عمرو عبيد (القاهرة)
عندما يضع لاعب الكرة قدمه داخل المستطيل الأخضر منذ الصغر، فإنه يغوص في أعماق هذا العالم الغريب، ينشغل بكل تفاصيله، يعشق الأضواء والشهرة، يجني الكثير من الأموال، يعاني الإصابات والإيقاف ومطاردة الإعلام، لكن جميعهم يدرك أن أعمارهم داخل الملاعب قصيرة، مهما طالت الفترة، ولهذا يبدأ البعض بالتفكير مبكراً في حياته بعد اعتزاله اللعب، فمنهم من يختار الابتعاد عن عالم الأضواء تماماً، وكثيرون يبدؤون مسيرتهم التدريبية أو الإدارية، ومنهم من يهوى العمل الإعلامي، والبعض يدخل في معترك السياسة والسلطة، بينما يتولى عدد قليل منهم رئاسة أحد الأندية.
وخلال الفترة الأخيرة، تعددت أسماء النجوم السابقين الذين استحوذوا على النصيب الأكبر من أسهم شركات الأندية، ومن ثم أصبحوا رؤساء لها، ومنهم البرازيلي رونالدو «الظاهرة»، الذي قام في بداية شهر سبتمبر الجاري بالإعلان عن صفقة استحواذه على 51% من حصة أسهم نادي بلد الوليد، الذي يشارك في الليجا الإسبانية مقابل 30 مليون يورو، وقال رونالدو، إنه استعد كثيراً لتلك التجربة التي يرغب من خلالها في تكوين فريق قوي، ينافس بشكل حقيقي على الألقاب. وسبقه النجم الإنجليزي الشهير ديفيد بيكهام، الذي أعلن في بداية العام الحالي عن انتهاء دراسة وإعداد مشروع إنشاء فريق كرة قدم يخوض منافسات دوري المحترفين الأميركي، باسم إنتر ميامي، حيث حصل على الموافقة الرسمية للبدء في المشاركة اعتباراً من عام 2020.
وفي مايو الماضي، وقع الأسطورة الأرجنتيني مارادونا عقداً مع نادي دينامو بريست البيلاروسي، صار بموجبه رئيس مجلس إدارة النادي، «قبل توجهه لقيادة أحد فرق الدرجة الثانية بالمكسيك»، أما الفيل الإيفواري الشهير ديديه دروجبا، فهو أول لاعب يصبح مالكاً لأحد الأندية، وهو فينيكس رايسينج الأميركي، وكان ذلك في العام الماضي!
ويسعى هؤلاء النجوم لتحقيق نجاح يقارب ما بلغه أساطير اللاعبين القدامى، الذين تولوا رئاسة أندية عالمية كبرى، وسطّروا تاريخاً عظيماً يماثل إنجازاتهم داخل الملاعب الخضراء، ولعل الأسطورة الإسباني سانتياغو بيرنابيو، هو المثال الأبرز والأنجح في هذا الصدد، حيث تولى رئاسة النادي الذي لعب له ثم قام بتدريبه في منتصف القرن الماضي، إذ جلس على مقعد الرئاسة في عام 1943، وظل قائداً للملكي حتى وفاته عام 1978، ليسجل رقماً قياسياً في رئاسة النادي بلغ 35 عاماً.
وهو أحد عظماء الكرة الذي منح النادي الملكي سمعته وسطوته وتاريخه الكبير، وسمي الملعب الرسمي للميرنجي باسمه حتى الآن، تقديراً لما قام به من تطوير وإنجازات تاريخية، إذ تولى الرئاسة بعد إقالة الحكومة رئيسي الريال والبارسا بسبب الشغب الجماهيري في عام 1943، ليتم انتخاب بيرنابيو في ذات العام، وبعدها أحدث ثورة تطويرية هائلة في النادي، ليضعه في صورة أكثر احترافية ومنظمة لأبعد الحدود. ثم قام بإعادة بناء الملعب الرئيسي ليكون أكبر حجماً وأكثر اتساعاً، بجانب إنشاء عدة ملاعب فرعية للتدريب، قبل أن يشرع في تكوين فريق عالمي عبر التعاقد مع كبار النجوم آنذاك، وعلى رأسهم ألفريدو دي ستيفانو وبوشكاش، ليحصد الملكي في عهده 31 بطولة محلية وقارية، وسطع نجم الريال الأوروبي بقوة في عهد بيرنابيو بعدما فاز بستة ألقاب في دوري الأبطال الأوروبي بجانب كأس إنتركونتيننتال.
وكذلك بايرن ميونيخ الألماني كان أيضاً شاهداً على القيادة الحكيمة الناجحة للاعبي كرة القدم السابقين، لأن فرانز بيكنباور الذي توهج كلاعب طوال 20 عاماً، ونجح كمدرب أيضاً، يُعد أبرز رؤساء البافاري عبر التاريخ، حيث تولى مقعد الرئاسة في عام 1994 قبل أن يترك منصبه في 2009، بعدما قاد البايرن لمدة 15 عاماً، وخلال تلك الفترة قام بيكنباور بالمساهمة في إنشاء شركة كرة القدم وتحويل النادي إلى الوضع الاحترافي الكامل، وفاز النادي تحت رئاسته بـ26 لقباً متنوعاً، وسيطر البافاري في حقبة المدافع الألماني الدولي على كل البطولات المحلية.
وتشير الإحصاءات المالية إلى أن النادي في النصف الثاني من حقبة بيكنباور، بدأ في جنى ثمار التطوير ليتحول المنحنى المالي من الخسارة إلى تحقيق عوائد ضخمة بلغت، على سبيل المثال، 18.9 مليون يورو في موسم 2006/2007.
ولم تكن تجربة بيكنباور هي الوحيدة في تاريخ بايرن ميونيخ، حيث خلفه أولي هونيس مهاجم البافاري السابق بطل أوروبا، الذي تولى منصب المدير العام والتجاري للنادي عقب اعتزاله، وخلال فترة رئاسة بيكنباور، وحقق هونيس العديد من النجاحات الإدارية والمالية خلال تلك الفترة، حيث ساهم في ارتفاع معدل التطور المالي للنادي بنسبة 20%، وبلغ عدد أعضاء النادي رقماً هائلاً تجاوز 230 ألف عضو، ليكون الثاني في ترتيب أندية العالم، وخلال فترته الرئاسية الأولى بين 2009 و2014، حقق البايرن 12 لقباً، حيث استعاد لقب دوري الأبطال بعد غياب استمر لمدة 12 عاماً، بجانب الفوز بمونديال الأندية للمرة الأولى في 2013، وعاد هونيس مجدداً لرئاسة البافاري في عام 2016، حيث حقق طفرة مالية ضخمة في موسم 2016/2017، إذ بلغ المكسب والفائض المالي 33.2 مليون يورو!
سانتياجو بيرنابيو:
بداية فترة رئاسة الريال: 11/9/1943
نهاية فترته الرئاسية: 2/6/1978
مدة الفترة الرئاسية: 35 عاماً
العمر عند تولي الرئاسة: 48 عاماً
العمر عند نهاية الفترة الرئاسية: 82 عاماً
إجمالي البطولات في عهده: 31
فاز بالليجا الإسبانية: 16 مرة
فاز ببطولة أوروبا للأندية: 6 مرات