دينا محمود (الاتحاد)
عادت فضائح الصناديق السيادية القطرية إلى تصدر واجهة الأحداث في الولايات المتحدة، بعدما أصدرت محكمةٌ في مدينة نيويورك اليوم حكماً بالسجن بحق ابن شقيق الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في قضيةٍ يتورط فيها واحدٌ من هذه الصناديق، التي سبق وأن افتضح مؤخراً أمر ضلوع أحد كبار مسؤوليها، في مباحثاتٍ تناولت إمكانية تقديم رشاوى إلى مقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب فور فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وتمحورت القضية الجديدة - التي نظرتها محكمةٌ في مدينة نيويورك - حول تورط المتهم الكوري الجنوبي الجنسية المقيم في أميركا في ترتيب تقديم رشوةٍ للصندوق السيادي القطري، بهدف تسهيل صفقة استحواذه على مجمع مبانٍ في العاصمة الفيتنامية هانوي، يتألف من أكثر من 70 مبنى.
وأدانت المحكمة المتهم الذي يُدعى «جون هيون بان»، بالضلوع في الصفقة المشبوهة التي دارت الاتصالات الخاصة بها خلال عامي 2014 و2015، والتي استهدفت مساعدة الشركة المالكة للمجمع على مواجهة أزمة سيولة كانت تعاني منها في تلك الفترة.
وبحسب أوراق الدعوى التي نظرتها محكمةٌ في حي مانهاتن الشهير في نيويورك، أقر المُدان بمخالفته للقوانين المُطبقة في الولايات المتحدة لمكافحة الفساد الخارجي، واعترف بعلاقاته مع القطريين على صعيد إتمام الصفقة التي كانت ستعود بالنفع على والده، وهو أحد مديري الشركة الكورية الجنوبية المالكة لمجمع المباني الشهير في هانوي.
وأفادت حيثيات الحكم بأن ابن شقيق الأمين العام السابق للأمم المتحدة - الذي قضت المحكمة بسجنه ستة شهور - اعترف بأنه كان على علمٍ بأنه «سيدفع رشوةً قدرها نصف مليون دولار إلى مسؤول في صندوق الثروة السيادي القطري عبر وسيط». ويُدعى هذا الوسيط مالكوم هاريس، وهو مدونٌ ومصممٌ للأزياء يعمل في نيويورك.
ولم تتضمن أوراق القضية - التي كُشِفَ النقاب عنها حتى الآن - أي إشارة إلى رفض المسؤولين عن الصندوق السيادي القطري دفع الرشوة، وهو ما يوحي بأن الصندوق الذي كان يباهي في تلك الفترة بموارده الكبيرة، كان بصدد الاستجابة للصفقة المشبوهة المعروضة عليه، والتي تشابه في تفاصيلها الكثير من المعاملات المالية المثيرة للجدل التي انخرط فيها مسؤولوه في بلدانٍ مختلفة من العالم طيلة السنوات الماضية.
ويزيد تفجر هذه الفضيحة الجديدة من المآزق التي تمر بها الصناديق السيادية القطرية التي أُجبِرَت خلال الشهور الأخيرة، على بيع العديد من أصولها في دولٍ غربيةٍ كبرى، وذلك في محاولةٍ لتعويض جانبٍ من الخسائر الفادحة التي مُني بها اقتصاد الدويلة المعزولة بفعل المقاطعة المفروضة عليها من جانب الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين).
كما تأتي في وقت لم يتعافَ فيه مسؤولو تلك الصناديق بعد من تَبِعات الفضيحة المعروفة بـ«رشوة ديسمبر»، التي فجرتها وسائل إعلام أميركية وبريطانية في مايو الماضي، وكشفت من خلالها عن تورط أحمد الرميحي رئيس وحدة «قطر للاستثمار»، التابع لـ «جهاز قطر للاستثمار» في محاولات محمومة استهدفت إقامة صلات مع إدارة ترامب خلال فترة تشكل ملامحها نهاية عام 2016، وهو ما شَمِل محاولة تقديم رشاوى لبعض أركان هذه الإدارة.