19 يناير 2012
(دبي) - بلغ إجمالي الاستثمارات التراكمية المصدرة من دولة الإمارات الى الخارج خلال الفترة من 2007 وحتى نهاية 2011 نحو 36,9 مليار دولار(135,4 مليار درهم)، وفقاً لتقديرات البنك الدولي.
وقدر البنك في تقرير صدر عنه امس، إجمالي الاستثمارات المتدفقة من الإمارات الى الخارج خلال العام 2011 بنحو 1,81 مليار دولار، مقارنة مع تدفقات سابقة للعام 2010 بلغت 2,01 مليار دولار، مشيراً الى أن الإمارات تصدرت بلدان المنطقة في التدفقات الاستثمارية المتجهة للخارج خلال السنوات الخمس الماضية، تلتها الكويت بنحو 30,5 مليار دولار، ثم قطر بنحو 26,7 مليار دولار.
وأكد البنك في تقرير” الآفاق الاقتصادية العالمية 2012” قدرة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على استيعاب المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي في ظل الأزمة الأوربية، متوقعاً أن يبلغ متوسط النمو الاقتصادي لبلدان المنطقة العام الحالي نحو 3,7% قبل أن يرتفع الى 4,5% العام المقبل، وهو ما يتجاوز النمو العالمي المتوقع للعام الحالي عند 2,5% وكذلك للعام المقبل عند3,1%.
وقدر البنك في تقريره حجم العائدات النفطية للبلدان الرئيسية المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي بنحو 785 مليار دولار، بزيادة قدرها 200 مليار دولار عن العام الماضي.
واشار البنك الى أن نصيب دول مجلس التعاون الخليجي من هذه العائدات بلغ 550 مليار دولار تقريباً، لافتا الى ان بلدان المنطقة سجلت زيادة في العائدات النفطية قدرها 150 مليار دولار مقارنة بالعام 2010، وذلك بعد الارتفاع القوي في اسعار النفط خلال العام الماضي، فيما بلغ نصيب البلدان النامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا المصدرة للنفط مثل الجزائر وايران بنحو 50 مليار دولار.
وقال البنك في تقريره بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط إن التغيرات السياسية الجذرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عطلت النشاط الاقتصادي إلى حد كبير، ولكن على نحوٍ انتقائي في أنحاء المنطقة، في حين بدأت الأوضاع الخارجية المتدهورة في التأثير سلبياً على التجارة وأسعار السلع الأولية والسياحة والإيرادات الأخرى.
وأوضح أن البلدان النامية المصدرة للنفط وبلدان مجلس التعاون الخليجي المرتفعة الدخل استفادت من ارتفاع أسعار البترول، ولكنها تبقى معرضة لهبوط مفاجئ في الأسعار.
ووفقاً للتقرير تواجه المنطقة في الوقت الراهن طائفتين من التوترات وعدم وضوح الرؤية، وهما إمكانية استمرار الاضطرابات السياسية أو تفاقهما، واحتمالات تدهور الأوضاع في بلدان أوروبا المرتفعة الدخل، وهو ما يلقي بظلاله بالفعل على تجارة السلع، وأسعار السلع الأولية، والسياحة، وغيرها من الإيرادات عن أنشطة التصدير.
الناتج المحلي
وتشير التقديرات إلى أن الزيادة في إجمالي الناتج المحلي بالبلدان النامية في المنطقة بلغت 1,7% خلال عام 2011، انخفاضاً من 3,6% عام 2010، وسيبقى النمو على الأرجح على انخفاضه عام 2012، بنسبة تصل إلى 2,3%، سواء بالبلدان المصدرة للنفط (بما يعكس جزئياً تراجع أسعار النفط) أم البلدان المستوردة للنفط، التي يرتبط العديد منها (كالمغرب وتونس ومصر) بروابط اقتصادية وثيقة ببلدان أوروبا المرتفعة الدخل، في حين يرتبط غيرها (كالأردن ولبنان) ارتباطاً أقوى ببلدان مجلس التعاون الخليجي، ومن المتوقع للنمو أن تتسارع وتيرته إلى 2,2 % بحلول عام 2013، مع انتعاش الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمارات، وعودة التدفقات التقليدية للإيرادات (كالسياحة وتحويلات المغتربين) إلى طبيعتها، مع افتراض تراجع حدة القلاقل الأهلية.
