4 يوليو 2011 22:44
خلال نصف القرن الأخير من عمر بطولة كوبا أميركا التي تعد أعرق بطولة قارية في العالم، دانت السيطرة على اللقب للقوى الكبرى “الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي”، وسط حضور خجول لمنتخبات أخرى مثل كولومبيا وبيرو والباراجواي، وخلال الفترة الأخيرة أصبحت الترشيحات تصب في مصلحة السامبا والتانجو وسط تجاهل يكاد يكون تاماً لبقية المنتخبات، ولكن انتفاضة منتخب أوروجواي في مونديال جنوب أفريقيا 2010 تمنح هذا المنتخب “الخطير” الحق في حلم مزاحمة البرازيل والأرجنتين على لقب كوبا أميركا في نسختها الحالية.
وهناك 5 أسباب تمنح الأوروجواي صك شرعية الحلم في معانقة المجد والتتويج باللقب، ويأت في مقدمة هذه الأسباب امتلاك خط هجومي هو الأخطر والأكثر فعالية “نظرياً على الأقل” مقارنة مع بقية المنتخبات، كما يقود المنتخب الأورجوياني مدير فني مخضرم، وهو أوسكار تاباريز الذي يمتلك ميزة كبيرة وهي استقراره على رأس الجهاز الفني منذ 5 سنوات، وهناك دوافع نفسية لها ثقلها في معادلة المنافسة على اللقب القاري، على رأسها تمتع رفاق سواريز وكافاني
وفورلان بعقلية “مخالب تشاروا” ومن هنا تبدأ قصة المنتخب الأورجوياني، وأسبابه الخمسة.
عقلية “مخالب تشاروا”
قبل عدة قرون استوطنت أوروجواي قبيلة هندية تدعى تشاروا، واشتهرت بالشراسة وعدم الاستسلام للهزيمة تحت أي ظرف من الظروف، ومن المفارقات الطريفة أن منتخب أوروجواي انتزع لقب “تشاروا” عطفاً على طريقته التي لا تعرف سوى البحث عن الفوز تحت أي ظرف، وأمام أي منافس، وقد تجلت تلك الروح في إمساك سواريز الكرة بيده خلال مواجهة منتخب بلاده مع غانا في دور الثمانية بالمونديال الماضي، ليحتسب الحكم ركلة جزاء فشل المنتخب الإفريقي في تسجيلها لتتمكن أوروجواي من استكمال مشوار البطولة، وعلى الرغم من وصف البعض لما فعله سواريز بأنه عمل غير أخلاقي، إلا أن البعض الآخر اعترف أنه فعل ذلك لأنه يملك عقلية “مخالب تشاروا” وهي عقلية الشخص الذي لا يعرف الهزيمة، وفي حال تمسك عناصر الأوروجواي بهذه الروح في كوبا أميركا فلن يكون من السهولة بمكان زحزحتهم عن حلم معانقة اللقب.
كافاني وسواريز وفورلان
لا شك أن السلاح الفتاك الذي تملكه أوروجواي يتمثل في الخط الهجومي القوي، وسواء قرر تاباريز الدفع بعنصرين أو 3 عناصر هجومية فإن الفارق ليس كبيراً، حيث تخشى جميع منتخبات العالم هجوم أوروجواي، وهو الأكثر فعالية وقوة وانسجاماً، وقد تجلت تلك الحقيقة في مونديال جنوب إفريقيا، حينما نجح المنتخب الأورجوياني في دخول المربع الذهبي، وهو الإنجاز الذي استعصى على كبيري أميركا اللاتينية البرازيل والأرجنتين، ويقود الخط الأمامي للأوروجواي كافاني صاحب الـ 26 هدفاً في الدوري الإيطالي، وإلى جواره المتألق لويس سواريز الذي لا يهدأ طوال الـ 90 دقيقة، وقد أثبت سواريز فعاليته مع أياكس، وانتقل إلى ليفربول الشتاء الماضي ليواصل رحلة التوهج، كما يحاول فورلان استعادة بريقه الذي خفت مع أتليتكو مدريد خلال الموسم المنتهي، خاصة أنه حصل على لقب أفضل لاعب في مونديال جنوب أفريقيا، حيث نجح في تسجيل 5 أهداف وتقديم أفضل أداء في مسيرته الكروية.
