الصلاة نور المؤمن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها» وبها يبلغ المسلم مقام الصديقين والشهداء.
أحمد شعبان (القاهرة)
وقال الشيخ عادل أبو العباس - عضو لجنة الفتوى بالأزهر: من الآيات القرآنية التي جاء بها أمر إلهي للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)، «سورة هود: الآية 114»، وقوله تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)، «سورة طه: الآيتان 131 - 132»، أمر إلهي للنبي - صلى الله عليه وسلم- بأن يأمر قومه بالصلاة وينقذهم من عذاب الله بإقامة الصلاة والصبر عليها فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا أصاب أهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية وهذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويدخل في عمومه جميع أمته وأهل بيته على التخصيص وكان - عليه الصلاة السلام - بعد نزول هذه الآية يذهب كل صباح إلى بيت فاطمة وعلي - رضوان الله عليهما - فيقول: «الصلاة» ويروى أن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - كان إذا رأى شيئا من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ هذه الآية ثم ينادي بالصلاة: الصلاة يرحمكم الله ويصلي وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية.
الفارق بين المسلم والمشرك
والإسلام عظم شأن الصلاة ورفع ذكرها وأعلى من مكانتها فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا»، والصلاة أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله»، وهي الفارق بين المسلم والمشرك قال تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، «سورة التوبة: الآية 11»، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة».
تبعد المؤمن عن المعاصي
والصلاة تبعد المؤمن عن المعاصي قال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)، «سورة العنكبوت: الآية 45»، فمداومة الصلاة والمحافظة على الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهذا من أعظم مقاصدها وثمارها، بالإضافة إلى ذكر الله بالقلب واللسان والجسد لأن الله تعالى خلق الخلق لعبادته وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة التي تشترك فيها كل الجوارح. وتكفر الصلاة الخطايا والذنوب قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)، «سورة هود: الآية 114»، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا: لا يبقى من درنه شيء قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا».
وفي الحديث القدسي الذي يقول فيه الله عز وجل: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل: حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي وإذا قال: مالك يوم الدين قال الله عز وجل: مجدني عبدي وفوض إلى عبدي وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»، فإذا كانت الصلاة فريضة من الفرائض وحقاً على المسلم فإنها في الوقت نفسه تكريم للمسلم وفيها من المنافع ما يعود عليه بالخير الكثير.
الخشوع في الصلاة
على المسلم أن يخشع في صلاته قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، «سورة المؤمنون: الآيتين 1 - 2»، والخشوع هنا يأتي بمعنى لين القلب ورقته وسكونه، فإذا خشع القلب تبعه خشوع الجوارح لأنها تابعة له ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في صلاته: «خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي»، ومن الأمور التي تعين على الخشوع في الصلاة أن يستحضر المسلم عظمة الباري سبحانه وتعالى وأنه واقف بين يدي جبار السموات والأرض قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، «سورة الزمر: الآية 67»، وأن ينظر المسلم إلى موضع السجود ولا يلتفت في صلاته كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه انصرف عنه»، وأن يتدبر القرآن الكريم والأذكار التي يقولها في صلاته.