أحمد السعداوي (أبوظبي)
الملابس والأزياء التراثية جزء رئيس من ثقافات الشعوب وموروثها المحلي، ومن هنا، فإن مهرجان الشيخ زايد تحول منذ يومه الأول في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي، إلى ساحة مفتوحة لعرض نماذج من أزياء عشرات الدول المشاركة في فعالياته، إلى جانب أبناء الإمارات الذين تزينوا بأزيائهم المحلية، وهي الكنادير ذات الألوان البيضاء المبهجة، فيما تعلو رؤوسهم الغترة والعقال، باعتبارهما من أهم مكونات اللباس المحلي للرجال في الإمارات، فضلاً عن العباءات النسائية بلونها الأسود المميز، فكانت هذه الملابس تجسيداً حياً للهوية الإماراتية بمعية زخم واسع من الملابس التراثية المعبرة عن حضارات وثقافات جاءت من أرجاء العالم لتشارك أهل الإمارات هذا العرس الثقافي والتراثي السنوي، الذي تستضيفه منطقة الوثبة بأبوظبي وتنتهي فعالياته اليوم، بعد أن قدَّم لجمهوره من كل الجنسيات وجبة معارفية فريدة على مائدة الضيافة الإماراتية، تزينت بألوان الأزياء الفولكلورية الممثلة لحضارات وشعوب العالم وقاراته المختلفة التي حطت على أرض الإمارات، لتشارك أهلها واحداً من أهم المهرجانات الثقافية والتراثية في المنطقة.
بيئة المجتمع
يقول الوالد والخبير التراثي، علي محمد آل علي، إن الزي المحلي يعكس ثقافتنا، وبيئة المجتمع، ويحمل جزءاً من عادات وتقاليد دولتنا الحبيبة، ومن هنا يأتي اعتزاز أبناء الإمارات بهويتهم وملابسهم التقليدية، حيث تحتل الأزياء مكانة مهمة لدى مختلف الأمم والحضارات والشعوب، ولهذا أصبحت الأزياء الشعبية من ضمن دراسات المعنيين والمختصين بالتراث للرجوع إلى تاريخ المنطقة، وطبيعة المجتمع من عادات وتقاليد وحياة بسيطة كانوا يعيشونها آنذاك. في كل منطقة تختلف الأزياء حسب طبيعة المكان، وأسلوب الحياة فيها، ولكن تبقى الثياب شاهداً على تاريخ المنطقة وتفاصيل مجتمعها على مر العصور.
وذكر آل علي، أن الملابس التقليدية والأزياء المحلية «الشعبية» أصبحت راسخة في وجدان الناس، فأصبح الثوب التقليدي يعود إلى الحشمة والاحترام والفخر بالذات، وانتمائه للمكان والبيئة والمحيط من حولهم، حتى أصبح رمزاً ملهماً ومهماً من الرموز الوطنية التي يعتز بها الفرد.
وبالنسبة للثوب الإماراتي، فهو متوارث من امتداد تاريخ المنطقة العربية، ولا يزال الرجال والنساء الإماراتيون متشبثين بتاريخهم وأمجادهم من خلال الثوب الشعبي، أو الزي المحلي لما يحمل من فخر واعتزاز وقيمة للمكان وثيمة عظيمة للإرث المستلهم من طبيعة التاريخ، وإيماناً من أن المستقبل هو الماضي ومن ليس لديه ماضٍ لا يمكن بناء حاضره ومستقبله.