ورغم أن العديد من بلدان المنطقة، ومن بينها تونس والمغرب والأردن، كان على وشك تحقيق نمو ايجابي فيما يبدو أو تحسينه في أواخر 2011، فإن نشوب الأزمة المالية في البلدان المرتفعة الدخل كان سبباً على الأرجح في تأخير ذلك، وفيما يتعلق بالبلدان النامية التي تستورد كميات من النفط أكثر مما تصدر، تخيم التوقعات بشأنها محدودية حيزها المالي، وذلك بسبب تآكل الاحتياطيات واستمرار التوترات الاجتماعية في العديد من بلدان المنطقة.
وتقع البلدان النامية المصدرة للنفط بحسب التقرير في مركز أفضل يؤهلها لتحمل وطأة الأزمة، حيث تستفيد الدخول والإيرادات الحكومية من أسعار النفط التي مازالت على ارتفاعها، وبلغ إجمالي إيرادات المنطقة الجغرافية من تصدير المواد الهيدروكربونية 785 مليار دولار عام 2011، مع استئثار بلدان نفطية نامية (مثل الجزائر وإيران وسوريا واليمن) بنحو 50 مليار دولار مما تحقق من زيادة في الإيرادات ذلك العام ومقدارها 200 مليار دولار، ورغم أن أوضاع المالية العامة في هذه البلدان مازالت مستدامة في ظل الأسعار الحالية، فإن تراجعت أسعار النفط بحدة إذا ماتدهورت الأوضاع الخارجية تدهوراً شديداً، فقد تضطر الحكومات إلى الحد من الإنفاق.
الأموال الخارجية
وأشار التقرير الى رؤوس الأموال الخارجية تقلصت بشدة على البلدان النامية بالمنطقة على مدار السنة، فقد تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (من بلدان مجلس التعاون الخليجي بالدرجة الأولى) بنسبة تقارب 40 %، ويقدر أن يكون حجم تدفقات الأسهم والسندات قد انخفاض خلال الربعين الثالث والرابع من السنة إلى مستويات لا تتجاوز نصف ما سجلته عام 2010، غير أن المعونة الرسمية من بلدان مجلس التعاون وغيرها نجحت في تعويض جزء كبير (وصل أحياناً إلى أكثر من 100 %) من فاقد السيولة المالية بالعديد من بلدان المنطقة - وساعدت بعض البلدان التي تمر بمراحل انتقالية تعويض العجز المالي.
المخاطر
قال التقرير إن المنطقة تواجه حالة من الضبابية الشديدة، ومع اضطرارها لمواجهة مخاطر الاحتجاجات المستمرة وأزمة حقيقية تعانيها منطقة اليورو، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطبيعتها عرضة للتأثر الشديد بتفاقمات الأزمة الأوروبية، بالنظر إلى ما يربط بينهما من صلات قوية وعريضة من خلال التجارة، وتدفقات السائحين، وتحويلات المهاجرين، وكذلك، وإن تم بدرجة أقل، الروابط التمويلية. ففيما يتعلق بالتجارة، ستشعر المنطقة بوطأة شديدة من تأثيرات بطء النمو في أوروبا، والنمو العالمي أيضاً، من خلال القنوات التجارية، ولاسيما النفط، وسيمتد الأمر ليشمل السلع المصنعة، فكل من البلدان المستوردة للنفط والبلدان النامية المصدرة له (باستثناء إيران) لديها روابط تصديرية قوية مع الاتحاد الأوروبي، وبالأخص سوريا، التي تستأثر بلدان الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرين بنحو 80 % مما تصدره من شحنات تصدير الوقود، والجزائر التي يستأثر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالجزء الأكبر من شحناتها.
وفيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية، رجح التقرير ان يشهد مستوردو النفط من بلدان المنطقة تراجعاً في عجز المالية العامة إذا حدث ركود اقتصادي ملموس، في حين يتأثر مصدرو النفط بضعف الطلب وانخفاض الإيرادات نتيجة لتراجع الأسعار.
