8 يوليو 2011 21:08
احتدمت المنافسة بين “إيرباص” و”بوينج” خلال الأشهر الأخيرة حول سوق الطائرات التجارية، والتي تهيمن عليه حتى الآن طائرات إيرباص “A320” وفئة طائرات “بوينج 737” من بوينج. وأظهرت بيانات الربع الأول من العام الحالي أن “إيرباص” سجلت 777 طلبية منذ بداية العام مع تسجيل 137 طلب إلغاء للفترة نفسها. وتملك “إيرباص” دفتر طلبيات قياسياً من 3934 طائرة للتسليم، وهو أعلى رقم سجلته على الإطلاق. وفي النصف الأول من العام، بقيت شركة “بوينج” الأميركية متأخرة جداً وراء “إيرباص” مع إجمالي 210 طلبيات بيع فقط، و151 طلبية صافية، بحسب حصيلتها في 28 يونيو.
وقررت “ايرباص” في ديسمبر الماضي تقديم نسخة مطورة من “A320” بمحركات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود مما قلل من حيلة “بوينج” في السوق العالمية للرد على مثل هذه الضربة. وجذب هذا المحرك بمواصفاته الجديدة عددا كبيرا من شركات الطيران التي أبدت رغبتها في الحصول عليه. ولم توفر شركة “رولز رويس” أكبر شركة لصناعة محركات الطائرات التجارية في العالم، محرك لطائرة “إيرباص” الجديدة تاركة الخيار لشركات الطيران للشراء من “برات آند ويتني” الأميركية أو “سي أف أم إنترناشونال” المشتركة بين “جنرال إليكتريك” و”سافران” الفرنسية.
وأشارت “رولز رويس” إلى أنها تلتزم بالمحرك الجديد والذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات للطائرات الجديدة كلياً فقط. وبوصفها من الموردين الرئيسيين لعدد من برامج “بوينج”، تنحاز الشركة بوضوح إلى مجموعة الطيران الأميركية. وقالت الشركة البريطانية “نملك المقدرة التي تؤهلنا من تقديم التقنية المناسبة لأي طائرة جديدة تقرر “بوينج” إنتاجها”.
ويأمل مديرو “رولزرويس” أن تدخل “بوينج” مجال صناعة الطائرات الجديدة حتى لا تجد وضعها الحالي في سوق طائرات المسافات القصيرة يتضاءل في غضون العقدين المقبلين. وتوصلت الشركة حتى الآن لبناء وضع قوي نسبي في هذه السوق من خلال تكوين مجموعة من الشركات تحت اسم “محركات الطيران العالمية” التي تحمل فيها بجانب شركة “بي آند دبليو” معظم الأسهم. وتملك المجموعة 42% من محركات طائرات “إيرباص” “A320” العاملة حالياً.
وتعود ملكية بقية المحركات لشركة “سي أف أم” التي تهيمن على سوق محركات المسافات القصيرة بما لديها في طائرات “بوينج 737” الحالية. ويتمحور تركيز السوق على الحرب القائمة بين محرك “بي دبليو 1100G” لشركة “بي آند دبليو” الذي يستخدم ناقلات سرعة لتحسين أدائه، وبين “ليب أكس” لشركة “سي أف أم” القائم على التقنية الحالية لاستخدامه في طائرات “A320” الجديدة. وبينما أمنت “بي آند دبليو” مئات الطلبيات من عملاء “A320” الجديدة في النصف الأول من العام الحالي، لم تتلق “سي أف أم” غير طلب واحد من شركة “فيرجن أميركا” للطيران الاقتصادي.
وما يجذب شركات الطيران، الخفض المزمع بنسبة 15% في استهلاك الوقود مقارنة مع موديلات الطائرات الحالية خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط بنحو 40% في العام الجاري. ويشكل الوقود أكثر من ثلث التكلفة التشغيلية لخطوط الطيران التي تتوقع استقرار أسعار النفط عند أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد على المدى البعيد. لكن لايرتبط قرار “ايرباص” بارتفاع أسعار الوقود فقط. وواجهت هيمنة “أيرباص” وبيونج” على الطائرات الكبيرة منذ أواخر تسعينات القرن الماضي عدد من التحديات، حيث تستهدف الشركات الجديدة في القطاع والقديمة منها سوق طائرات المسافات القصيرة المربحة التي تتراوح سعة طائراتها بين 100 إلى 200 راكب.
