دينا مصطفى (أبوظبي)
عصف فرسان التحالف العربي بمليشيات الظلام الحوثية الموالية لإيران، لإعادة الأمل والبسمة والسلام إلى أهل اليمن، عبر عمليتي «عاصفة الحزم»، و«إعادة الأمل»، مسجلين صفحات مشرقة خالدة في ذاكرة التاريخ.
وتساهم الإمارات والسعودية في حفظ الأمن القومي الخليجي والعربي، عبر العديد من المواقف التاريخية المشتركة، والرؤى الموحدة في الملفات كافة، لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، وإعادة الأمة إلى مكانها ومكانتها، وتأثيرها الطبيعي في أحداث المنطقة، والوقوف بحزم في وجه الأطماع والمؤامرات التي تحاك ضدها.
وجسدت السياسة الخارجية لكل من الإمارات والمملكة، بشأن اليمن نموذجاً في وحدة الرأي والقرار، فسطرت قوات التحالف العربي ملاحم النصر المجيد في دحر قوى الظلم والعدوان التي أرادت الخراب والدمار لليمن الشقيق.
عاصفة «الحزم» تفتح أبواب «الأمل»
لاقت عاصفة الحزم بوصفها خطوة تاريخية، ريادية مشهودة، التأييد العربي والإسلامي والدولي، ولا يزال التأييد مستمراً للتحالف العربي المشرِّف في اليمن.
وتمكنت قوات التحالف العربي والقوات اليمنية من قهر الانقلابيين، وتحرير مساحات كبيرة من الأراضي المحاصرة، كما أسهم التحالف في إعادة إعمار المدن التي دمرها الانقلابيون، وبناء مؤسسات الدولة، وتوفير الحياة الآمنة للشعب اليمني الشقيق. وعلى مدى أربعة أعوام، لعبت القوات السعودية والإماراتية المشاركة ضمن قوات التحالف دوراً بارزاً وكبيراً في عمليات التحرير التي تشهدها مدن ومحافظات اليمن، ومازالت متواصلة في التحالف، وقدمت القوات الإماراتية كوكبة من شهدائها الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أبناء أمتهم العربية، وتصدت قوات التحالف العربي والقوات اليمنية لعدوان الانقلابيين ولتنظيم القاعدة والإرهاب الذي يهدد الجميع، وتسعى إلى تطهير اليمن من الظلام الأسود، ومساعيها مشهودة لكف العدوان الغاشم، وطمس الإرهاب الغادر، وإعادة الأمن والاستقرار إلى الشعب اليمني الشقيق، وتمكين الشرعية من بناء اليمن السعيد بأيدي الأشقاء اليمنيين.
واستطاعت عاصفة الحزم أن تعيد صياغة التصورات لدى عزيمة العرب وقدرتهم على تحديد مصيرهم دون الانتظار لأي تدخل خارجي، كما أبرزت القدرات العربية في توحيد الصف والتحرك الفاعل لحماية الأمن القومي العربي، ودفع المخاطر عنه وإحداث التغييرات الإيجابية الفاعلة في المنطقة، وترجمة تطلعات أبناء الأمة العربية نحو المجد والريادة عبر التحالفات العربية المشتركة التي تحقق المصالح العليا لأبناء هذه الأمة، وكان الأولى بهم إن كانوا حريصين على سعادة اليمن واستقراره، أن يضعوا أيديهم في أيدي بني جلدتهم، ويسهموا في بناء يمن سعيد آمن بدلاً من أن يرتموا في أحضان إيران، ويكونوا أدوات مسخرة لتنفيذ سياساتها الشريرة، وإن عاصفة الحزم ستبقى في قلوب أهل اليمن ملحمة عربية مجيدة وصفحة مشرقة من العز والإباء تتناقلها الأجيال.
الأراضي اليمنية
واستطاع التحالف العربي، أن يضع حداً للعبث الحوثي وساند قوات الشرعية لاستعادة 80% من الأراضي اليمنية، وحاصر الميليشيات في صعدة وصنعاء، وإيران تمد الإرهابيين بصواريخ باليستية وقنابل صخرية.
وعلى مدار السنوات الأربع الماضية للعمليات العسكرية العربية داخل الأراضي اليمنية لمواجهة الجماعات الحوثية المسلحة والمدعومة من إيران، تبدلت خريطة النزاع المسلح بين الجيش الشرعي اليمنى، والميليشيات الإرهابية المخربة، لترجح كفة القوات الوطنية مرة أخرى في مواجهة الإرهابيين، ويعود إلى سيطرتهم عدد كبير من المدن المفقودة خلال المواجهات المسلحة.