وبافتراض إمكانية تعويض العجز المالي من خلال أسواق رأس المال الدولية، فقد يتراوح تأثير الأزمة على إجمالي الناتج المحلي بين ناقص 0,8 وناقص 1,2 فيما يتعلق بمستوردي النفط، وبين ناقص 0,2 وناقص 0,6 فيما يتعلق بمصدري النفط.
السياحة
وفيما يتعلق بالسياحة، شهدت معدلات تدفق السائحين على المنطقة انخفاضاً لم يسبق له مثيل، وكانت سوريا هي الأشد تضرراً، إذ انخفض عدد زوارها بنسبة 80 % عام 2011، وتلاها الأردن بنسبة 57%، وتونس بنسبة55 %، ومصر بنسبة 30%.
وفيما يتعلق بالتحويلات، بقيت تحويلات العاملين المغتربين قوية نسبياً، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى نحو 2,6%، ففي حين كان من المتوقع أن يؤدي ضعف الأوضاع في أسواق العمل الأوروبية إلى انخفاض تحويلات العاملين المغتربين إلى أوطانهم، فإن البيانات المتوافرة تشير إلى ارتفاع القيمة الدولارية لهذه التدفقات بمقدار 500 مليون دولار لكل من مصر والمغرب، وبمقدار 100 مليون دولار للبنان، ولم يتأثر الأردن وتونس إلا بانخفاضات متواضعة، وفي الوقت نفسه ساعدت الإيرادات النفطية بلدان مجلس التعاون الخليجي على تحقيق مكاسب ملموسة في إجمالي الناتج المحلي عام 2011، وهو الأمر الذي أسهم بدوره في تعزيز النشاط الاقتصادي، وتشغيل الأيدي العاملة، وتدفق التحويلات إلى الخارج.
خلص التقرير الخاص بمنطقة الشرق الأوسط الى أن المخاطر تميل إلى التفاقم في المنطقة، نظراً لشدة تأثر العديد من بلدانها بما يحدث في أوروبا واعتمادها على أسعار السلع الأساسية، وسيتعين على هذه البلدان القيام بعمل حاسم لوضع أجندة إصلاحية واسعة النطاق بهدف تعزيز النمو الذي يشمل الجميع بمكاسبه، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وبناء الثقة، وترشيد التوقعات، وجني الثمار الطويلة الأجل لهذه التحولات التاريخية.
التراجع الاقتصادي
حذر البنك الدولي من أنه على البلدان النامية أن تستعد لمواجهة مخاطر استمرار التراجع الاقتصادي، بعد أن أسفرت مشاكل الديون بمنطقة اليورو وضعف النمو في العديد من كبرى الأسواق الناشئة عن الحد من آفاق النمو العالمي.
وخفض البنك في تقريره من توقعاته لنمو البلدان النامية عام 2012 إلى 5,4 %، ونمو البلدان المرتفعة الدخل إلى 1,4 % ( -0,3 % لمنطقة اليورو) مقارنة بتوقعاته في شهر يونيو والتي كانت 6,2 و2,7 % (1,8 % لمنطقة اليورو) على التوالي. ويقدر النمو العالمي الآن عند 2,5 % و3,1 % لعامي 2012 و2013 على التوالي.
وبحسب التقرير، فقد أثر بطء النمو بوضوح على التجارة العالمية وأسعار السلع الأولية. وزادت الصادرات العالمية من السلع والخدمات بنسبة 6,6 % عام 2011 (منخفضة من 12,4 % عام 2010)، ومن المتوقع ارتفاعها بنسبة 4,7 % فقط عام 2012. وفى الوقت نفسه، انخفضت الأسعار العالمية للطاقة والمعادن والسلع التعدينية والمنتجات الزراعية بنسب 10,25 و 19 % على التوالي منخفضة عن مستوياتها القياسية في أوائل 2011.
وأدى انخفاض أسعار السلع الأولية إلى الحد من معدلات التضخم في معظم البلدان النامية. ورغم انخفاض الأسعار العالمية في الأشهر الأخيرة بنسبة 14 % عن مستواها القياسي في فبراير 2011، استمرت مسألة الأمن الغذائي للسكان الأشد فقرا بما في ذلك في بلدان القرن الأفريقي من المشاغل الرئيسية.
