5 أكتوبر 2010 21:35
شرع سوق رأس الخيمة التراثي الذي تم افتتاحه مؤخراً في مدينة رأس الخيمة القديمة في استقبال زواره من كافة الفئات العمرية خاصة كبار السن من الإماراتيين والمقيمين في الإمارة والسياح. إذ يعد السوق امتداداً لحضارة جلفار التي تعود إلى غابر التاريخ والتي كانت تعد مركز التجارة الإقليمية بين الحضارات المتعاقبة. يضم السوق في جنباته مختلف المستلزمات المنزلية والاحتياجات اليومية التي يتم تصنيعها من المواد المتوفرة في البيئة المحلية مثل الفخاريات والخشبيات والجلديات والزجاجيات والخوصيات المصنوعة من سعف النخيل، وأدوات عديدة أخرى.
شهد سوق رأس الخيمة القديم المخصص لبيع المنتجات المصنعة من سعف النخيل والحبال والفخاريات إقبال الأهالي والسياح الذين باتوا يقومون بزيارته بصفة مستمرة، سواء لاقتناء ما يلزمهم من بضائع أو للتجوال في ردهاته والتمتع بمعروضاته التراثية.
مكانة تجارية
حافظ السوق التراثي القديم على استمرار الروح التجارية للإمارة حتى تاريخنا المعاصر. كما احتل مكانة تجارية هامة بالإمارة في مرحلة ما قبل الاتحاد وقبل نشأة الأسواق الحديثة والمراكز التجارية الضخمة وانتشارها في مختلف مناطق الإمارة.
وتعرض محال وبازارات السوق القديم المقتنيات القديمة التي تصنعها الأيدي الماهرة من سعف النخيل والسدو وأخشاب الأشجار المحلية ومعدات حفظ الأطعمة والحبال وما سواها من المستلزمات التي يستخدمها الأهالي في منازلهم وحياتهم اليومية وفي ممارسة مهن الصيد والزراعة وتربية الدواجن منها الأواني المنزلية التي كانت تستخدم لطهي وحفظ الطعام والتمر والفخاريات.
تراثيات الأجداد
يقول إسماعيل محمد- تاجر: “يضم دكاني الكثير من المستلزمات المصنعة طبيعياً من أشجار النخيل التي مازالت تحظى بطلب مواطني الدولة والمقيمين على أرضها من محبي شرائها فضلاً عن السياح الذين يزورون السوق دائماً”.
منوهاً بأن “دعن النخيل” الذي كان يستخدم في الماضي للأسقف وأسوار المنازل أصبح الآن يشهد إقبال الأهالي لتسوير عزبهم البرية في مناطق “عوافي والبحرية” وغيرها. حيث باتت العودة إلى تراثيات الأجداد نوعاً من الحفاظ على تراثهم والتباهي بالعودة إلى الماضي الذي أصبح يعانق النهضة العمرانية الحديثة. مضيفاً أن أسعار البيع تعتبر منافسة جداً وفي متناول مختلف القدرات الشرائية وبعيدة كلياً عن الغلاء- ارتفاع الأسعار الذي نشهده اليوم في كافة مناحي الحياة.
روّاد السوق
من جهته يقول حنيف- بائع في أحد دكاكين السوق: “إن السوق الذي شيد بالحصا المأخوذ من البحر يضم الكثير من المقتنيات التراثية التي يعود تاريخها إلى حوالى 75 و100 عام، ويرتاد السوق المواطنين والمواطنات من كبار السن والمستهلكين العرب الذين يفضلون الأدوات المنزلية المحلية وكذلك السياح الأجانب”.
مضيفاً أن أسعار بيع المقتنيات في متناول جميع المستهلكين وتعد أرخص من الأسعار الحالية في الأسواق والمراكز التجارية.
فيما أبدى محمد علي- مستهلك إماراتي تخوفه من اندثار هذا الموروث الشعبي في المستقبل إذا لم يتواصل معه جيل اليوم الذي يعتمد على الإنترنت وعلى الوجبات السريعة، لافتاً إلى أنه يتردد على السوق بصفة دورية لشراء المقتنيات القديمة التي تذكره بالماضي الجميل وتاريخ أجداده.
زيارات ميدانية
يؤيده في هذا الصدد زيد الشحي مطالباً وزارة التربية التركيز على تنظيم زيارات ميدانية لطلاب المدارس إلى الأسواق والأماكن التراثية والأثرية للحفاظ على هذا التراث العريق الضارب في جذور التاريخ منذ 5 آلاف عام خلت.
أضاف الشحي يقول: “تجسد مقتنيات السوق في الحياة المنزلية التي كان يعيشها أهالي الإمارة في الماضي في حلهم وترحالهم”.
بينما قالت كريستين- سائحة ألمانية زائرة للسوق أنها أعجبت بالمقتنيات التي شاهدتها في السوق القديم حيث إنها تؤكد أن دولة الإمارات عامة ورأس الخيمة خاصة تتمتع بحضارة قديمة. وأشادت بجهود الدولة في الحفاظ على التراث واستمرار فتح الأسواق والبازارات القديمة لتعانق النهضة الحديثة العملاقة التي تشهدها مختلف إمارات الدولة. وأضافت أنها قامت بشراء فخاريات وفضيات وحلي تقليدية من السوق كهدايا تذكارية من المنطقة تحملها معها إلى الأهل والأقارب والأصدقاء في بلدها.
إضاءة
يضم السوق في دكاكينه ومحاله مجموعة من الصناعات التقليدية والمهن الشعبية. فهناك محل الفخار لصناعة “الخروص والجرار”، ومحل الزجاج لصناعة “القوارير والكؤوس”،
ومحل الجلود لصناعة “القرب والسقا والحقائب”، ومحل النحاس لصناعة “القدور والدلال”، ومحل النسيج لصناعة “السدو والمنتجات الصوفية” ومحل الأخشاب لصناعة “الأبواب والنوافذ”،
ومحل صناعة وبيع الحبال والشِباك، ومحل بيع البشوت والأثواب ومستلزماتها، ومحل تصليح الأسلحة التراثية،
ومحل تصنيع الأعشاب والعطور، وغيرها من المحال ذات الاختصاص التراثي.
المصدر: رأس الخيمة