مراحل تاريخية
وعن ملابس أوزبكستان تقول كلميرة مرحيموف، أحد مسؤولي الجناح الأوزبكي في مهرجان الشيخ زايد، إن الملابس الشعبية الأوزبكية، تعكس مراحل مهمة في تاريخنا، كون هذه الملابس يرجع تصميمها ومظهرها إلى مئات السنين، ونحرص على ارتدائها في مناسباتنا الاجتماعية، وكذلك حين نقدم أنواعاً من الفولكلور المحلي لأوزبكستان وتتميز دائماً بأنها مشرقة ويدخل فيها ألوان مبهجة، وهو ما كان واضحاً في ملابس فرقة الفنون الشعبية الأوزبكية التي شاركت لأول مرة ضمن فعاليات مهرجان الشيخ زايد، حيث تميزت الملابس الأوزبكية بأنها موحدة، أي قطعة واحدة تغطي الجسد حتى الكعب وهذه القطعة مزينة بشرائط مزخرفة بنقوش محفورة، بينما ملابس غطاء الرأس ترتبط بقطعة قماشية من الحرير، تنسدل على الكتفين، ما يعطي المرأة الأوزبكية أناقة مميزة، وفي الوقت ذاته التعبير عن هويتها المحلية.
وأوردت أن هناك اختلافات بسيطة لأنواع الألبسة من منطقة إلى أخرى، وترتبط في كثير من الأحوال بالحالة المادية والاجتماعية لمن يرتديها.
هذا فيما يخص الملابس النسائية، أما أزياء الرجال فتميل أكثر للبساطة، كون غالبية مناطق أوزبكستان يرتدي رجالها القمصان ذات الأكمام الطويلة، والسراويل الواسعة من أعلى والضيقة من أسفل، حتى تدخل في الأحذية المصنوعة من الجلد المستخرج من الحيوانات المنتشرة في البيئة المحلية لأوزبكستان التي تنتشر فيها المراعي والمساحات الخضراء بشكل كبير. ويرتدي الرجال في فصل الشتاء زياً موحداً يغطي الركبة، يشبه المعطف ويصنع من القطن والصوف.
الخنجر اليمني
من جهته، أوضح عماد علي، المسؤول عن ركن لبيع الخناجر في الجناح اليمني، أن الاعتزاز بالزي اليمني التقليدي يعتبر من ضروريات المشاركة في أي مهرجانات أو فعاليات تعنى بالتراث والثقافة مثل مهرجان الشيخ زايد، وهو ما يحرص عليه الكثير من أبناء اليمن خلال تواجدهم يومياً في مهرجان الشيخ زايد، ومن أشهر أنواع الزي اليمني، الزي المكون من الغترة والجنبية والثوب المصنوع من القطن، مبيناً أن أبناء اليمن يرتدون هذه الملابس غالباً في المناسبات الرسمية وحين يشاركون في المهرجانات الخارجية، سياحية كانت أو تراثية أو ثقافية، باعتبارها أحد المكونات الثقافية للمجتمع اليمني الذي تتنوع أشكال أزيائه التقليدية بحسب المناطق المختلفة في اليمن، ومنها على سبيل المثال، الفوطة والقمصان والأثواب التي تختلف في بعض تفاصيلها عن بعضها البعض، غير أنها جميعاً تنتمي إلى الثقافة اليمنية التي تعود إلى مئات السنين.
الصدرية والقميص
وفيما يتعلق بالزي الشعبي لأبناء البوسنة والهرسك، يقول علي لافيتش، إنه يشعر بالفخر وهو مرتدٍ هذا الزي ويقدم لجمهور المهرجان بعضاً من المنتوجات التقليدية البوسنية، لافتاً إلى أن الزي الشعبي البوسني يتكون من عدة قطع وهي الصدرية، السروال، القميص، الطربوش. مبيناً أن هذه الملابس مريحة بشكل كبير، قياساً إلى الملابس العصرية الضيقة، غير أنه وأبناء البوسنة لا يرتدونها سوى في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات المختلفة، وكذلك يحرص أعضاء فرق الفنون الشعبية البوسنية على ارتدائها باستمرار خلال تقديم استعراضاتهم في المهرجان، إضافة إلى أن الكثير من أبناء البوسنة العاملين في مجالات التراث والثقافة، والذين يشاركون في فعاليات معنية بهذين المجالين مثل مهرجان الشيخ زايد، يحرصون على ارتداء الملابس التقليدية، بوصفها إحدى وسائل التعبير عن الهوية، التي تعد أحد أهداف مشاركتنا في المهرجان، لنبرز بعض ملامح من مجتمع البوسنة والهرسك عبر العصور، وصولاً إلى الوقت الحالي.