الملامح الإقليمية
في حين تعافت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ سريعا من كارثة توهوكو في اليابان في مارس 2011، بدأ كل من الفيضانات في تايلند، والاضطرابات في أوروبا، في التأثير على النمو الإقليمي. فبعد وصول معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي إلى 9,7 % عام 2010 بلغ 8.2 % عام 2011، لكن من المتوقع انخفاض المعدل إلى 7.8 % عامي 2012 و2013. ففي الصين التي يشكل إجمالي ناتجها المحلى نحو 80 % من إجمالي الناتج المحلى للمنطقة، انخفض معدل النمو من 10,4 % عام 2010 إلى ما يُقدر بنحو 9.1 % عام 2011، ومن المتوقع انخفاضه إلى 8.4 % عام 2012 مع استمرار السلطات الصينية في الحد من النمو “السريع بإفراط” في شرائح معينة من الاقتصاد.
وشهد معدل نمو إجمالي الناتج المحلي زيادة طفيفة في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى من نواتج عام 2010 إلى 5,3 % عام 2011، على الرغم من التقلبات المالية العالمية منذ أغسطس عام 2011 وضعف الطلب الخارجي خاصة من منطقة اليورو. ولكن الركود الاقتصادي المتوقع في البلدان الأوربية المرتفعة الدخل والضغوط التضخمية في المنطقة ونقص تدفقات رؤوس الأموال بسبب أزمة منطقة اليورو، كل هذا قد يؤدي إلى انخفاض معدل النمو بالمنطقة إلى 3,2 % عام 2012 قبل أن يتحسن بحلول عام 2013 إلى 4,0 %، ومن شأن العلاقات التجارية والمالية القوية أن تجعل النتائج بالمنطقة معرضة للتأثر بالتطورات في منطقة اليورو.
وتشير التقديرات إلى نمو منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بمعدل 4,2 % عام 2011، ولكن من المتوقع انخفاضه إلى 3,6 % عام 2012 قبل أن يرتفع مرة أخرى إلى 4,2 % عام 2013. وقد تأثرت آفاق النمو بسبب ضعف النمو العالمي، وبطء النمو في الصين، وعدم اليقين بسبب أزمة ديون منطقة اليورو، وبطء الطلب المحلى نتيجة للسياسات السارية للسلع. وتوقف النمو في البرازيل خلال الربع الثالث، ومن المتوقع أن يسجل 3,4 % عام 2012، بارتفاع طفيف عن معدله عام 2011، ولكن بانخفاض عن مستواه البالغ 7,5 % عام 2010. ومن المنتظر أن يتأثر العديد من بلدان المنطقة بشدة إذا ما استمرت الأسعار العالمية للسلع الأولية في الانخفاض بحدة. تباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي في منطقة جنوب آسيا إلى 6,6 % عام 2012 من 9,1 % عام 2010، مما يعكس الركود الحاد في النصف الثاني من العام في الهند وفي البيئة الخارجية المعاكسة.
وتأثرت الصادرات سلبا بالطلب الخارجي المحدود وتزايدت التحويلات على نحوٍ ضعيف، وانخفض الطلب المحلي إلى حد كبير بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض وارتفاع أسعار الواردات والمخاوف من الركود العالمي وتأخر الإصلاحات. ومن المتوقع أن يصل إجمالي الناتج المحلي للمنطقة إلى 5,8% عام 2012 قبل أن يرتفع إلى 7,1 % عام 2013، وتبقى المخاوف من ارتفاع التضخم والعجوزات المالية. ويستمر النمو في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء عند معدل 4,9 %. وباستثناء جنوب أفريقيا التي تسهم بما يزيد على ثلث إجمالي الناتج المحلى للمنطقة، كان النمو في باقي بلدان المنطقة أكثر ارتفاعاً، حيث وصل إلى 5,9 % عام 2011، مما يجعلها واحدة من أسرع مناطق العالم نموا. ومن المتوقع أن يرتفع النمو في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء إلى 5,3 % عام 2012، وإلى 5,6 % عام 2013، وذلك من جراء زيادة التدفقات الاستثمارية، وارتفاع إنفاق المستهلكين، وبدء الصادرات الجديدة من المعادن في العديد من البلدان. لكن صادرات السلع وعائدات السياحة وأسعار السلع الأولية والاستثمار الأجنبي المباشر والتحويلات، كل ذلك معرض للتأثر بالركود في منطقة اليورو.