وبالعودة بالزمن إلى الفترة ما قبل انطلاق «عاصفة الحزم»، نجد أن ميلشيات الحوثي الإيرانية نقلت تحركاتها في يناير 2014 من معقلهم في محافظة صعدة للتوسع داخل الأراضي اليمنية، حتى امتدت سيطرتهم من صعدة إلى صنعاء وعدن مروراً بتعز، وذلك في غضون فترة قصيرة جداً.
وتمت السيطرة على جميع هذه المدن في الفترة من يناير 2014 وحتى مارس 2015، وبعد هذا التاريخ امتد نطاق سيطرتهم إلى مناطق أخرى، بما فيها محافظات اليمن الجنوبية، ومع انطلاق «عاصفة الحزم»، في مارس 2015، تبدلت الأوضاع بشكل ملحوظ، حيث بسطت القوات الشرعية اليمنية سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي الخاضعة لميليشيات الحوثي، وخلال 4 سنوات منذ انطلاق العمليات، وحتى 25 مارس 2018، أصبح 80% من الأراضي اليمنية تحت سيطرة قوات الشرعية المدعومة بقوات التحالف العربي.
ومن الإنجازات التي حققتها قوات التحالف، تحرير مدينة عدن، ومضيق باب المندب، وطرد تنظيم القاعدة من المكلا، وتحرير مدينة وميناء المخا، وتحرير مدينة حيس وأجزاء واسعة من مديرية الخوخة، وبذلك حوصرت ميليشيات الحوثي الإيرانية في صعدة وصنعاء فقط، ما يعني انحسار نفوذهم وتكبدهم هزائم هائلة في القوات والعتاد، ما أضعف من قوتهم وعزيمتهم في القتال.
ومع الهزائم المتتالية التي تكبدتها ميليشيات الحوثي على يد الشرعية اليمنية مدعومة من الإمارات والسعودية، لجأت الجماعة الإرهابية إلى حليفتها في المنطقة إيران لتمدها بأنواع متطورة من الأسلحة حتى تستطيع حماية نفسها في المدينتين التي حوصرت فيهما، وكذا لمحاولة إحراز أي تقدم في مواجهة التقدم الهائل الذي يحققه الجيش اليمني، بدعم من القوات العربية الداعمة للشرعية في البلاد لمواجهة الإرهاب. وأمدت طهران، جماعة الحوثي، بالصواريخ الباليستية التي تستخدمها من حين إلى آخر مستهدفه الأراضي السعودية، إلا أن قوات الدفاع الجوي السعودي تصدت لتلك المحاولات الفاشلة ببسالة، وأسقطت الصواريخ المعادية موفرة الأمن لمواطنيها والمقيمين فيها.
كما دعمت إيران الميليشيات الإرهابية في اليمن بأنواع متطورة وحديثة من المتفجرات والألغام على شكل صخور، ما يصعب عمليات الكشف عنها لتجانسها مع البيئة الجبلية لليمن، إلا أن القوات اليمنية، وقوات التحالف العربي، تمكنت من كشف أعداد كبيرة من تلك الألغام وتفكيكها بنجاح وبراعة فائقة.
ويوجه باحثون في الغرب والأمم المتحدة اتهامات إلى إيران بتزويد المتمردين الحوثيين في اليمن بالأسلحة، وتشمل هذه الأسلحة صواريخ باليستية، استخدمت في استهداف السعودية التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن.
تضامن تاريخي
وأكد المحلل السياسي السعودي دكتور علي الخشيبان، أن الإمارات والمملكة شكلتا تضامناً تاريخياً وإنسانياً مع الأشقاء في اليمن عندما تعرضت الشرعية إلى التهديد وطالبت الحكومة اليمنية الشرعية من أشقائها في الخليج والعالم العربي المساهمة لوقف العملية الانقلابية التي قام بها الحوثيون الذين تدعمهم إيران الراغبة في التدخل في الشأن اليمني عبر نسف البنية السياسية في اليمن وإحداث فوضي من أجل أن تسيطر جماعة الحوثي على اليمن، بهدف التخريب والإساءة إلى كل جيران اليمن. وأضاف: المشهد في اليمن اليوم يؤكد الكم الهائل من الدعم السياسي والعسكري والإنساني الذي قدمته كل من السعودية والإمارات من أجل إنقاذ هذا البلد، ومع كل الصعوبات، سواء في الفضاء العسكري أو السياسي إلا أن موقف السعودية والإمارات يسير بالاتجاه القائم على مساعدة الأخوة الأشقاء، وتقديم المزيد من الدعم حتى يتمكن أبناء اليمن من طرد المحتل، وإخراج إيران من اليمن، ويبقى العنوان الأكبر في هذه المهمة أنه لا تراجع حتى تعود الشرعية إلى قيادة اليمن.
