رضا سليم (دبي)
تتربع الرياضة على عرش العلاقات الإماراتية البرازيلية، التي تمتد لأكثر من 45 عاماً، وهي علاقات تمتد بجذور عميقة تمثل بوابة المستقبل والتعاون المستمر في شتى المجالات، إلا أن الرياضة تبقى ذات أبعاد متشعبة، من خلال مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون وتبادل الخبرات التنظيمية والإدارية وتبادل المعسكرات أيضاً واستضافة البطولات الدولية والمباريات الدولية لمنتخب السامبا، الذي دائماً ما يضع الإمارات وجهة لمبارياته الدولية، ويستضيف استاد محمد بن زايد اللقاء التاريخي الذي سيجمع البرازيل وكوريا الجنوبية يوم 19 نوفمبر المقبل، حيث تتراقص «السامبا» في ضيافة أبوظبي.
وتبقى ذكريات تأهل منتخبنا إلى نهائيات كأس العالم في إيطاليا عام 1990، صفحة ناصعة في تاريخ الكرة الإماراتية، ولن تنسى الجماهير والأجيال السابقة والجديدة، ما قدمه المدربان البرازيليان ماريو زاجالو وكارلوس ألبرتو بيريرا، الأول قاد منتخب الأبيض إلى المجد والصعود للمونديال للمرة الأولى والأخيرة، والثاني قاد الفريق في مباريات المونديال، والمثير أن ألبرتو تولى تدريب الأبيض ثم رحل وتولى مواطنه زاجالو وقاد المنتخب للمجد، وعاد ألبرتو من جديد ليقود الأبيض في إيطاليا.
وتولى ألبرتو تدريب «الأبيض» في الفترة من 1984 إلى 1988، بالإضافة إلى تدريب المنتخب خلال كأس العالم 1990 بإيطاليا، وتميزت هذه المرحلة بالانطلاق، حيث انطلق كارلوس البرتو بالمنتخب الوطني إلى عالم أوسع وأرحب، وأصبح لمنتخب الإمارات خلال تلك المرحلة شخصيته المميزة في الشكل والمضمون، ويعد المدرب كارلوس أحد أذكى المدربين الذين عرفتهم منطقة الخليج.
ويبقى زاجالو هو المدرب الذي تتعلق به الجماهير ونجوم الأبيض والذي أطلق عليه الجيل الذهبي، وتكررت زيارات زاجالو والبرتو إلى الإمارات كثيراً بعد هذا الإنجاز، وهو ما يؤكد أن الإنجاز الكروي للإمارات جاء ببصمة برازيلية.
ولا تقتصر العلاقات الرياضية العميقة بين الدولتين على كرة القدم فقط، بل هناك ألعاب عديدة أبرزها رياضة الجو جيتسو، التي انطلقت في البرازيل وباتت الإمارات موطناً لها، وتعد أحد الأمثلة البارزة على التعاون بين الإمارات والبرازيل في المجال الرياضي خلال السنوات الماضية.
ووقعت الهيئة العامة للرياضة مذكرة تفاهم مع البرازيل بشأن التعاون في مجال الرياضة، عام 2014، وهي الاتفاقية التي تأتي من خلال حرص الدولة على إقامة علاقات فاعلة ومتميزة مع مختلف بلدان العالم، تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك وتعميق أواصر الصداقة مع الشعوب، ودائماً ما تتطلع الإمارات إلى تنمية علاقتها مع جمهورية البرازيل الصديقة وخاصة في المجال الرياضي، والاستفادة من إمكانياتها ومشاريعها في تطوير الرياضة.
ويأتي هذا الربط بين رياضتنا والبرازيل بسبب ما تقدمه «السامبا» من نماذج مبدعة في ربط الرياضة بالاقتصاد، وهي التجارب التي دعمت الاقتصاد البرازيلي، خصوصاً في كرة القدم التي تمثل المنجم الذهبي داخل وخارج البرازيل، وهو ما يجعل السوق الرياضي القادم اقتصادياً واستثمارياً وثقافياً واجتماعياً وسياحياً، كما أن البرازيل تملك رؤية لقيمة الرياضة اقتصادياً وتملك شعباً يعشق ممارسة ومشاهدة الرياضة، وتملك شواطئ ومساحات لاستغلالها في انتشار الرياضة، كما تمتلك مناخاً يساعد على ممارسة الرياضة، وهو ما يجعل للتجربة البرازيلية طابعاً خاصاً.
ويمارس أكثر من 150 مليون لاعب كرة القدم في البرازيل، تم تسجيلهم لدى الاتحاد البرازيلي للعبة، لكن الاتحاد الدولي يقدر عدد ممارسي اللعبة غير المسجلين بما يقارب 11 مليون لاعب، وتساهم كرة القدم في البرازيل بنحو 5% من إجمالي الدخل القومي، وهي تحتل المركز الأول كأكثر الدول تصديرًا للاعبي كرة القدم في العالم، بواقع نحو 1500 لاعب يشاركون في البطولات الدولية والقارية ومختلف الدوريات العالمية.