خبرة وموهبة الدفاع
يستحوذ عناصر هجوم الأوروجواي على النجومية والشهرة على الرغم من تميز الأسماء التي تقود الدفاع بموهبة لافتة، وعلى الرغم من أن كلمة “موهبة” لا تأت في سياق واحد مع كلمة “دفاع” في أغلب الأحيان، إلا أن نجوم الخط الخلفي لأوروجواي يشكلون استثناءً من تلك القاعدة، وعلى رأس هذه العناصر الموهوبة القائد دييجو لوجانو 30 عاماً، لاعب فنربخشة التركي صاحب الـ 57 مباراة دولية، وهو يملك عقلية القائد بالإضافة إلى قدراته الدفاعية، وإلى جواره مارتن كاسيراس لاعب إشبيلية الإسباني، وفيكتورينو مدافع كروزيرو البرازيلي، ودييجو جودين لاعب أتليتكو مدريد، حيث تشكل هذه الأسماء مزيجاً من الخبرة والشباب، ويتميزون بالقوة التي لا يغيب عنها الأداء العقلاني البعيد عن العنف، كما يمكنهم البناء من الخلف، ومساندة الغزوات الهجومية للمنتخب الأورجوياني.
عبقرية المايسترو العجوز تاباريز
يملك أوسكار تاباريز خبرة تدريبية تتجاوز الـ 30 عاماً، قضاها في ملاعب أوروجواي، والأرجنتين، وإيطاليا، وما يميز العبقري العجوز أنه صنع أكثر من جيل لكرة الأوروجواي من خلال تدريب منتخبات الشباب أكثر من مرة على مدار الربع قرن الأخير، ويلعب تاباريز 64 عاماً، دور الملهم في مسيرة المنتخب، كما يملك ميزة كبيرة ترجح كفته مقارنة مع نظيريه في البرازيل والأرجنتين، وهي استقراره على مقعد الإدارة الفنية للأوروجواي منذ عام 2006، والأهم أنه مدرب بارع في الجانبين الخططي والنفسي، وقد تجلى ذلك بوضوح في مونديال جنوب أفريقيا حينما قال: “يمكننا أن نخطف الأضواء من الجميع في الحفل الذي لم يدعونا أحد إليه”، في إشارة إلى إمكانية تألق منتخب بلاده في المونديال على الرغم من أن الترشيحات لم تصب يوماً في مصلحته، وهو ما حدث. ويسعى تاباريز إلى استغلال التوهج المونديالي من أجل إعادة سيناريو التألق في العرس اللاتيني.
التدفق الجماهيري عبر الحدود
تقع أوروجواي على الحدود المتاخمة للأرجنتين، ليس هذا فحسب بل إنها تقع في الجانب الأقرب إلى المدن التي تحتضن غالبية مباريات كوبا أميركا، وهو الأمر الذي يسمح بتدفق جماهيري كبير عبر الحدود، حيث يسعى الآلاف إلى الزحف صوب المدن والملاعب الأرجنتينية من أجل دعم ومساندة المنتخب الأورجوياني، وسوف تشهد مدينتا سان خوان، وميندوزا تحديداً تواجداً لافتاً لجماهير منتخب أوروجواي نظراً لقربهما من الحدود الفاصلة بين البلدين، وفي حال تأهل المنتخب إلى الأدوار المتقدمة فإنه من المؤكد أن يرتفع عدد الجماهير الراغبة في الزحف خلف منتخبها، حيث يسيطر حلم اقتناص اللقب، واستعادة المجد اللاتيني على جماهير المنتخب الملقب بـ “تشاروا”.
المصدر: دبي