7 يوليو 2011 21:26
خالد بن الوليد أو “سيف الله المسلول” كما أطلق عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، وكان له أعظم الفضل في الفتوحات الإسلامية وانتشار الإسلام شرقاً وغرباً.
وقد بلغ بن الوليد شأواً عظيماً في مجال التكتيك العسكري ووضع الخطط، التي أوقعت بخصومه خلال معاركه الكثيرة، واستخدم بن الوليد من اساليب القتال وتكتيكات فن الحرب الكثير، ونفذ استراتيجيات وخططاً عسكرية فريدة تحظى حتى الآن في الكليات والمعاهد العسكرية في مختلف أنحاء العالم.
وكان لابن الوليد رضي الله عنه دور جليل في تدمير امبراطوريات كبرى كانت تسيطر على العالم في الفترة التي شهدت ظهور الإسلام، ومنها إمبراطورية فارس الكبرى الذي دمر جيوشها، وخاض بجيشه من خيرة الصحابة، وعددهم ما يقرب من 18 ألف مقاتل معارك طاحنة مع جيوش الفرس نذكر منها، معركة كاظمة، والابلة والمزار، واليس، والولجة، والأنبار، وعين التمر.
أما معركة اليرموك التي عدّها بعض المؤرخون من أهم المعارك في تاريخ العالم، لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم الإسلام السريع في بلاد الشام، حيث تولَّى خالد بن الوليد القيادة العامة للجيش بعد أن تنازل أبوعبيدة بن الجراح، وكانت قوات جيش المسلمين تعدّ 36 ألف مقاتل في حين كانت جيوش الروم تبلغ 250 ألف مقاتل، وحقق نصراً مظفراً بفضل عبقريته العسكرية، وقدرته على استخدام عناصر جيشه بشكل أذهل قادة الجيوش الرومية، فكانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثراً في حركة الفتح الإسلامي، فقد لقي جيش الروم- أقوى جيوش العالم يومئذ- هزيمة قاسية، وفقد زهرة جنده، وقد أدرك هرقل حجم الكارثة التي حلت به وبدولته، فغادر المنطقة نهائياً وقلبه ينفطر حزناً، وهو يقول: “السلام عليك يا سوريا، سلاماً لا لقاء بعده، ونعم البلد أنت للعدو، وليس للصديق، ولا يدخلك رومي بعد الآن إلا خائفاً”.
وقد ترتب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون في بلاد الشام، واستكملوا فتح مدنه جميعاً، ثم واصلوا مسيرة الفتح؛ فضموا مصر والشمال الإفريقي.
وعلى الرغم من نشأة خالد بن الوليد في بيئة مترفة، حيث كان والده الوليد بن المغيرة أغنى أبناء زمانه، إلا أن صروف الزمن وأحداثه أثبتت صلابة وشدة شخصية خالد رضى الله عنه، وهو ما أفاد الأمة الإسلامية في لحظات كثيرة حرجة، ومنها الفترة التي شهد معارك الردة، بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وانطلق خالد في حروب الردة من نصر إلى نصر، ومن عزة إلى عزة ومن كرامة إلى كرامة حتى اشتعلت نار المعركة الرهيبة ألا وهى معركة اليمامة.
استطاع الداعي الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبي جهل، وهو أحد القواد على الجيوش الإسلامية هزيمة نكراء فأصدر الأوامر خليفة رسول الله لخالد بن الوليد أن يتجه مسرعاً لقتال مسيلمة، وهنالك جمع بن الوليد الجيوش، وتولى القيادة العامة والتقى مع مسيلمة فى معركة فاصلة حاسمة إنها معركة اليمامة، ودار قتال رهيب رهيب وبالفعل تساقط كثير من قراء القرآن الكريم من أصحاب النبى وتتابع سقوط الشهداء، واعتلى العبقرى أيضاً بجواده ربوة عالية، ثم عاد إلى أرض المعركة مسرعاً فنظم الصفوف وأعاد الترتيب ثم نادى بأعلى صوته فى الجيش: امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. يريد أن يكشفهم أمام أنفسهم وأمام إخوانهم ليبلى كل قائد وكل جندي بأقصى ما يملكه لدين الله.
وبالفعل سرعان ما تساقط جند مسيلمة بالمئات فمن لحظات تساقط المسلمون بالعشرات، بل بالمئات كزهور حديقة غناء طوحت بها عاصفة عنيدة شديدة وبعد لحظات بفضل الله، ثم بفضل خالد يتساقط جند مسيلمة بالمئات، وحسمت المعركة بفضل الله لخالد، وللمسلمين.
وفي يوم وفاته لم يوجد في بيته غير فرسه، وغلامه ويدعى حمام، وكان في آخر يوم من أيام حياته مستلقياً في فراشه، وبجانبه حمام الوفي، وهكذا انتهـت حياة خالد بن الوليد سيف الله رحمه الله وأدخـله فسـيح جنانه، ووصل نبأ وفاته إلى المدينة كالعاصـفة، وخـرجـت الـنساء إلى الشوارع، وعلى رأسهن نساء بني مخزوم وهنيبكين وسمع عـمر بالنبأ الحزين، كما سمع أصوات البكاء والنحيب فغضب لذلك.
المصدر: أبوظبي