ويرجع النمو الاقتصادي البرازيلي في تلك الناحية إلى فتح أسواق جديدة، أمام تصدير اللاعبين وتسهيل الحكومة البرازيلية الاستثمارات الرياضية، فلا تجد نادياً أو دورياً أو بطولة إلا وفيها لاعب برازيلي واحد على الأقل يلعب ويلمع نجمه بها، حتى أصبح اللاعبون أحد مصادر توفير العملة الصعبة للبرازيل وجلب الاستثمارات، خاصة في السوق الأوروبية التي تحظى بقوة شرائية عالية.
وتركزت نظريات تطوير الرياضة في العقدين الماضيين، على لاستثمار في المنشآت الرياضية والوسائل الحديثة لرفع معدلات اللياقة البدنية والارتقاء بالمستوى، وفي ظل هذه النظريات التي تعتمد على التمويل في المقام الأول، تفوقت البرازيل بالمهارة واللياقة البدنية والحماس على الاستثمارات الأوروبية في مجال الرياضة، حتى قبل أن يدخل الاحتراف في كرة القدم مراحله التي يشاهدها العالم الآن، حيث المليارات التي تنفق سنوياً على دعم الفرق بالنجوم وغيرها من أوجه الإنفاق.
لقب 2003 في الذاكرة
نجح نجوم السامبا في التتويج بلقب النسخة الرابعة عشرة من كأس العالم للشباب تحت 20 سنة، وهي البطولة التي أُقيمت على أرض الإمارات عام 2003، ليسطر نجوم السامبا إنجازاً جديداً في تاريخهم، ورغم أن منتخب «السيليساو» فاز باللقب عام 2011، إلا أن نسخة الإمارات كان لها طعم خاص، بعدما أقصى الأرجنتين حامل اللقب في البطولة، وواصل مسيرته إلى النهائي، ونجح في الفوز على إسبانيا بهدف دون رد، ويبقى اسم الإمارات، وبالتحديد ملعب مدينة زايد، محفوراً في ذاكرة كرة القدم البرازيلية.
الحمادي في المونديال
اختارت لجنة الحكام بالاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الحكم الدولي يعقوب الحمادي، ضمن طاقم تقنية حكم الفيديو المساعد «VAR» في بطولة كأس العالم للناشئين تحت 17 عاماً التي انطلقت أمس بالبرازيل وتستمر حتى يوم 17 نوفمبر المقبل، ويأتي اختيار الحمادي بعد نجاحه في إدارة مجموعة من المباريات القارية والدولية.
عشاق «السامبا» ينتظرون نوفمبر
ينتظر عشاق منتخب البرازيل أو «السيليساو» صاحب الرقم القياسي لإحراز كأس العالم بخمسة ألقاب، اللقاء التاريخي الذي يجمع البرازيل وكوريا الجنوبية، يوم 19 نوفمبر المقبل، باستاد محمد بن زايد، لتعزز العاصمة ريادتها ومكانتها في مقدمة الوجهات الرياضية العالمية، وهي المباراة التي جاءت للاتفاق الذي تم بين الاتحاد البرازيلي لكرة القدم ومجلس أبوظبي الرياضي، وتتضمن الجولة العالمية لمنتخب البرازيل في المنطقة زيارة إلى الإمارات، وخوض مباراة ودية.
ويعود منتخب السامبا بكتيبة نجومه العالميين إلى الإمارات من جديد، بعد 14 عاماً على آخر مباراة خاضها المنتخب الأكثر فوزاً بكأس العالم بخمس بطولات، وكأس القارات بأربع بطولات على ملاعب الإمارات.
ومن المتوقع، أن تشهد مبيعات التذاكر الخاصة بالمباراة، التي يتم طرحها قريباً، إقبالاً واسعاً، لما يتمتع به منتخب البرازيل من شعبية عالمية كبيرة، كما تمثل هذه الاستضافة دلالة جديدة على المكانة المرموقة والرائدة التي وصلت إليها أبوظبي، على صعيد التطور الرياضي، في مشهد صناعة واستضافة الفعاليات الرياضية العالمية، وتجسد تفاعل مجتمع الإمارات، وعكس الصورة النموذجية لقيم التعايش بين جميع الجنسيات بتسامح وسلام على أرض الإمارات.
الأسطورة كارلوس.. بدرجة سفير
بصم النجم البرازيلي، روبرتو كارلوس، في بطولة كأس العالم للأندية «الإمارات 2018»، حيث تحول إلى سفير للبطولة، من خلال توجيه الدعوة للجمهور لحضور مباريات إحدى أهم بطولات الأندية على مستوى العالم، وذلك خلال زيارة قام بها أسطورة كرة القدم العالمية إلى الدولة، قبل شهرين من انطلاقة الحدث، خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتحفيز عشاق الكرة لمشاهدة نخبة لاعبي العالم يتنافسون على أغلى الألقاب. ويعد الأسطورة البرازيلية، أحد أشهر المدافعين في مركز الظهير الأيسر على مر الزمن، وحفلت مسيرته الاحترافية بـ800 مباراة، لعب خلالها مع نخبة الأندية العالمية، في ثلاث قارات مختلفة.