هناء الحمادي (أبوظبي)
«أول راتب» فرحة لا توصف، حيث ترتسم الأحلام والآمال على الراتب مهما تكن قيمته.. الكثيرون استرجعوا ذاكرتهم وعبروا عن لحظة الترقب والفرحة العارمة، قبل وبعد وصول رسالة «تم إيداع الراتب» وكيف تطاير في لمحة البصر، رغم أن الشهر الأول من استلام العمل، تشعر الموظفة بطول أيامه، لذلك يعتبر أجمل هدية تستلمها، لكنها تحتار في كيفية التعامل مع هذا المبلغ، فهل تنفقه أو تعتبره بداية طريق التدريب المهني.
عن ذكريات أول راتب، قالت بدرية حسن: أول راتب توزع على أفراد الأسرة لمشاركتي الفرحة، بجني ثمرة جهد 30 يوماً من العمل والإنتاج وشق طريق الحياة المهنية نحو مستقبل مشرق بإذن الله، ولم أتمالك نفسي من الفرحة التي انتابتني حين تم إيداع الراتب، حيث جهزت مجموعة أظرف وضعت بها مبلغاً من الراتب تزينت بباقة ورد حمراء ووزعت كل واحد منها على أفراد العائلة، ومع استلام الظرف شاهدت فرحة الجميع براتبي، حيث باركوا لي من صغيرهم لكبيرهم، ولم أنس أيضاً أصحاب الأسر المتعففة، فهم أيضاً بحاجة إلى إدخال السعادة إلى حياتهم.
مكافأة للأهل
وتسترجع أسماء المسماري ذاكرتها حين وصلتها الرسالة الشهرية الأولى التي ينتظرها أي موظف جديد، لترتسم الابتسامة على وجهه، ثم تنتقل الفرحة إلى كافة أرجاء البيت وتقول: شعرت بفرحة أول راتب بعد عمل شهر لأنه يكلل جهود الدراسة فترة طويلة، فبعد تخرجي عملت في إحدى الجهات الحكومية، ووقتها وزعت الراتب بالكامل على من شاركوني فرحتي من الأهل والمقربين ودعوت صديقاتي إلى وليمة، فأول راتب لا يستطيع أحد أن يدخره، ويتم توزيعه خلال الأسبوع الأول، وسط شعور مختلف وحديث عن الإنجاز، الذي تحقق لتخفيف الأعباء الأسرية، ويعد بداية لتحمل الموظفة الجديدة للمسؤولية، ويظهر بعض الاستقلال المالي، والقدرة على توفير الاحتياجات.
الإيداع
ولا يختلف الوضع مع بسمة بني حماد، التي كانت فرحة جداً بأول راتب وكان مبلغاً عالياً نوعاً ما بالنسبة لها، فبعد عمل شهر كامل اتسم بالجهد والإنجاز الكبير في العمل، جاء المبلغ الذي ترك بصمة واضحة على الجميع من حولها، وترى أنه من الجميل أن يشارك الشخص من حوله فرحته براتبه، عبر شعور مختلف تجاه الراتب الأول، مسترجعة بالذاكرة: من شدة الفرحة حفظت رسالة الإيداع التي وصلتني منذ سنوات حتى هذه اللحظة، وكان لوالداي نصيب الأسد في الراتب، كما كان لأختي أيضاً نصيب منه، في الوقت نفسه لم أنس نفسي حيث كافأتها بـ «طقم من الذهب»، حيث إن الإنسان بطبيعته يحب المكافأة، خاصة إن كانت من جهده وتعبه، فالإنسان عندما يلتزم بعمل يشعر بالمسؤولية، ولهذا يأتي الراتب أجراً يشعره بقدره.
نسيت نفسي
وكانت فرحة حصة الشحي لا توصف، فقد استلمت راتب شهرين دفعة واحدة ليتضاعف المبلغ بشكل كبير، وتقول عن فرحة والديها وزوجها: بعد عناء لمدة شهرين وصل الراتب بسلام، وتم إيداعه، ومنذ اللحظات الأولى تم توزيع المبالغ ليس على أفراد أسرتي بما فيها الوالدين وزوجي فقط،، حيث شملت العطايا جميع أفراد الأسرة الكبيرة من العمات والخالات وخوالي وغيرهم، ومقابل ما قمت به، وجدت تعبيراً عن الإنجاز في عملي، وأن الراتب جاء من جهدي وتحملي المسؤولية، مضيفة: واكتفيت بفرحة الجميع، ونسيت نفسي في أول راتب، ولم يكن لذلك أي أثر علي، بل غمرتني السعادة، بسعادة المحيطين بي، وسرعان ما مرت الأيام، وبمجرد وصول رسالة الراتب الثاني، اشتريت ما تهفو له نفسي.
أما شيخة عبدالله، فلا تتذكر سوى أنها وضعت راتبها في يد والدتها، تعبيراً عن شكرها لها طوال حياتها، حيث لم تبخل عليها وساندتها طويلاً، وتقول: والدتي بعد وفاة الوالد كانت هي كل شيء بالنسبة لي، لم تقصر في تربيتي، لذا تعهدت على نفسي أن يكون أول راتب من نصيبها، لكنها أعطتني مبلغاً من الراتب ووزعت الباقي على إخواني، وتم ادخار الباقي.
تحمل المسؤولية
تذكر الاختصاصية النفسية مريم الكثيري أن راتب أول شهر له تأثير مختلف، وفرحة تنتاب الموظف وأفراد أسرته والمقربين له، فالجميع يجد أول راتب جاء من «عرق جبينه» وأنه بات يتحمل مسؤولية بيت أو أسرة، وهذه الذكرى تظل محفورة في الذهن عند كل الأشخاص، لأنها بداية الإعلان عن الاستقلال بالذات، مشيرة إلى أن الجميل في الأمر أن الراتب الأول يشهد توزيعات بين عطايا للوالدين عرفاناً ورداً للجميل، أو صدقات و مساهمات خيرية، وهناك من يشتري هديه لنفسه أو لعائلته.