من جانبه، قال محمد بن عبد الله آل زلفة عضو مجلس الشورى السعودي السابق، إن العلاقات السعودية الإماراتية عميقة ومتينة وموحدة المواقف في كل الأوقات، سواء كانت علاقات اقتصادية ثقافية وعسكرية أمنية، فهناك تنسيق بين الدولتين على أعلى مستوى وهناك مفاهيم مشتركة وواعية تماما لما يحدث للمزيد من الأعمال التي تدعم استقرار المنطقة، وتتفق الدولتان في كل القضايا ومواجهة كل التحديات فكما تحرص المملكة على الاستقرار وسلامة المنطقة من كل العابثين، تشاركها الإمارات في هذا الحرص.
وأكد آل زلفة في اتصال هاتفي من الرياض، أن ما يحدث في اليمن تعبير عن موقف راسخ للمملكة والإمارات في أنهما تعملان بقوة في سبيل إنقاذ اليمن مما يحاك ضده من مؤامرات، والمملكة والإمارات تدركان جيداً أنهما لا يمكنهما أن يتركا مجالا للحوثي ولا من يحرك الحوثي أن يثبت أقداماً في أي مكان في اليمن لخدمة مصالح قوة إقليمية معينة معادية للعالم العربي، وتهدد آمنه ولا تريد خيراً لهذه المنطقة، لذا فالمملكة والإمارات اللتان تعدان أهم دولتين في قوات التحالف العربي تمضيان في مساندة الشرعية في اليمن والدفاع عن أبنائها من الميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، والبحث عن حلول سلمية سياسية بعيدة عن أي تأثير سياسي من أي قوى خارجية وأيضاً تحاول العمل مع مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث حتى لا ينحاز للدعاية الكاذبة من الحوثي ودعاية الملالي الإيرانية الكاذبة في المنطقة، ولا تدخر جهداً في البحث عن حلول سلمية إذا أمكن، وإلا فإن الحلول لن تكون إلا عن طريق الوسائل التي تراها دول التحالف مشروعة لتخليص اليمن من كل ما يعكر أمنه واستقراره.
أما المحلل السعودي عبد العزيز الخميس فقال: تعمقت العلاقات السعودية الإماراتية لتصبح أكثر من تجاور في المعارك فقط بل إلى وحدة دم ومصير، وإلى تناغم وتفاعل، وتدريب على تحديات مستقبلية أعظم مما يحدث في اليمن، وأثبتت السعودية والإمارات معاً أن للعرب وقفة قوية ضد أطماع قوى خارجية طامعة في العرب ومثيرة للفوضى، ولعل الأزمة اليمنية قدمت للعرب نموذجاً مهماً للتعامل مع التحديات.
وفي اتصال هاتفي مع نجيب غلاب، مدير مركز الجزيرة العربية للدراسات، أكد أنه خلال 4 أعوام من تمرد الحوثي استطاعت قوات التحالف الدولي مع الحكومة الشرعية اليمنية أن تنهي المخطط الإيراني في الاستيلاء على اليمن فقد كانت لديهم مطامع واضحة بتحويل اليمن بكافة جغرافيتها إلى منطقة نفوذ إيراني.
وأكد أن هذا المشروع انتهى، وما يجري الآن هو السعي في اتجاه استعادة المؤسسات المخطوفة وتحرير الجغرافيا التي تحت سيطرة الحوثي من ميليشياته، مشيراً إلى أن التحالف العربي تمكن من إسناد ودعم الشرعية واستعادة وجودها في أراضي اليمن. وقال: أصبح لدينا اليوم مؤسسات قادرة على العمل والفاعلية، واستطاعت الحكومة الشرعية بإسناد ودعم من قوات التحالف من تجميع كافة القوى الوطنية وتكثيف وجودها سياسياً، وتمكنت من تحرير الكثير من الأراضي اليمنية، وتم إنجاز الأهداف الأساسية ومازالت الأمور باتجاه الوصول إلى إنجاز الأهداف كاملة حتى يتمكن أبناء اليمن من إعادة العملية السياسية. وأضاف: ركز التحالف على أهداف أساسية، هي بناء قوة الشرعية السياسية والعسكرية وتحرير المدن اليمنية، ثم الإغاثة الإنسانية وعملية البناء التنموي، ثم الوصول إلى حلول بجهود اليمنيين إلى استعادة كامل اليمن.