الشارقة (الاتحاد)
تواصلت فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الشارقة الدولي للكتاب لتضم سلسلة من الندوات والمحاضرات الثرية والأنشطة المتنوعة وورش عمل الأطفال التي فتحت عوالم واسعة لتلتقي كلها في أحضان الكتاب.
ففي جلسة حوارية تناقش دور الكتاب في إلهام صناعة السينما حملت عنوان: «من الكتاب إلى بوليوود»، أكدت النجمة والكاتبة الهندية أنوجا شوشان، صاحبة الكتاب الأكثر مبيعاً «عامل زويا» والممثلة سونام كابور التي لعبت دور البطولة في الفيلم المستوحى من هذا الكتاب، عمق العلاقة بين الأدب والسينما، وأن الكتاب الجيد يمثل مصدر إلهام قيّماً في صناعة الأفلام السينمائية، كما استعرضتا جوانب من مسيرتهما المهنية والفنية الحافلة، والتجربة المتميزة التي جمعتهما في حب الكلمة المقروءة.
وخلال لقاء حواريّ جمعه مع جمهوره في المعرض، أكد معتز مشعل الخبير الدولي، واستراتيجي تطوير الحياة والأعمال، أن قيم النجاح والسعادة أمر فردي وليست مشتركة، وتطرق إلى أسس النجاح، والسعادة، وكيف يستطيع الإنسان الوصول إليها، إلى جانب استعراض الدور الذي تتخذه القرارات في حياة الإنسان، وأهمية التركيز على الجوانب النفسية في الحياة. كما ناقش حزمة من المواضيع التنموية التي تسهم في تغيير حياة الإنسان نحو الأفضل، مؤكداً أن «نجاحات الإنسان مختلفة، وأن نسب النجاح متفاوتة بين جميع البشر، نحن مختلفون في كلّ شيء في حياتنا، وتصرفاتنا، ومواهبنا، وهواياتنا، وللأسف غالبية البشر يعتقدون أن مفاتيح السعادة والنجاح واحدة ومشتركة، وهذا الفهم خاطئ»، مشدداً على أن «النجاح لا يقلد، وأن تنجح مثل الآخرين لا يعني أن تقلدهم».
وخلال جلسة تفاعلية مع الأطفال نظمتها «ثقافة بلا حدود» في المعرض، اجتمعت الكاتبة الشيخة مريم القاسمي وبطلة تحدي القراءة العربي 2019 الطفلة الإماراتية مزنة نجيب، تحت ظلال قصة «التنوع».
وقالت الشيخة مريم القاسمي: «إن تعزيز ثقافة الأطفال، وتمتين علاقتهم بالكتاب والقصة والحكاية المقروءة، يحتاج إلى جهود توعوية متواصلة يشارك فيها الجميع، مع الحرص على عدم إجبار الأطفال على القراءة، بل إيجاد السبل والطرق التي تدفعهم إلى البحث عنها تلقائياً، وبرغبة منهم، وأعتقد أن الفعاليات الثقافية مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب أحد أفضل الحلول لغرس حب الكتاب عند الصغار».
ومن جانبها، أعربت الطفلة مزنة نجيب عن سعادتها بالمشاركة في الجلسة، لما لها من أثر في نشر الثقافة، وحب القراءة بين أقرانها من الأطفال، حيث دعتهم إلى اعتبار القراءة حاجة أساسية يومية، كالغذاء والماء.
وفي ندوةٍ بالمعرض حطّم فيها حزمةً من المفاهيم التقليدية السائدة عن التميّز والنجاح، انتصر مارك مانسون لمفهوم المعاناة ودعا الكاتب الأميركي صاحب كتاب «فن اللامبالاة» إلى عدم مطاردة السعادة، مؤكّداً أنه كلّما طاردها الإنسان أكثر، كلما ابتعدت عنه، مُستشهداً بالمجتمع الأميركي الذي رأى أنه يعاني هوساً بالسعي وراء السعادة، حيث يدخل كثيرٌ من أفراده في مطاردةٍ خطِرة للسعادة، لا يجنون منها في الغالب شيئًا إلا السراب.
واقترح مانسون على الجمهور الكبير الذي حضر ندوته أن يُطارد الألم بدلاً من السعادة؛ لأنّ الألم يُعطي الإنسان إحساساً بأنّ هناك معنى لكل شيء. وقال: إن من يريد بلوغ وجهة السعادة الحقيقية، لا تلك التي يتمّ التسويق لها، فعليه أن يعبر إليها من خلال طريق الألم والمعاناة!
وأوضح مانسون قصده: «ليست المعاناة بحد ذاتها هي التي تعطي معنى للحياة، بل السبب الذي نتعب من أجله ونعاني في سبيله، إنها السرديّة التي نصنعها لهذه المعاناة». وأضاف: «لتصبح جيداً في أي شيء عليك أن لا تحب الأشياء الجميلة فيه فقط، بل كذلك الألم المرتبط به؛ لأنّ كل إنجاز حقيقي وكل عمل خالد لا يأتي عبر لحظات كلّها سعادة وراحة، بل عبر المعاناة والألم».
وانتقد المؤلّف الأميركي، إفساد بعض الأهل لأبنائهم حين يعطونهم كل ما يريدونه، مؤكداً أن الإفراط في الدلال هو الخطوة الأولى على طريق الخراب. وقال: «إن فكرة توفير كل ما يريده ويتمنّاه الإنسان، تجعله كائناً متشائماً ومتطلّباً، بعكس حالته عندما يكون كثيرٌ من الأشياء غير متوافر له؛ وحينَها يكون هناك تحدٍّ، وتبرز الرغبة كعاطفة قوية تدفع إلى العمل والنجاح الحقيقي».
ولأن العقل السليم في الجسم السليم، تنظم هيئة الشارقة للكتاب ضمن فعاليات «ركن الطهي» عدداً من الفعاليات المتعلقة بالطبخ، كاشفة عن علاقات ثقافية عميقة بين الشعوب تصنعها الأطعمة، وقد ظهر ذلك في وصفات الطاهي البريطاني المغربي الأصل عمر مزيان الصحية التي يمكن إعدادها بطرق بسيطة لزوار «الشارقة الدولي للكتاب»، مؤكداً أثناء تحضيره لطبق «البط المشوي» أن الوجبات البسيطة والمغذية يمكن أن تكون مذهلة ولذيذة، لافتاً إلى أن الطعام الذي نتناوله يلعب دوراً أساسياً في كيفية أدائنا لأعمالنا واسترداد عافيتنا.
وكان للأطفال أيضاً نصيب من فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث تعلموا خلال جلسة تفاعلية فن الطلاء بلب الورق وأبدعوا لوحات فنية جميلة، تحت إشراف الفنان اليوناني يانيس بابادوبولوس. كما تعلموا كيف يرسمون على الحجر في ورشة فنية إبداعية، وأبدعوا في تقديم رسومات للحيوانات والأزهار والأشجار فيما رسم البعض الآخر وجوهاً ضاحكة، وأبطالاً خارقين.