وتظفر الطائرات من فئة “بوينج 737” وايرباص “A320” بالجزء الأكبر من السوق في قطاع الطيران حيث تشكل ما يقارب نصف الطائرات التجارية العاملة اليوم.
وبغض النظر عن حالة الكساد الاقتصادي التي تسود العالم الغربي الآن، من المتوقع أن يحقق قطاع الطيران نمواً يتجاوز 4% سنوياً خلال العشرين سنة المقبلة معظمه في دول آسيا والمحيط الهادئ. وينعكس ذلك في طلبيات الطائرات الجديدة التي تقارب 25,000 من فئة 100 إلى 200 راكب أي ما يساوي 70% من تسليم الطائرات خلال العقدين المقبلين. ويمثل ذلك من ناحية القيمة نصف قيمة الطائرات التجارية الكبيرة التي تتوقع شركتا الطيران الكبيرتان تسليمها بحلول العام 2030.
وفي حقيقة الأمر، شهدت طائرات “737” و”A320” إقبالاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية ليصل عدد المطلوب منهما نحو 4,300 طائرة مقارنة مع 1,200 في 2002. ويتضح عامل الطائرات الصغيرة جلياً لبعض شركات صناعات الطائرات الأخرى مثل “بومبارديار” الكندية و”كوماك” الصينية اللتان تعملان بهدف تحد الشركات المنصرفة إلى صناعة الطائرات التي تتميز بكفاءة استهلاك الوقود والأسعار.
وتوقع الكثيرون أن تستجيب كل من “أيرباص” و”بوينج” بصناعة طائرات جديدة كلياً، حيث تدرك الشركتان مدى خطورة البرامج المرتبطة بصناعة الطائرات الجديدة بعد المشاكل التي واجهتها كل منهما في برامج “A380” و”787 دريم لاينر” على التوالي. وحتى قبل ارتفاع التكاليف، بلغت تكاليف أحد برامج الطائرات الجديدة نحو 10 مليارات دولار بالإضافة إلى استهلاكه لموارد هندسية ضخمة. وذكرت “أيرباص” التي يعكف مهندسوها على صناعة فئة “A350” الكبيرة بتكلفة تبلغ نحو 10 مليار يورو (14 مليار دولار)، أن تكلفة التحديث فقط لطائرة “A320” تصل إلى مليار يورو.
وتستمر “بوينج” في توخي الحذر، على الرغم من مناشدة أكبر شركتين لتشغيل طائرات” 737” وهما “ساوث ويست” الأميركية و”ريان أير” الأيرلندية بتغيير استراتيجيتها، الشئ غير المتوقع قبل نهاية العام الجاري كأقرب وقت. وفي حين أعلنت الشركة الأميركية أن من المرجح قيامها بتصميم طائرة جديدة كلياً بدلاً عن تغيير محرك “737”، أكدت مؤخراً أن إعادة تشغيل الطائرة الأكثر شهرة يظل من الاحتمالات القوية.
ويؤكد جيم ألباوج على ورود كلا الاحتمالين مع أنه ألمح بقوة على تفضيل خيار الطائرة الجديدة. ويقول “نملك التقنية التي تمكننا من صناعة طائرة جديدة والتي تتميز بكفاءة للوقود تفوق ايرباص “A320” بنحو 20% والتي من المتوقع أن تدخل الخدمة بنهاية العقد الحالي. ويتفق جريج هيز المدير المالي لشركة “يونايتد تكنولولجيز” المالكة لشركة صناعة محركات الطائرات “برات آند ويتني” مع رأي جيم حيث يقول “من المنتظر أن ترغم ضغوطات العملاء شركة “بوينج” على القيام بشئ ما الآن بدلاً عن في وقت لاحق والذي سيكون طائرة جديدة”.
ومع كل الضجة التي أثارتها شركات صناعة الطائرات في معرض باريس، من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة زيادة الضغط على “بوينج” لتتخذ القرار المناسب. وفي حالة خيار صناعة طائرة جديدة كلياً، لا يستوجب عليها نيل رضا عملائها الباحثين عن آخر التقنيات فحسب، بل عليها التأكد من تفادي الوقوع في المشاكل التي أدت لفشل البرامج السابقة مثل “دريم لاينر 787”.
نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
ترجمة: حسونة الطيب