التسامح والتعايش»، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- رسخ ثقافة التسامح والتعايش في نفوس أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها الطيبة من خلال تقبل الآخر ونبذ العنف والتطرف، مشيرة إلى أن عام التسامح يؤكد دور الإمارات في تأصيل ثقافة التعايش والتسامح على مختلف الصعد المحلية والإقليمية والعالمية.
وبدوره، قال القس بيشوي فخري خلال مشاركته في جلسة بعنوان «التسامح من المنظورين الديني والإنساني»، إن التسامح على أرض دولة الإمارات يعد ثمرة من شجرة المحبة التي غرسها ورعاها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- الذي احتوى الأديان والمذاهب والثقافات كافة برؤيته المتسعة والحكيمة، وهي الرؤية التي حافظت عليها وتمسكت بها وحفزت عليها قيادة الإمارات، مشيراً إلى أن تلك الرؤية جعلت من دولة الإمارات موطناً للروح السمحة الطيبة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©