18 يناير 2011 20:09
تزداد المواقع التاريخية في العاصمة البريطانية تألقاً خلال فصل الشتاء، حيث الأجواء المبللة تمنح السائح مشاعر دافئة تعيد إليه دائما أهمية كونه ضيفاً على لندن مدينة التاريخ والحضارة. ويكفي أن يزور مطولاً الطرف الشرقي منها ليتجاوز حدود الزمن، حيث تتمركز المواقع العمرانية الجذابة. بدءا من “برج لندن” إلى مربع الفنون في “غاليريا وايتشابل”، مروراً بمنطقة “غرينتش” التي تشتهر ببيئتها البحرية الغنية وأرشيفها الملكي العريق. ولا يكتمل المشهد البديع إلا بزيارة مركز الترفيه الفريد في “ميدان O2” الذي يشكل أحد أبرز مواقع الأولمبياد التي تستضيفها لندن عام 2012.
هذه الفترة من السنة يزداد شرقي لندن بهاء إذ يعتبر الكثير من الناس بأن هذه المنطقة تجسد التناغم بين أصالة الماضي ورونق الحاضر لبريطانيا القديمة والحديثة. وأكثر من ذلك تعزز ولادة أفكار جديدة عن “مدينة الضباب” التي لم تعد هذه التسمية تليق بها، كما أنها أكثر بكثير من مجرد عاصمة للموضة والتسوق. وهذا ما جعلها تحتل حديثاً المرتبة الرابعة عالمياً من حيث تردد أعداد السياح إليها على مدار العام بقصد استكشاف مواقعها العمرانية التقليدية.
كنوز التاريخ
مفاتن الحيز التاريخي تبدأ هنا من “برج لندن” وجسر البرج المعلق، واللذين يشكلان “بداية” الطرف الشرقي من العاصمة. وهذان المركزان الحيويان يعتبران من أبرز المعالم البصرية في المدينة ولطالما تم ذكرهما في كتب التاريخ والأدب الإنجليزي.
عند الوصول إلى “برج لندن” الذي تحوطه الحدائق الغناء من كل جهة، تفوح رائحة فيها من العظمة والغموض في آن. وهذا البرج الذي لا يهدأ من استقبال الضيوف، يذكر بأهمية الأحداث التي شهدها والتي مازالت بصماتها تحوم في أرجائه. ويشتهر بالكثير من المحاكمات الملكية التي لطالما دارت في قاعاته. أما اليوم وبعدما تحول “البرج” إلى الموقع السياحي الأكثر مشاهدة في المدينة، فهو يحتضن مكتب المجوهرات الملكية والتيجان والصولجانات والكنوز الأثرية الأخرى. ولاعتباره أحد أهم المعالم البريطانية، يحرسه على مدار اليوم 12 ضابطاً من حراس “اليومن” بزيهم التقليدي الذي يعود للقرن السادس عشر.
وهذا الزي التاريخي الذي مازال محافظاً على فلكلوره المحبب، بات بحد ذاته من أبرز عوامل الجذب السياحي في العاصمة البريطانية. ولا يبخل الحراس المنهمكون بحماية “البرج – القلعة” بمنح السياح فرصة التقاط الصور التذكارية معهم.
روائع الفنون
الفنون الراقية في شرقي لندن تحتفظ بمكانتها العالمية وتقدم على طريقتها صبغة خاصة تضاف إلى المواقع التاريخية البارزة.
وتظهر المناطق المعاصرة فيها مثل “وايتشابل وبنثال غرين” التي تقع في العمق اللندي جماليات تكشفها مشاهد الفنون والموضة والموسيقى. وهي تشتهر بمجموعة متنوعة من متاجر الملابس و”الغاليرهات” والمقاهي.
ويمكن لعشاق الفنون الحديثة زيارة غاليريا “وايتشابل” التي تحرص على عرض الكثير من روائع الأعمال الفنية الدولية لأعرق الفنانين من أمثال بابلو بيكاسو، فريدا كاهلو، جاكسون بولوك ومارك روتكو.
