عدد اليوم
خولة علي (دبي)
حسين علي الخالدي «بوعلي»، رجل في السبعين من عمره، يبيع القهوة منذ أربعين سنة في سوق نايف بدبي، ما جعل منه رجلاً ذائع الصيت، يقصده كل من يقبل على المكان، فشهرته تجاوزت حدود البلد، فأصبح السياح وزوار دبي، يقصدون قهوة بوعلي لطعمها المميز، لأنها محضرة على الجمر والرمل، وعلى الرغم من مشقة العمل والوقوف ساعات لإعداد القهوة والشاي، إلا أنه يجد متعته في تحضيرها، فسنوات طوال من عمره قضاها في هذا المكان، فاكتسب مهارة الصبر على حرارة هادئة، لينتج مشروباً تقليدياً، فأصبح العمل ممتعاً بالنسبة له. ويقول بوعلي: «قضيت سنوات طوالاً منذ وصولي من سوريا في أحاديث مع مرتادي سوق نايف، من أبناء الإمارات والزوار من السياح الخليجيين والأجانب في دبي، وكان المشهد يدفعهم إلى تجربة القهوة أو الشاي، فيبدون سعادتهم وانبهارهم وهم يتعرفون إلى جانب من التراث، وكيفية إعداده وتقديمه في دلال خاصة، ترتبط بزمن الأجداد، فوجودي خلف منصة صغيرة، كان يرسم الفضول على وجوه السياح الأجانب، ويدفعهم إلى تجاذب أطراف الحديث والنقاش، حول ثقافة الموروث في المنطقة».
وما يميز عمله، تحضير القهوة والشاي على الفحم، وتوزيع الدلال النحاسية بطابعها العربي التقليدي التي تجذب السياح، الذين يخبرهم أن للشاي في بعض البلدان طقوساً خاصة وأوقات معينة، فهو حاضر في المجالس والسمر بالخليج، فلا تنتعش هذه الملتقيات بالنقاشات وتداول الأخبار وشؤون الحياة، من غير كوب شاي دافئ، يرتشف منه الحضور بغية إثراء النقاش واستمرار الجلسات، حيث يؤكد بوعلي: «المقاهي الشعبية كانت مصدر أخبار المجتمع وما يدور فيه من أحداث، وعلى الرغم من تجددها، إلا أنها تعد وجهة المتقاعدين الذين يجدون فيها متنفساً لهم بعيداً عن العزلة الاجتماعية التي فرضتها عليهم الظروف المحيطة، ومن المعروف أن هذا الأجواء لا تكتمل من غير فنجان قهوة أو استكانة شاي».
ويوجد بوعلي على منصة البيع بعد صلاة العصر مباشرة، ليلبي طلبات الزوار، ويتسامر معهم، خصوصاً السياح الذين لم ينسوا قهوته، ويجدهم حريصين على إلقاء التحية عليه، وتبادل النقاش معه من وقت إلى آخر، ومن المواقف الطريفة التي مرت عليه، وهو يقدم لأحد الزوار فنجان قهوة، فكل ما انتهى من الفنجان طلب واحداً تلو الآخر، حتى شرب 14 فنجاناً.
