30 يونيو 2012
موسكو (وكالات) - أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونيسكو” أمس كنيسة المهد في بيت لحم في الأراضي الفلسطينية على لائحة التراث العالمي في إجراء عاجل أثار احتجاجاً حاداً من إسرائيل، وذلك أثناء اجتماع في سان بطرسبورج بشمال غرب روسيا. وأدرج “مكان ولادة السيد المسيح” الذي يضم أيضاً مسار الحج بغالبية 13 صوتاً من أصل 21، مقابل ستة أصوات معارضة وامتناع اثنين عن التصويت أثناء جلسة تصويت سري لأعضاء لجنة التراث التي تضم خصوصاً هذه السنة فرنسا وروسيا وألمانيا واليابان.
وتم الترحيب عبر التصفيق الحاد بإعلان إدراج الموقع ضمن التراث العالمي، بعد أن كان غير مؤكد بسبب اعتراضات إسرائيل وما ينطوي عليه من رهان سياسي وآراء مخالفة لخبراء حول ملف الصيانة الفلسطينية.
وفي رام الله، أسرعت الرئاسة الفلسطينية إلى التعبير عن سعادتها. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس محمود عباس “هذا اعتراف من العالم بحقوق الشعب الفلسطيني هو انتصار لقضيتنا وعدالتها”.
من جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات “هذا يوم تاريخي، وهذا قرار تاريخي انتصر فيه العالم لصالح الشعب الفلسطيني، وهو قرار تاريخي بإعادة الحق المفقود للسيد المسيح عليه السلام”. وهو أول موقع فلسطيني يدرج ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو. واعتبر الموفد الفلسطيني في سان بطرسبورج الذي أعطي له الكلام مباشرة بعد التصويت، أن القرار يمنح الفلسطينيين “حقهم الثقافي في تقرير المصير”. وقال الموفد الذي لم يذكر اسمه “إن هذه المواقع مهددة بالدمار الكامل بسبب الاحتلال الإسرائيلي وبناء جدار الفصل، وبسبب العقوبات الإسرائيلية والتدابير المتخذة لطمس الهوية الفلسطينية”.
وأضاف “ذلك يثبت أن المجتمع الدولي بأكمله ينوي حماية فلسطين، وضمان قيام الدولة الفلسطينية بحدود 1967 مع عاصمتها القدس الشرقية”.
ورد نظيره الإسرائيلي بحدة على قرار لجنة التراث. وقال “إن القرار الذي اتخذ للتو سياسي بحت ويشكل من وجهة نظرنا انتهاكاً خطيراً لاتفاقية التراث العالمي ولصورتها”.
كما أعرب السفير الأميركي لدى اليونيسكو ديفيد كيليون عن “خيبة أمل كبيرة” بعد إعلان إدراج كنيسة المهد على لائحة التراث العالمي. وقال السفير الأميركي في بيان “إن هذا الموقع مقدس بالنسبة إلى كل المسيحيين، وعلى منظمة اليونيسكو ألا تكون مسيَّسة”، مشيراً إلى أن الإجراء الذي اتخذ صفة العاجل في التعاطي مع ملف كنيسة المهد، لا يستخدم عادة إلا للمواقع المهددة بالتدمير الوشيك.
وقال السفير الأميركي أيضاً أنه منذ أربعين سنة “لم يستخدم الإجراء العاجل سوى أربع مرات، وفقط في حالات قصوى، ودائماً بناء على توصيات من الهيئات المعنية”. وأضاف السفير الأميركي في بيانه أن على منظمة اليونيسكو “ألا تكون مسيسة”، مشيراً إلى أن الإجراء الخاص بكنيسة المهد جاء متعارضاً مع توصية رسمية من المجلس الدولي حول المواقع.
وقد تقدم الفلسطينيون في إجراء “عاجل” بطلب إدراج الموقع بعد حصولهم على عضوية منظمة اليونيسكو في أكتوبر 2011 إثر تصويت أثار غضب الإسرائيليين والأميركيين. وطلبوا إدراجها “بصفة عاجلة” بسبب “التلف والتخريب الذي لحق بمجمل البنية المعمارية لكنيسة المهد”.
وكانت إسرائيل أكدت أن “لا اعتراض” لديها لإدراج الموقع في التراث العالمي لكنها احتجت على استخدام الإجراء العاجل معتبرة أنه “طريقة للتلميح إلى أن إسرائيل لا تحمي الموقع”. وكان ترشيح بيت لحم شهد انتكاسة مع الرأي المخالف لبعض خبراء المجلس الدولي للنصب والمواقع الذين أوصوا فلسطين بإعادة النظر في ملفها، معربين عن أسفهم لغياب الدراسة “بشأن ملاءمة حدود ومقتضيات حماية وإدارة” الموقع. كذلك عبرت الكنائس القيمة على الأماكن المقدسة -الأرثوذكسية اليونانية واللاتينية والأرمنية- عن تحفظات وتخوف من استغلال الموقع. وبيت لحم التي ولد فيها السيد المسيح تعتبر من أبرز أماكن الحج لدى المسيحيين لوجود كنيسة المهد فيها، كما أنها أول موقع سياحي في الأراضي الفلسطينية.
أما رئيس أساقفة سبسطية في القدس المطران عطا الله حنا فقال “نحن نهنئ الشعب الفلسطيني على هذا الإنجاز، فكنيسة المهد كان من المفروض أن تكون مدرجة منذ زمن طويل على هذه اللائحة”. وتابع المطران “إننا نعتبر ما جرى حدثاً تاريخياً ومهماً، فنحن نتحدث عن أهم معلم مسيحي موجود في العالم، وهذا الإنجاز سيساهم في تشجيع السياحة والحجيج إلى الأراضي المقدسة”.
ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيجال بالمور “إن ما شهدناه في اليونيسكو هو دراما عبثية داخل اليونيسكو، والإجراءات التي قام بها الفلسطينيون كانت إجراءات سياسية بحتة داخل هذه المؤسسة”.
وفي بيت لحم، قال مستشار الرئيس محمود عباس، ورئيس اللجنة الرئاسية لترميم كنيسة المهد زياد البندك إن هذا القرار ثمرة إصرار الشعب الفلسطيني على الحفاظ على تراثه، وتسجيل بيت لحم القديمة كأول مدينة في فلسطين مكسب مهم وتاريخي”.
وتابع “رغم كل محاولات إسرائيل وحلفائها عرقلة وثني فلسطين وأوروبا عن إدراج الكنيسة والطريق إلا أنه في النهاية نتحدث عن حق وعن تراث وعن تاريخ”.