محمد الأمين (أبوظبي)
أقرت المحكمة الاتحادية العليا مبدأً قانونياً مفاده باختصاص المحاكم الاتحادية بالنظر في المنازعات الإدارية التي تكون الجهات الاتحادية طرفاً فيها، شريطة اتصالها بالمنازعة اتصالاً مؤثراً فيه وليس مجرد اختصام، وأن نص المادة (25) مكرر من قانون الإجراءات المدنية يقرر أن المحاكم الاتحادية هي المنوط بها نظر المنازعات الإدارية التي تكون الجهات الاتحادية طرفاً فيها أي تكون الدولة أو أحد أجهزتها أو مصالحها أو هيئاتها أو مؤسساتها طرفاً في النزاع.
وقبلت الاتحادية العليا الطعن رقم 228 لسنة 2016 إداري، ورفضت حكم محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلانه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وأقرت أن الدعوى صالحة للفصل فيها بحالتها ومن ثم تتصدى المحكمة لها عملاً بحكم المادة (184) من قانون الإجراءات المدنية، وفق ما سيرد بمنطوق هذا الحكم.
وتتحصل القضية في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 152، إداري كلي أبوظبي اتحادي، اختصمت فيها مع المطعون ضدهما طالبة الحكم ببطلان مذكرة التفاهم المبرمة بين المدعية «الطاعنة» والمدعى عليها الأولى «المطعون ضدها الأولى» لتخلف الشكل القانوني لانعقادها، وعدم ترتيب أي أثر لها مع إلزام المدعى عليها الثانية تقديم ما تحت يدها من مستندات ليصدر الحكم في مواجهتها، وقضت المحكمة برفض الدعوى.
واستأنفت الطاعنة، وقضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء ببطلانه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، فأقام الطاعن طعنه الماثل .
ولما كان ذلك وكانت المطعون ضدها الثانية «وزارة الاقتصاد» ليست طرفاً في النزاع كجهة اتحادية ولا يغير من ذلك قيام الطاعنة باختصام هذه الجهة بحسبان أنها غير متصلة بموضوع النزاع اتصالاً مؤثراً فيه، وحيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها بحالتها ومن ثم تتصدى المحكمة لها عملاً بحكم المادة (184) من قانون الإجراءات المدنية.
في سياق آخر، أرست المحكمة الاتحادية العليا، مبدأً قانونياً مفاده بأنه «يشترط لتحقق عدم جواز نظر الدعوى، لسابقة الفصل فيها، أن تتحد الدعوتان في الموضوع والأطراف والسبب، فإن اختلف أحد هذه العناصر فلا تتحقق وحدة الخصومة في الدعوتين».
ورفضت المحكمة الطعن رقم 330 لسنة جزائي، لعدم اتحاد الدعوتين في الموضوع.
وتعود تفاصيل القضية إلى أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن بدائرة الشارقة، سرقة الشيك مسحوباً على بنك رأس الخيمة الوطني، واشتراكه وآخر مجهول في تزوير محرر عرفي (الشيك محل الاتهام الأول)، وذلك بأن تم ملء بياناته ومهره بتوقيع نسب زوراً إلى المجني عليه، خلافاً للحقيقة على النحو المبين بالتحقيقات، واستعمل المحرر المزور محل الاتهام الثاني مع علمه بتزويره، وذلك بأن قدمه للبنك ليتم صرف قيمته على النحو المبين بالتحقيقات، وقضت محكمة أول درجة بتغريم الطاعن مبلغ عشرين ألف درهم عما هو منسوب إليه من اتهام للارتباط ومصادرة المحرر المزور الشيك، وإتلافه، وبإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة الشارقة المدنية للفصل فيها.
فاستأنف المحكوم عليه، وقضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم الطاعن عشرة آلاف درهم عن التهم المسندة إليه للارتباط وتأييد الحكم المستأنف، ولم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فطعن عليه بالطعن الماثل، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى قانونا، وذلك لسبق الفصل فيها جزاء الشارقة، والتي تمت فيها براءة الطاعن عن الشيك رقم 810121، وهو أحد الشيكين اللذين حررهما الشاكي للطاعن نظير معاملة تجارية واحدة إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه الرد الكافي، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.