دينا محمود (لندن)
قبل أقل من ستة أسابيع على إجراء الانتخابات العامة المقررة في بريطانيا في 12 ديسمبر المقبل، حذرت وسائل إعلام غربية من أن فوز أيٍ من الحزبين الرئيسيين في البلاد، المحافظين أو العمال قد يؤدي إلى «تغييرات مُزلزلة» على الساحة الداخلية، على رأسها إمكانية تفكك المملكة المتحدة، وتشجيع العديد من أقاليمها على الانفصال عنها، وليس اسكتلندا فحسب.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن بريطانيا ربما تمر في الوقت الراهن بإحدى «أكثر ساعاتها تعاسة»، في ظل ترقب ما قد تفضي إليه الانتخابات المبكرة، من إتمام عملية خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يقود إلى «ألا تبقى المملكة المتحدة على وضعها الراهن عقداً آخر من الزمان».
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة تتمثل في أن قائديْ كلا الحزبين المتنافسيْـن، ليسا جديريْن بـ«الوصول إلى 10 داونينج ستريت» مقر رئاسة الوزراء في قلب لندن، مُحذرة بشكل خاص من إمكانية فوز المحافظين، وما قد يترتب عليه «من جر بريطانيا المنهكة خارج التكتل الأوروبي».
وقالت «نيويورك تايمز» في هذا الصدد، إن جونسون الذي يتصدر استطلاعات الرأي حالياً في بريطانيا، يمضي «باستهتار على درب سيدمر وطنه اقتصادياً ويخاطر بتشظيه.. في ظل دراسات تفيد بأن المملكة المتحدة أصبحت بالفعل أكثر فقراً بنسبة 3% جراء التخطيط للبريكست، وأن خروجها من الاتحاد سيؤدي إلى حدوث تراجع اقتصادي بنسبة 6% على المدى المتوسط و3.5% على المدى البعيد».
وعلى الصعيد السياسي، أشارت الصحيفة إلى أن خطة جونسون للخروج التي قد توضع على الأرجح موضع التطبيق حال فوزه بالانتخابات، لا تهدد فقط بإذكاء الروح الاستقلالية من جديد في نفوس الاسكتلنديين، بل ستجعل «إقليم إيرلندا الشمالية أيضاً أكثر اندماجاً مع جمهورية إيرلندا، منه مع باقي أرجاء بريطانيا».
وفي الوقت نفسه، تشير استطلاعات الرأي في ويلز، بحسب «نيويورك تايمز»، إلى أن 41% من سكان هذا الإقليم، صاروا يؤيدون الانفصال عن المملكة المتحدة، إذا كان ذلك سيكفل لهم البقاء في الاتحاد الأوروبي.
أما فوز حزب العمال في الانتخابات، فيثير مخاوف من نوع مختلف، وفقاً لصحيفة «الجارديان» التي قالت إن «أثرياء بريطانيا ومليارديراتها سيغادرون أراضيها على الفور تقريباً» حال حدوث ذلك، خشية تطبيق الزعيم العمالي جيريمي كوربين ضرائب جديدة على أنشطتهم المالية والاقتصادية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كبار المستثمرين ورجال الأعمال في المملكة المتحدة يرون أن «شبح الضرائب الجديدة التي قد تُفرض عليهم، يمثل تهديداً أكثر خطورة من البريكست؛ لأنه قد يؤدي لخسارتهم مليارات من الجنيهات الإسترلينية»، إذا مضى كوربين قدماً على طريق تطبيق خططه، التي قد تشمل كذلك «فرض ضوابط على رؤوس الأموال، واتخاذ إجراءات صارمة حيال المدارس الخاصة».
ونقلت الجارديان عن عدد من المحامين والمحاسبين العاملين لحساب عدد من أكثر العائلات ثراء في المملكة المتحدة قولهم، إن «طوفاناً من الاتصالات انهمر عليهم من عملائهم من أصحاب الملايين والمليارات في الآونة الأخيرة، لطلب النصح والمشورة حول كيفية إخراج أموالهم من بريطانيا»، حال أصبح زعيم المعارضة العمالية رئيساً لحكومتها بعد الانتخابات المرتقبة.
وقالت الصحيفة، إن الاتصالات تمحورت حول سبل «فتح حسابات مصرفية في ما وراء البحار ونقل الأموال إلى هناك، ومنح هبات ومنح مبكرة للأطفال والأحفاد، لتجنب الوقوع تحت طائلة تهديد زعيم حزب العمال بفرض ضرائب على أي إرث تزيد قيمته على 125 ألف جنيه إسترليني»، أي ما يزيد على 160 ألف دولار أميركي.
وأكد أحد المحامين الذين تحدثوا لـ«الجارديان» أن «العديد من عملائه وضعوا خططاً لنقل ثرواتهم خارج بريطانيا خلال دقائق، إذا فاز كوربين وحزبه.. وأن الترتيبات الخاصة بتحويل الأموال قد أُعِدّت ولم يعد متبقياً، في الكثير من الحالات، سوى التوقيع على العقود الخاصة بذلك».