طبيعة مكللة
من معلم سياحي بارز إلى آخر نتجه مزيدا نحو الشرق ونصل إلى الضفة الجنوبية من نهر “التايمز”. المنطقة تتمتع بإطلالة مشرقة على الطبيعة المكللة أشجارها بالأصفر والبرتقالي. وهي تحتضن أحدث مرافق الضيافة وأبرزها على الإطلاق، ومن ضمنها “ميدان O2” الذي يستضيف المباريات النهائية في الجمباز وكرة السلة ضمن أولمبياد 2012. وفي هذه البقعة الفسيحة التي تضم أكثر من فعالية مناسبة لممارسة الرياضات على أنواعها، يمكن للزوار من عشاق الأنشطة الشتوية الداخلية التوجه إلى “الركن الثلجي”. المكان يحتوي على حلبة للتزلج على الجليد ومنحدرين للتزلج، توفر كلها وبلا استثناء فرصة ذهبية للاستمتاع بالرياضة البيضاء على خطى كبار اللاعبين. وفيها مجموعة من المطاعم ومتاجر التجزئة التي تمنح الموقع ميزة إضافية للزوار من مختلف الأعمار.
منطقة ملكية
على مسافة قريبة من نهر “التايمز” يمكن قطعها بالسيارة أو حتى مشياً على الأقدام لمن يهوى النزهات في الطبيعة، تقع منطقة “جرينتش” التي تعتبر زيارتها واجبة لسياح شرقي لندن. وتتخذ “جرينتش” أهميتها من تنوعها البيئي والذي كرسها كمنطقة فريدة من نوعها. وهي مدرجة على قائمة “اليونيسكو” للتراث العالمي، وتتمتع بغنى الحياة البحرية فيها وبإرثها التاريخي العريق الذي لا يشبه سواه. وتحتضن هذه المنطقة المجمع والمرصد الملكي الفلكي لتوقيت “جرينتش” العالمي الذي يجعلها نقطة البداية الرسمية لكل يوم وكل سنة وكل ألفية جديدة. وفيها موقع “كلية البحرية الملكية” القديمة التي يرجح أنها تضم أقدم قاعة طعام في العالم الغربي والمزينة بروائع اللوحات الفنية. وقد تم تصميم هذه الكلية من قبل السير كريستوفر ويرن عام 1694 على أنقاض قصر “باليسينتيا”، الذي كان القصر المفضل للملك هنري الثامن والمهد الذي شهد ولادة الملكة إليزابيث الأولى.
ونظراً لجذورها الملكية، تلعب منطقة “جرينتش” دوراً مهماً خلال سنة الألعاب الأولمبية والتي تشهد بدورها احتفالات اليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية. ومن المخطط أن تستضيف “غرينتش” الكثير من الأنشطة والفعاليات احتفاء بمرور 60 عاما على تولي الملكة العرش، وذلك بين شهري يناير ويونيو 2012.
تنوع الثقافات
صنفت المملكة المتحدة بالمرتبة الرابعة على صعيد العالم من حيث غناها بالمباني والمعالم التاريخية، وتمتعها بحياة مدنية ومعالم ريفية نابضة بالحياة. فيما احتلت المرتبة الخامسة كوجهة سياحية مطلوبة ومرغوبة. وكانت احتفظت بالتصنيف الرابع كعلامة قومية شاملة من بين 50 دولة، حيث صنفت الرابعة بعد الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا ضمن الدراسة الخاصة بمؤشر NBI.
وتشكل هذه النتيجة التي استندت إلى مقابلات مع أكثر من 20 ألف شخص بالغ حول العالم، مؤشراً مهماً حول نظرة عامة الشعب للدول وتصنيفهم لها. وتعمل هذه الدراسة بمثابة تقرير لقياس التصور العالمي لكل دولة من الدول. وتبقى النواحي الثقافية من أبرز عوامل الجذب واستقطاب الزوار والسياح من أماكن بعيدة إلى بريطانيا. وذلك لغناها بالموروث الثقافي، والثقافات المعاصرة كالموسيقى والأفلام والفنون والآداب. وتتحضر بريطانيا لإظهار المزيد من فرص التفوق السياحي، وتعد محبيها بعرض الكثير من المفاجآت خلال الفترة المقبلة مستندة على سحرها الخاص الذي يوفره جمالها الطبيعي.
المصدر: أبوظبي